دمشق تخلو من مقاتلي الدولة الإسلامية

الجيش السوري يعلن سيطرته الكاملة على العاصمة ومحيطها بعد "تطهير" أحيائها من مقاتلي التنظيم.
دمشق وما حولها وريفها وبلداته مناطق آمنة بالكامل
عجلة الحسم الميداني لن تتوقف حتى يتم تطهير كل التراب السوري

دمشق - أعلنت قيادة الجيش السوري الاثنين سيطرتها بالكامل على العاصمة ومحيطها بعد "تطهير" أحيائها من تنظيم الدولة الإسلامية، معلنة أن هذه المناطق باتت "آمنة بالكامل".

ويأتي ذلك بعد هجوم واسع بدأه الجيش في 19 نيسان/أبريل ضد تنظيم الدولة الإسلامية الذي سيطر في العام 2015 على القسم الأكبر من مخيم اليرموك وأجزاء من أحياء الحجر الأسود والتضامن والقدم المجاورة.

وقال متحدث عسكري في بيان بثه الإعلام الرسمي إن وحدات الجيش تمكنت من "القضاء على أعداد كبيرة من مسلحي تنظيم داعش الإرهابي ما أدى إلى إحكام السيطرة التامة على منطقة الحجر الأسود ومخيم اليرموك، وقبلها يلدا وببيلا وبيت سحم".

وتابع "هذا ما يتوج تطهير جميع بلدات الغوطتين الغربية والشرقية تماماً من رجس الإرهاب" ليعلن باسم قيادة الجيش "دمشق وما حولها وريفها وبلداته مناطق آمنة بالكامل وعصية على الإرهاب ورعاته".

وشددت قيادة الجيش في بيانها على أن "عجلة الحسم الميداني لن تتوقف حتى يتم تطهير كل التراب السوري".

وجاء بيان الجيش بعد ساعات من خروج آخر مقاتلي التنظيم المتطرف من الأحياء الجنوبية بموجب اتفاق إجلاء برعاية "روسية"، أكده المرصد السوري لحقوق الإنسان، من دون أن يأتي الإعلام السوري الرسمي على ذكره.

وكان مصدر عسكري اكتفى قبل ظهر الاثنين وفق ما نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" بالإعلان عن اتفاق لوقف إطلاق نار "مؤقت" جرى خلاله "إخراج النساء والأطفال والشيوخ من منطقة الحجر الأسود" المحاذية لمخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين من دون أن يأتي على ذكر مقاتلي التنظيم المتطرف.

ومع تحول حركة الاحتجاج في سوريا إلى نزاع مسلح، فقدت القوات الحكومية تدريجياً في العام 2012 السيطرة على أحياء عدة في جنوب العاصمة في مقدمها التضامن وأخرى في شرقها ومحيطها.

جندي سوري يحمل علم البلاد
أخيرا السيطرة الكاملة على دمشق

وفي العامين 2017 و2018، شنّ الجيش عمليات عسكرية عدة تبعها اتفاقات إجلاء بدأت بخروج مقاتلين معارضين من أحياء في شرق العاصمة، ثم من محيطها. وكان أبرز تلك العمليات خروج الفصائل المعارضة من الغوطة الشرقية، التي بقيت لسنوات معقلها الأبرز قرب العاصمة، في نيسان/أبريل 2018.

وبعد الانتهاء من محيط دمشق، بدأ الجيش في 19 نيسان/أبريل هجوماً على أحياء في جنوب العاصمة كانت تحت سيطرة التنظيم منذ العام 2015 هي الجزء الأكبر من مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين وأجزاء من أحياء الحجر الأسود والتضامن والقدم.

وبعد أسابيع من المعارك والقصف، تم التوصل إلى اتفاق لإجلاء مقاتلي التنظيم المتطرف وعائلاتهم. وبدأ تنفيذ اتفاق الإجلاء برعاية "روسية" الأحد، وفق المرصد، واستكمل فجر الاثنين بخروج الدفعة الثانية من مقاتلي التنظيم وأفراد من عائلاتهم.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن الاثنين "انتهت عملية الإجلاء بخروج 1600 عنصر من تنظيم الدولة الإسلامية وأفراد من عائلاتهم على متن 32 حافلة يومي الأحد والاثنين"، وتوجه هؤلاء إلى جيب تحت سيطرة التنظيم في البادية السورية.

