رصاصة الدينار في جبين النظام السياسي

إيران وأميركا مُختلفتان في كُل شيء إلَّا في قضيّة تدمير هيبة الدينار العراقي فهم على إتفاق وهُدنة.

عندما قالوا "قطع الأعناق ولا الأرزاق" كانوا يقصدون أن أسوأ الظروف وأصعب الحالات لا يُمكنها أن تتجاوز قَطع روافد المعيشة للمواطن البسيط وضرورة المُحافظة على إستقرار رزقه، لكن أن تتوازى سياسة قطع الأعناق مع الأرزاق وأن تكون وجهان لِعُملة واحدة هو الموت، فهي السَرَديّة التي لا تقبلها الشرائع السماوية ولا يستسيغها منطق.

الحرب الأميركية-الإيرانية على الأراضي العراقية بِسلاح الدينار العراقي بين شدٍ وجَذب في عنوان يَسرُد أحداث حرب بِضحايا جميعهم من الشعب العراقي.

حرب إستعرت نارها بعد تشديد الخزانة الأميركية والبنك الفيدرالي الرقابة على المصارف التي تُهرِّب الدولار إلى إيران، والجارة التي يبدو أنها رفعت شِعار "أنا ومِن بعدي الطوفان" تتحكّم بِترليونات الدنانير العراقية المزوّرة التي لا يُعلَم مِن أين حصلت عليها أو ربما نعلم.

الواضح أنَّ مصير الدينار العراقي سيكون مُشابهاً لأقرانه من التومان الإيراني والليرة اللبنانية مع تطابق وتوازي الأنظمة السياسية الفاشلة التي أوصلت عُملاتها إلى حضيض الإنهيار والتهاوي الإقتصادي.

المُفارقة التي تُضحِك وتُبكي في آنٍ واحد أنَّ إيران وأميركا مُختلفتان في كُل شيء إلَّا في قضيّة تدمير هيبة الدينار العراقي الذي هو عصب الإقتصاد للعراقيين فهم على إتفاق وهُدنة.

صمت حكومي مُطبق عمّا يجري يُرافقه تواطئ لإحزاب السُلطة في هذا التخريب وعدم وجود مُعالجات جذريّة وشلل إقتصادي وسيناريو مُشابه لِما يحدث في لبنان وسورية وإيران بدأت تتصاعد أحداثه، تُرى ماذا يحدث في العراق وهل بات إنهياره الإقتصادي وشيكاً في آتون هذه الحرب؟ مُعادلة من الصعوبة حلّ طلاسمها أو من يُنهي أزمتها.

ترليونات الدنانير العراقية في خزائن إيران تُحاول إمتصاص ونهب الدولار من الأسواق المحليّة بعد أن وضعت أميركا وصايتها على المصارف التي كانت تُموّلها بالعُملة الخضراء.

لُعبة الحياة والموت بدأت تفرض شروطاً قاسية ووضعاً أصعب على حياة المواطن العراقي الذي وجد نفسه مغدوراً بين قطع الأعناق إن إنتقد إيران وما تفعله بالعراقيين وسياسة التجويع التي تُمارسها أميركا بدأت تلوح في الأفق تُعيد سنوات الحِصار العِجاف التي ظن الشعب أنه غادرها.

حرب الدينار العراقي التي تجري بِضحايا عراقيين لا غيرهم وعلى أرض عراقية ربما تمتد خواتيمها لِتكتُب نهايات قاتمة لمشهد نظام سياسي فاقد السيادة ظل يعتمد في مشواره على حلول ترقيعية وفساد مُتواصل ولصوصيّة لم يشهد له التاريخ مثيلاً في أنظمته السياسية.

لم يعد الأمل بِخروج الدينار من أزمته سوى بإيجاد حلول دوليّة تُساعد في هذا الحل، ويبدو أن من بين كُل ذلك الرُكام هُناك رائحة تفوح منها عودة العراق إلى مُربّع الوصاية على وارداته وصادراته حين تُصبح رِقاب العراقيين مُعلّقة بين مشانق الأرزاق والأعناق.