روما ولندن تتفقان على تمويل مشروع لعودة طوعية للمهاجرين

سوناك وميلوني يخلصان إلى أن تمويل مشروع العودة الطوعية للمهاجرين من تونس إلى بلدانهم الأصلية أكثر جدوى في معالجة الأزمة.

روما - اتفق رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك ونظيرته الإيطالية جورجيا ميلوني على تمويل مشروع للمساعدة في إعادة المهاجرين الموجودين في تونس، بلد المغادرة للعديد من المهاجرين الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا دون تحديد حجم الأموال التي سيتم تقديمها، وسط انتقادات لنهج الدولتين الأوربيتين بشأن التعامل مع المهاجرين.

وطلبت تونس مرارا من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي الحصول على دعم في تنفيذ برنامج العودة الطوعية للمهاجرين غير النظاميين إلى بلدانهم الأصلية، وتنفيذ خطط لتجاوز أزمة ملف المهاجرين الأفارقة جنوب الصحراء.
وتجد السلطات التونسية صعوبات بالغة في مواجهة أزمة المهاجرين غير الشرعيين الذين تدفقوا بالآلاف على تونس، خاصة إلى مدينة صفاقس التي باتت إحدى أهم نقاط الانطلاق لموجات الهجرة نحو إيطاليا المجاورة إثر استقرار نحو 60 ألف مهاجر في أحياء المدينة، وشهدت توترات أمنية وفوضى عدة مرات.

وقالت رئاسة الوزراء البريطانية إنهما "التزما بالمشاركة في تمويل مشروع لتعزيز ومساعدة العودة الطوعية للمهاجرين من تونس إلى بلدانهم الأصلية". فيما أفاد مكتب ميلوني إن ذلك يتماشى مع مشاريع الأمم المتحدة القائمة، من دون تقديم مزيد من التفاصيل.

تونس مستاءة من تحولها إلى بؤرة أو بلد توطين للمهاجرين بفعل عمليات منع الاجتياز التي التزمت للجانب الأوروبي بتنفيذها.

وبحسب أرقام وزارة الداخلية التونسية، تمكنت تونس من منع اجتياز نحو 70 ألف مهاجر إلى إيطاليا خلال الأشهر الـ11 الأولى من عام 2023، في حصيلة تتجاوز ضعف تلك المسجلة في الفترة نفسها من العام الماضي.

وارتفعت نسبة المهاجرين الأجانب من 59 بالمئة في العام الماضي إلى 78 بالمئة خلال العام الحالي. ورغم أن الأرقام الرسمية تشير إلى تراجع في أعداد المهاجرين الواصلين إلى السواحل الإيطالية خلال الشهرين الماضيين، إلا أن الأرقام السنوية تظهر ارتفاعا متواصلا في وتيرة الهجرة غير النظامية من تونس.

وتقول السلطات التونسية بأنها تُركت بمفردها في مواجهة الأعداد الهائلة للمهاجرين غير النظاميين، وأنها تحولت إلى بؤرة أو بلد توطين بفعل عمليات منع الاجتياز التي التزمت للجانب الأوروبي بتنفيذها.
وهذا ما دفع وزير الخارجية التونسي نبيل عمار إلى المطالبة بـ "تضامن أكبر وتعزيز التعاون الدولي في مجال مكافحة الهجرة غير النظامية"، خلال زيارته إلى جنيف. وخلال لقاء جمعه الأسبوع الماضي بمديرة المنظمة الدولية للهجرة "إيمي بوب" قال إن "مكافحة الهجرة غير النظامية مسؤولية مشتركة لا يمكن لأي دولة تحمّلها بمفردها"، وأنها تتطلب تضامنا دوليا أكبر في معالجتها.

ويبدو أن سوناك وميلوني وجدا أن مساعدة تونس على منع تدفق المهاجرين أكثر جدوى في معالجة الأزمة. وأقام رئيسا الوزراء علاقة جيدة منذ توليهما منصبيهما في تشرين الأول/أكتوبر 2022. وشبه سوناك نظيرته الإيطالية برئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر، قائلا إن هناك حاجة إلى بعض من "راديكالية" المرأة الحديدية لمعالجة الهجرة غير النظامية. وأضاف "إذا لم نعالج هذه المشكلة، فإن الأعداد ستتزايد. وسوف تتدهور بلداننا وقدرتنا على مساعدة من هم في أمس الحاجة فعلا إلى مساعدتنا".

وقد واجه كلاهما انتقادات شديدة لسياساتهما، بدءا من خطط سوناك لإرسال طالبي اللجوء إلى رواندا، وصولا إلى مساعي ميلوني للحد من أنشطة سفن الإنقاذ الخيرية في البحر الأبيض المتوسط.

وألقى زعيم حزب المحافظين البريطاني كلمة في تجمع لحزب ميلوني اليميني المتطرف "إخوة إيطاليا". وقال إنه سيمارس ضغوطا من أجل إجراء إصلاحات عالمية لنظام اللجوء، محذرا من أن أنحاء من أوروبا قد تصبح غير قادرة على استيعاب تزايد أعداد اللاجئين.

ووجه بعضا من أشد انتقاداته لنظام اللجوء العالمي بينما يحاول إحياء خطط حكومته لإرسال اللاجئين للعيش في رواندا. مضيفا أن بعض "الأعداء" يتعمدون "دفع الناس إلى شواطئنا لمحاولة زعزعة استقرار مجتمعاتنا".

وتابع "إذا لم نعالج هذه المشكلة، فإن الأعداد سوف تتزايد. ولن تكون بلداننا قادرة على استيعابها أو مساعدة أولئك الذين هم في أمس الحاجة فعلا إلى مساعدتنا". وقال "إذا كان ذلك يتطلب منا تحديث قوانيننا وقيادة حوار دولي لتعديل أطر ما بعد الحرب بشأن اللجوء، فيجب علينا أن نفعل ذلك".

واتفق الجانبان في اجتماعهما على تكثيف الجهود لمكافحة مهربي البشر، وتعهدا بوقف تدفق قوارب المهاجرين على شواطئ بلديهما. وأشار سوناك إلى الاتفاق المبرم مع ألبانيا قبل عام، والذي يتيح ترحيل الألبان الذين يصلون إلى المملكة المتحدة على متن قوارب صغيرة.

وأكد أنه منذ إبرام الاتفاق، انخفض عدد الألبان الذين يصلون إلى بلده بنسبة 90 بالمئة.

وفي الشهر الماضي، أبرمت جورجيا ميلوني أيضا اتفاقا تبني بموجبه ألبانيا مركزين لإيواء طالبي اللجوء الذين يعترضهم خفر السواحل الإيطالي في البحر. وأثار الاتفاق انتقادات في كلا البلدين، ومنعت المحكمة الدستورية الألبانية مؤقتا تصديق المشرعين عليه.