الجيش السورس يشرف على حافلات نقل مقاتلي الدولة الإسلامية وعائلاتهم
صمت دمشق على الاتفاق مع الدولة الإسلامية

وكانت قوات النظام فرضت سيطرتها على أحياء الحجر الأسود والقدم والتضامن، لتدخل لاحقاً إلى مخيم اليرموك لتمشيطه بحثاً عن جهاديين متوارين.

ويُعد اليرموك أكبر المخيمات الفلسطينية في سوريا، وكان يعيش فيه قبل الحرب 160 ألف شخص بينهم سوريون. لكن الحرب، التي وصلت الى المخيم في العام 2012 وعرضته للحصار والدمار، أجبرت القسم الأكبر من سكانه على الفرار.

ومنذ التوصل إلى الاتفاق السبت، سرى هدوء في جنوب العاصمة بعد أسابيع من المعارك العنيفة والقصف الجوي والمدفعي، وعمد التنظيم إلى إحراق "مقاره وآلياته" قبل خروج عناصره بحسب المرصد.

وشاهدت مراسلة في دمشق أعمدة من الدخان الأسود تتصاعد من جنوب دمشق.

وفي أول تعليق رسمي قبل ظهر الاثنين، تحدث مصدر عسكري سوري عن اتفاق لوقف إطلاق نار "مؤقت" و"لأسباب إنسانية" جرى خلاله "إخراج النساء والأطفال والشيوخ من منطقة الحجر الأسود" المحاذية لمخيم اليرموك من دون أن يأتي على ذكر مقاتلي التنظيم المتطرف.

إجلاء "سري"

وتمت عملية الإجلاء وفق عبد الرحمن "ليلاً بشكل سري وبعيداً عن الأضواء"، عازيا ذلك إلى أسباب عدة بينها أن "الحكومة السورية لا تعترف بالتفاوض مع تنظيم الدولة الإسلامية، ولتفادي استهداف التحالف الدولي بقيادة واشنطن للقافلة".

وأكد مصدر مطلع على المفاوضات "التوصل إلى اتفاق قبل يومين اثر مفاوضات مع الروس والنظام"، مشيراً إلى أن المحادثات أتت "بعد خسائر كبيرة مني بها داعش".

وأضاف "خرجوا على دفعات صغيرة ليلاً"، موضحاً أن "الجزء الأكبر توجه إلى جيب داعش في البادية لأن الأميركيين لم يوافقوا على دخولهم الجيب الواقع شرق الفرات حيث تتواجد قوات سوريا الديمقراطية"، فيما ذهبت مجموعة أصغر إلى مناطق سيطرة الجهاديين المحدودة في جنوب البلاد.ر.

وأثار توصل حزب الله اللبناني إلى اتفاق مع التنظيم في آب/أغسطس الماضي، قضى بخروج عناصره من المنطقة الحدودية بين لبنان وسوريا باتجاه محافظة دير الزور (شرق)، انتقادات على نطاق واسع.

وهدد التحالف الدولي وقتها باستهداف الحافلة كما أعاق استكمال طريقها أياماً عدة.

وقال التحالف الاثنين إنه على علم بالتقارير حول عملية الإجلاء من جنوب دمشق، "ويراقب الوضع"، من دون إضافة أي تفاصيل.

واثر خسائر كبيرة مني بها العام الماضي، لم يعد تنظيم الدولة الإسلامية يسيطر إلا على جيوب متفرقة، لا تتجاوز نسبتها خمسة في المئة من مساحة سوريا، بينها مناطق محدودة في البادية السورية وفي محافظة دير الزور وفي جنوب البلاد.

وتخوض قوات سوريا الديمقراطية، تحالف فصائل كردية وعربية، معارك ضد التنظيم المتطرف لطرده من آخر جيب يسيطر عليه في محافظة دير الزو