دليل بلخودير يروج للثقافة السينمائية العربية في الصين

المخرج الجزائري ينوه في هذا الحوار بتجربته حول تأسيس أول مهرجان رقمي للفيلم القصير ويكشف عن أهمية الشراكات الدولية في تبادل لغة الصورة الفنية على الصعيد العربي والافريقي.

الرباط - شارك المخرج الجزائري الدكتور دليل بلخودير، مدير ومؤسس مهرجان البوابة الرقمية للفيلم القصير الدولي، كممثل عن الجزائر في لجنة التحكيم الدولية لمهرجان شجرة الذهب ولوونغ  لأفلام الوثائق في الصين، وأقيم المهرجان بمدينة ولوونغ بمقاطعة تشونغ تشانغ في جمهورية الصين الشعبية خلال الفترة من 01 إلى 06 يناير/ كانون الثاني2024

وقد تم اختياره ليكون عضوا في لجنة التحكيم التي ضمت سبعة أعضاء من بينهم: المخرجة ليو حيه والمخرج والمنتج فإن ليكسين من الصين، والمخرج مجيد موفاسيغي من إيران، والمخرج والمنتج ستانيسلاف إيرشوف من روسيا، والأستاذ والباحث الجامعي الدكتور رومان فيليب وبميديو من فرنسا، والمخرج والمنتج دافيدي مانغانارو من إيطاليا، ثم المخرج الدكتور دليل بلخودير من الجزائر.

وفيما يلي حوار مع المخرج الجزائري دليل بلخودير حول مشاركته في آخر الأنشطة الثقافية السينمائية العربية الدولية:

كيف وجدت فكرة إنشاء مهرجان البوابة الرقمية للفيلم القصير الدولي؟

فكرة إنشاء مهرجان البوابة الرقمية للفيلم القصير الدولي كانت تراوغني منذ عدة سنوات لأنها لا تحتاج إلى موارد كبيرة لتحقيقها ونستطيع من خلال مهرجان رقمي متاح على الشبكة العنكبوتية الوصول إلى عدد كبير من عشاق فن صناع الأفلام، ومن كل نواحي المعمورة، ثم جاءت جائحة كورونا ومعها تعليق كل الانشطة الثقافية في الجزائر على غرار كل دول العالم.

وكانت جائحة كورونا والحجر الصحي المرافق لها بمثابة فرصة لتحقيق هذا الحلم، فقمت أنا ومجموعة من المساعدين بإنشاء الهيئة المنظمة للمهرجان، بالتواصل مع عدد من الأصدقاء في دول مختلفة عبر العالم وعرضت عليهم شخصيا الانضمام إلى لجنة الانتقاء والاختيار والتحكيم.

وكانت ردة الفعل إيجابية للغاية وهنا يتوجب عليا أن أخص بالشكر الصديق والأخ الدكتور أبوشعيب المسعودي من المغرب الذي لعب دور محوري في هذه المرحلة المهمة حيث ساهم في ولادة مهرجان جديد.

فقد كانت هناك أصوات كثيرة شككت في قابلية الفكرة للتحقيق على أرض الواقع، وهذا الأمر زاد من الحماس والرغبة في تجسيد هذا المشروع الثقافي الرائد على الصعيدين العربي والإفريقي.

ما هي الرؤية التي كنت تسعى لتحقيقها من خلال إطلاق هذا المهرجان؟

من بين الأهداف الأساسية التي حددناها عند إنشاء مهرجان البوابة الرقمية للفيلم القصير الدولي، هو السعي إلى تعميم اللغة السينمائية وثقافة الصورة، خاصة بين الشباب من كل أقطار الوطن العربي وتمكينهم من المشاركة جنبا إلى جنب مع صناع الأفلام من باقي دول العالم.

ما هو دور الفيلم القصير في الثقافة السينمائية الجزائرية والعالمية من وجهة نظرك؟

يظهر الفيلم القصير اليوم كمحفز قوي في المشهد السينمائي، خاصة في العالم العربي، على الرغم من مدته المحدودة، إذ تحمل هذه الأعمال المكثفة وزنا مهما في تعزيز الإبداع وتفجير المواهب الجديدة بين الشباب السينمائي، حيث تتيح الأفلام القصيرة للمخرجين الناشئين التعبير بسرعة، وتجربة أنماط سردية وجمالية مختلفة دون القيود المالية واللوجستية للأفلام الطويلة، إذ تعزز هذه الحرية الفنية الابتكار وتنوع القصص ، مما يوفر نسمة من الهواء النقي للسينما المعاصرة.

وفي سياق العالم العربي، يلعب الفيلم القصير دورا حيويا في الحفاظ على التنوع الثقافي للمنطقة ونشره من خلال استكشاف المواضيع المحلية والعالمية بشكل موجز، كما تساهم هذه الأفلام في تفكيك الصور النمطية وتعزيز التفاهم بين الثقافات.

وتولي المؤسسات والمبادرات الداعمة للسينما في العالم العربي اهتماما خاصا بالأفلام القصيرة من خلال تقديم المنح وبرامج التوجيه لتنمية جيل جديد من المخرجين، وبالتالي يظهر الفيلم القصير كبطل أساسي في تطوير السينما بين الشباب السينمائي في العالم العربي، مشكلا مستقبل السرد المرئي واحتفالا بثقافة المنطقة الغنية على شاشات العالم بأسره.

