دمشق تقطّع أوصال درعا بأعنف قصف لعزل المعارضة

النظام السوري يواصل الضغط العسكري لتضييق الخناق على المعارضة وتقسيم مناطق سيطرتها إلى ثلاثة جيوب في المنطقة الجنوبية ودفعها إما للتفاوض أو الاستسلام.

القوات السورية تحاول التقدم على محورين في درعا
المنطقة الجنوبية تتمتع بموقع جغرافي استراتيجي  حدودي مع إسرائيل والأردن
دمشق تدفع بالضغط العسكري لمفاوضات محلية أو دولية
واشنطن تدعم جهودا أردنية دون وضع وزنها السياسي أو العسكري في حل للجنوب

درعا (سوريا) - ركزت قوات النظام السوري وحليفته روسيا الاثنين قصفها على مدينة درعا، في تصعيد عسكري مستمر ضد الفصائل المعارضة في جنوب سوريا.

وتسعى قوات النظام لعزل مناطق سيطرة المعارضة وتقسيمها إلى عدة جيوب، ما يسهل عليها عملياتها العسكرية لاستعادة السيطرة على جنوب البلاد.

وتشكل محافظة درعا منذ أسبوع هدفا لقصف سوري عنيف انضمت إليه روسيا قبل يومين، يطال خصوصا ريفها الشرقي وتسبب بمقتل 29 مدنيا على الأقل وبنزوح أكثر من عشرين ألف شخص، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وتكتسب المنطقة الجنوبية خصوصيتها من أهمية موقعها الجغرافي الحدودي مع إسرائيل والأردن، عدا عن قربها من دمشق.

وتسيطر الفصائل على سبعين بالمئة من محافظتي درعا والقنيطرة الحدودية مع إسرائيل، ويقتصر وجودها في محافظة السويداء على أطرافها الغربية.

وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن الاثنين "استهدفت قوات النظام بعد منتصف الليل أحياء سيطرة الفصائل المعارضة في مدينة درعا بأكثر من 55 صاروخا من نوع أرض-أرض قصيرة المدى"، قبل أن يتدخل الطيران المروحي في قصف المدينة بالبراميل المتفجرة.

وشاركت الطائرات الروسية في قصف أحياء المعارضة في المدينة وقاعدة عسكرية جنوب غربها.

وتركز القصف الروسي والسوري لاحقا على ريف المحافظة الشرقي حيث تحاول قوات النظام مواصلة تقدمها، بعد سيطرتها منذ الثلاثاء على سبع قرى، وفق المرصد.

وأوردت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن وحدات الجيش تواصل "عملياتها العسكرية على أوكار الإرهابيين في ريفي درعا الشرقي والشمالي الشرقي".

وترد الفصائل على التصعيد باستهداف مناطق سيطرة قوات النظام. وأفادت وكالة سانا الاثنين عن استهداف الفصائل "الأحياء السكنية" لمدينة السويداء بالقذائف الصاروخية.

في محافظة درعا، تحاول قوات النظام وفق المرصد التقدم على محورين "لفصل مناطق سيطرة الفصائل المعارضة إلى ثلاثة جيوب تمهيدا لتسهيل السيطرة عليها"، وهي الإستراتيجية العسكرية التي لطالما اتبعتها دمشق لإضعاف الفصائل وتشتيت جهودها قبل السيطرة على مناطقها.

وتقسم مناطق سيطرة قوات النظام المحافظة تقريبا إلى قسمين تسيطر عليهما الفصائل، وتربطهما حاليا قاعدة عسكرية خسرتها القوات الحكومية عام 2014.

وقال عبدالرحمن "تسعى قوات النظام بدعم جوي روسي إلى السيطرة على هذه القاعدة القريبة من الأردن، لتفصل مناطق سيطرة المعارضة بالكامل إلى قسمين شرقي وغربي".

وتحاول قوات النظام كذلك التقدم على محور ثان في ريف درعا الشرقي عبر السيطرة على بلدة بصر الحرير التي تتعرض لغارات روسية وسورية ودارت فيها الاثنين معارك عنيفة. وفي حال سيطرتها عليها، يصبح بإمكان قوات النظام أن تقسم الجزء الشرقي حيث الفصائل إلى جيبين.

وتعرضت بصر الحرير لقصف سوري بأكثر من 20 برميلا متفجرا خلال الساعات الأخيرة، تزامنا مع قصف مدفعي وصاروخي على منطقة اللجاة المحاذية ما أدى إلى خروج مركز للدفاع المدني من الخدمة.

وأعلن الدفاع المدني في محافظة درعا أن كوادره "لم تتمكن من الوصول إلى المناطق المستهدفة من شدة وتيرة القصف".

ميليشيات موالية للنظام السوري تشارك في الهجوم على درعا
قصف لا يهدأ على درعا جوا وبرا

وحذرت الأمم المتحدة من تداعيات التصعيد على نحو 750 ألف شخص في مناطق سيطرة الفصائل في الجنوب في وقت أعلن الأردن عدم قدرته على استيعاب موجة لجوء جديدة.

وقال المنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية في سوريا علي الزعتري في تغريدة على تويتر الأحد "يجب تفادي أي أزمة إنسانية في جنوب سوريا عبر تجنيب المدنيين آلام القتال أولا والاستجابة لها بسرعة من داخل سوريا وخارجها ثانيا".

ويأتي هذا التصعيد برغم وقف لإطلاق النار تم التوصل إليه قبل عام في المنطقة الجنوبية برعاية روسية أردنية أميركية. وتشكل المنطقة محور محادثات تتولاها روسيا مع الأميركيين والإسرائيليين والأردنيين.

وأوضح المحلل المتخصص في الشأن السوري في مجموعة الأزمات الدولية سام هيلر في أن قوات النظام تهدف من خلال قصفها إلى "الضغط من أجل مفاوضات دولية أو محلية، كما تمهد لهجوم أوسع في حال لم تحرز المفاوضات تقدما".

وتلقت الفصائل المعارضة رسالة من واشنطن، أبلغتها فيها أنها لا تنوي التدخل عسكريا إلى جانبها في الجنوب، وفق ما أكد قيادي معارض يوم الأحد، من دون أن تعلق واشنطن عليها.

ورأى هيلر أن "الأميركيين لم ينخرطوا بشكل جدي في مفاوضات بشأن الجنوب ومن غير المتوقع أن يتدخلوا عسكريا"، مضيفا "تدعم واشنطن جهودا أردنية، لكنها لم تضع وزنها السياسي أو العسكري في حل للجنوب".

وفي جنيف، عقد مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا لقاء مع ممثلين عن الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وبريطانيا والأردن والسعودية لبحث الملف السوري.

وجرى خلال الاجتماع، وفق مكتب دي ميستورا، التعبير عن القلق إزاء التصعيد العسكري في الجنوب والدعوة إلى "وقف فوري" للعنف.