روسيا تقدم اشكالا مختلفة من سياحة الفضاء

موسكو - من فلاديمير زاغفوزكين
اول سائحي فضاء.. وآخرون في الطريق

وصل سائحان الى الفضاء حتى الآن انطلاقا من روسيا, فبعد المليونير الاميركي دينيس تيتو الذي دخل التاريخ باعتباره اول سائح فضاء، جرّب المليونير الافريقي الجنوبي مارك شاتلوورن تجربة مشابهة. وتم هبوطه بنجاح في سهوب كازاخستان مع قائد الطاقم يوري غيدزينكو والايطالي روبيرتو فيتوري من وكالة الفضاء الاوروبية وفق النظام المعتاد.
ودفع كل من السائحين ما يقارب الـ 20 مليون دولار مقابل رحلته الفضائية، وهو المبلغ الذي يحتاجه اطلاق صاروخ "سويوز ت م" مع الطاقم الى المحطة الدولية.
والملاحظ ان الاهتمام بمثل هذا النوع من رحلات المغامرات ينمو بسرعة. وكما لاحظ مراقب صحيفة "نوفي إزفستيا" فان "لدى القادة الفضائيين من طرفي المحيط سيكون هناك اندفاع كبير على السياحة الفضائية ويضيف "بدأت مسيرة سياحة الفضاء، وستواصل تحركها".
وشهدت روسيا مؤخرا مؤتمرا علميا بعنوان "السياحة الفضائية: واقع قائم؟" وتم بثه بشكل مباشرعلى الانترنت وعلى المحطة الاذاعية "غولاس روسيا"( صوت روسيا). واظهر المؤتمر ان الاف السكان في دول الغرب والشرق مهتمون بهذا الموضوع. مع العلم ان غالبية المشاركين في الندوة اتفقوا في الرأي بان روسيا بالذات هي من يتعين عليها تعزيز صدارتها من السياحة الفضائية. فليس سرا ان المراكب الفضائية الروسية ليست فقط الاكثر توفيرا بل ايضا الاكثر امانا.
ومن المتعين ان تتم الرحلة التالية في الخريف. وفي وسط تحضيرات رواد الفضاء بدأ الاعداد لرحلة رائد فضاء جديد من وكالة الفضاء الاوروبية هو البلجيكي فرانك دو ويني. اما قائد
الرحلة فسيكون رائد الفضاء الروسي سيرغي زاليتين. اما من سيشغل مركز سائح الفضاء التالي فما زال غير معروفا اسمه حتى الآن. وتسعى الاميركية لوري غارفير- 40 عاما وهي ام لطفلين والمساعدة السابقة لمدير الناسا الى الحصول عليه. وفي نهاية شباط خضعت لفحوص طبية في مدينة النجوم. وقد اكتشف الاطباء الروس لديها عددا من المشاكل يجب العمل عليها عندما سيجري التوقيع على العقد مع "روسافياكوسموس".
وابدت لوري غارفير استعدادها للخضوع لعمليات جراحية على ان تحلق الى الفضاء على متن المركبة الفضائية الروسية.
ويتعين عليها حل المسألة المادية بسرعة فالمبلغ المطلوب لا تملكه المواطنة الاميركية المذكورة حتى الآن الا انها تأمل بمساعدة من ممولي شركتها اضافة لعدد من الصناديق العامة والاتحادات الخاصة في اكماله.
كما يطمح للجلوس في المقعد الثالث في المركبة الفضائية الروسية حاليا مغني المجموعة الفنية الروسية المشهور "نا نا" والمغني الاميركي من الفرقة المعروف "اين سينك".
ويرى الاكاديمي الروسي ميخائيل طوبالوف ان الأفضلية يجب ان تعطى للموسيقي الروسي من فرقة "نا نا". وليس فقط لان رائد الفضاء الروسي يوري غاغارين كان الانسان الاول في التاريخ العالمي الذي تجاوز حدود الارض بل لان في روسيا بالذات ولدت فكرة تسجيل الاغاني في المحطة الفضائية الدولية التي كان يمكن ان تصبح نشيد الارض للمليارات من الأشخاص.
"ان هذا النشيد كما يقول طوبالوف كان ليعلم اهل الارض عن اطلاق برنامج دولي جديد مع جذور روسية (الفضاء للجميع)المقترح ضمن اطار برنامج اليونسكو "على طريق نحو الثقافة العالمية".
والهدف الاساسي للمبادرة هو تطوير الحوار الثقافي بين الشعوب. ويعمل مشروع برنامج "الفضاء للجميع" على القيام بنشاط دائم في المحطة الفضائية الدولية للاعمال الابداعية للرسامين والكتاب والشعراء والموسيقيين والصحافيين والعلماء والممثلين اي ممثلي مختلف انواع المهن.
ووفق كلمات طوبالوف مثل هذا البرنامج الضخم ليس مخصصا لجيل واحد فهو "سيؤهل للحفاظ على الانجازات الوطنية التي تم التوصل اليها في الفضاء".
غير ان المشروع الناجح الذي باشرت به روسافياكوسموس لنقل السياح الفضائيين يمكن ان يشكل منافسة لمشاريع اخرى, لا تحتاج لمثل هذه المبالغ المالية الكبيرة ولمثل هذه التحضيرات الاساسية.
ومن امثلة ذلك نظام الطيران الفضائي "س 21" الذي يعده مصنع الآليات التجريبي بالقرب من مدينة جوكوفسكي في ضواحي موسكو. وعرض على الصحافيين في اواسط آذار .
وهذا النظام مخصص للتحليقات القصيرة الامد في الفضاء على علو لا يزيد عن 100 كلم. وان الصاروخ "س 21" يشبه من الخارج مركبة "بوران" وهذا الجهاز يتسع لراكبين وملاّح يقود المركبة.
وفي المرحلة الاولى سيجري استعمال طائرة ضخمة "جيوفيزياء". وفي المجال ما بين الارض والمدار صاروخ "بلانير". وبالطبع فان المتعة من التحليق القصير الذي لا يستمر طويلا في الفضاء لا يمكن مقارنتها برحلة حقيقية فضائية وان الرحلة الاولى لـ "اس - 21" يخطط لها في العام 2004 - 2005.
وفي المستقبل يخطط لصناعة 6 - 7 نماذج من المراكب الفضائية التي يمكنها تأمين حتى 3 رحلات في الاسبوع. اما مقابل التحليق الفضائي الواحد فسيكون 100 الف دولار.
ويفترض بعض الخبراء ان ما يسمى بنظام ما تحت المدارية سيسمح لآلاف الأشخاص بالقيام برحلات الى الفضاء.
وفي خلال الفترة من 2010 - 2015 يتوقع ان تصبح مثل هذا التحليقات عملا عاديا. بل ان طيران المستقبل برأي العلماء الروس هو الطائرات التي ستحلق في الجو وفي الفضاء.
واذا كان البعض يعتقد ان هذا احتمال غير معقول فعليه ان يتذكر انه منذ 10 سنوات خلت اعتبر الهاتف الخليوي امرا نادرا واستثنائيا وكان ثمنه غاليا جدا. ولكن مع مرور الوقت اضحى عددا متزايد من البشر يملكونه.
ومع الفضاء سيكون الامر مشابها... فالمشاريع البديلة ظهرت في الولايات المتحدة حيث وكما يبدو سارع الاميركيون لادراك انهم تخلفوا عن روسيا في الفوز بقصب السباق في السياحة الفضائية.