كيف كانت تجربتك كعضو لجنة التحكيم الدولية في مهرجان شجرة الذهب ولوونغ الصيني؟

كانت تجربتي مثيرة ومجزية، إذ غمرتني بمناظر سينمائية متنوعة ومبتكرة، وكان لي شرف اكتشاف أعمال استثنائية تجاوزت حدود الإبداع، حيث منحنى غنى الأفلام الوثائقي تجربة شاملة في المشهد السينمائي الصيني والعالمي وأضافت المناقشات المشوقة مع زملائي في اللجنة بعدا محفزا لهذه المغامرة فهم جميعا خبراء متميزون، وأيضا جودة الأعمال والتزام الفنانين السينمائيين رفعت مستوى المهرجان مسلطة الضوء على قصص قوية ورؤى فريدة.

هل كانت هناك تحديات محددة تواجهك أثناء تقييم الأفلام كجزء من اللجنة الدولية؟

كان تقييم الأفلام الوثائقية يشكل تحديات متنوعة ومحفزة، ومن بين هذه التحديات:

تنوع المواضيع، حيث تناولت الأفلام الوثائقية مجموعة متنوعة، وفي بعض الأحيان كانت معقدة ومحددة للثقافة الصينية، وكان من الضروري تقييم الأفلام بشكل عادل حسب الجودة، وذلك يتطلب فهما عميقا للثقافة والتاريخ المحليين.

وكانت بعض الأفلام الوثائقية باللغة الصينية دون ترجمة إلى اللغة الإنجليزية، مما جعل فهم التفاصيل الدقيقة أكثر صعوبة، وكان من الضروري الاعتماد على الترجمات، ولكن هذا قد يخلق أحيانا عقبات في فهم المحتوى بشكل كامل.

ما هي المميزات التي لاحظتها في الأفلام المشاركة في المهرجان الصيني؟

تتميز الأفلام الوثائقية الصينية المعاصرة بقدرتها على التقاط التطور السريع في المجتمع الصيني، واستكشاف مواضيع عميقة وحساسة في بعض الأحيان، وغالبا ما تعكس التحولات الاجتماعية المختلفة، وتبرز مواضيع مثل التحضر والهجرة والتحديات المتعلقة بالتنمية الاقتصادية، كما تتناول بعض الأفلام الوثائقية قضايا سياسية حساسة.

وتسلط العديد من الأفلام الوثائقية الصينية الضوء على قصص شخصية، مما يوفر منظورا حميما على حياة الناس العاديين، ويخلق ذلك ارتباطا عاطفيا مع الجمهور ويسمح باستكشاف عميق للتجارب الفردية في إطار المجتمع الصيني المتغير، بينما تتبنى بعض الأفلام الوثائقية نهجا مبتكرا في السرد والسينمائية، وتمزج في بعض الأحيان بين عناصر الخيال والحقائق لإنشاء قصص قوية وإبداعية.

هل تعتقد أن هناك تفاعلا ثقافيا بين السينما الجزائرية والصينية من خلال مشاركتك في هذا المهرجان؟

تشترك السينما الجزائرية والسينما الصينية في تشابهات عدة على الرغم من تنوع ثقافاتهما، وتكمن الاختلافات في الأساليب السردية والمواضيع المطروحة، مما يعكس السياقات الاجتماعية والسياسية المتميزة لكل بلد.

ويمكن أن يساهم التعاون بين هذه المهرجانات في تعزيز التبادل الثقافي المثمر، وتوفر الإنتاجات المشتركة فرصة لدمج المواهب الإبداعية ومشاركة قصص فريدة لجمهور عالمي.

وفي هذا الإطار خصوصا يعد دور مهرجان البوابة الرقمية للفيلم القصير الدولي في التعاون الدول أمرا حاسما، حيث تعزز الاتفاقيات المبرمة من نشر الأفلام وتوسيع الآفاق الفنية وتقوية الروابط بين صناع الأفلام من البلدين.

كيف يمكن للأفلام القصيرة أن تسهم في تعزيز التبادل الثقافي بين الدول؟

من خلال تقديم وجهات نظر متنوعة بشكل موجز، مما يعزز التفاهم بين الثقافات المختلفة ويشجع على الحوار بين البلدان.

هل هناك خطط لتطوير مهرجان البوابة الرقمية للفيلم القصير في المستقبل؟

التصور  هو أن يكون هناك إحدى عشرة دورة سنوية للمهرجان على الفضاء الرقمي ودورة واحدة في سنة حضورية هنا في الجزائر، ومازلنا نعمل على تحقيق هذا الهدف.

هل يمكنك مشاركة أي قصص ناجحة أو لحظات مميزة حدثت خلال فترة المهرجان في الصين؟

الشيء الطريف حقا أثناء مداولات لجنة التحكيم الدولية هو عدد اللغات التي كنا نستخدمها، الإنكليزية والفرنسية والإيطالية، إذ وجدت نفسي أتكلم مع كل عضو بلغته لأنني أحسن هاته اللغات كلها وتم تعيني بالإجماع رئيسا للجنة وهذا يفسر أهمية اتقان لغات متعددة عند صناع السينما.