خلاف بين قادة المعارضة يعبد طريق الرئاسة لأردوغان

تحالف طاولة الستة المعارض يستعد للكشف عن خطة لادارة المرحلة الانتقالية ومرشحه لمنافسة أردوغان في انتخابات الرئاسة اعتبارا من بداية الأسبوع القادم.
حزب 'الخير' يفضل ترشيح رئيسي بلديتي إسطنبول وأنقرة لخوض السباق الرئاسي
زعيمة حزب الخير تندد بحسابات ضيقة وتلمح للانسحاب من 'طاولة الستة'
أردوغان أكبر المستفيدين من خلافات المعارضة وتشرذمها

أنقرة - بات التفكك يهدد تحالف المعارضة التركي المؤلف من ستة أحزاب (طاولة الستة) بسبب الخلاف حول مرشحه لخوض الانتخابات الرئاسية المقررة في مايو/أيار وعدم التوافق حول منافس الرئيس رجب طيب أردوغان الذي يطمح إلى الفوز بولاية جديدة في مهمة لا تبدو سهلة، بينما تسود مشاعر الغضب والمرارة إزاء تعامل الحكومة مع كارثة الزلزال الذي عصف بالبلاد وأودى بحياة عشرات الآلاف من الأتراك وتعول المعارضة على انتهاز فرصة تاريخية لطي صفحة عقدين من حكم الإسلاميين.

وأعلن التحالف أنه سيكشف عن اسم مرشحه يوم الاثنين رغم وجود مؤشرات انقسام حول هذه المسألة وقضايا أخرى في حزب (الجيد) القومي ثاني أكبر حزب في التحالف، فيما أفاد الحزب بأنه سيجري محادثات اليوم الجمعة.

وقالت زعيمة الحزب الصالح القومي التركي المعارض ميرال أكشينار اليوم الجمعة إن تحالف المعارضة المؤلف من ستة أحزاب، من بينها حزبها، لم يعد يعكس الإرادة الوطنية، مما قد يشير إلى انسحاب حزبها من التحالف قبل الانتخابات المقبلة.

وأوضحت في مؤتمر صحفي أن الأحزاب الخمسة الأخرى لم توافق على المرشحين اللذين طرحهما الحزب لخوض الانتخابات الرئاسية وهما رئيسا بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو ورئيس بلدية أنقرة منصور يافاش ودعتهما إلى الاضطلاع بواجبهما، في دعوة واضحة لهما للترشح.

واتفقت الأحزاب الخمسة الأخرى في التحالف على الدفع بكمال كليجدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض البارز كمرشح مشترك لمواجهة الرئيس رجب طيب أردوغان في الانتخابات المقررة في 14 مايو/أيار.

وأخفقت المعارضة في انتخابات وطنية سابقة في أن تشكل تحديا حقيقيا لأردوغان المتولي للسلطة منذ عقدين، لكن شعبيته تراجعت وسط تدهور الأوضاع المعيشية حتى قبل زلازل الشهر الماضي الذي خلف دمارا هائلا في البلاد، إذ قدر خبراء أن تناهز كلفة إعادة البناء 100 مليار دولار وتحذف بين نقطة واحدة إلى نقطتين مئويتين من النمو الاقتصادي للبلاد في العام الجاري.

وأشار أردوغان يوم الأربعاء إلى أن الانتخابات ستجرى في 14 مايو/أيار، متمسكا بخطته السابقة لتنظيم الاقتراع في موعده دون النظر لتأثير الزلازل التي تسببت في توجيه انتقادات لتعامل حكومته مع الكارثة، إذ أكد العديد من المنكوبين أنهم تركوا وحيدين في مواجهة المحنة.

وكانت المعارضة قد حذرت الرئيس التركي من تأجيل الانتخابات بذريعة الانشغال بتداعيات الزلازل، إذ تعوّل على استغلال فرصة قد لا تتكرر في إنهاء حكم العدالة والتنمية مراهنة على الآمال في أن ترتد حالة الاحتقان الشعبي تصويتا عقابيا.

وذكرت تقارير إعلامية أن قادة الأحزاب عبروا بشكل كبير عن دعمهم لترشيح كليجدار أوغلو، لكن لا تزال هناك معارضة لترشيحه داخل حزب "الجيد" بزعامة ميرال أكشينار.

وقال مسؤول من حزب الجيد في تصريح سابق "هناك آراء مختلفة عن الخطوة المقبلة. من الأفضل ألا نخوض في تفاصيل في هذه المرحلة. لا أستطيع أن أقول إننا راضون عن النقطة التي وصلنا إليها. اليوم سيكون حاسما"، مضيفا أن "كليجدار أوغلو مرشح قوي لكن ينبغي أيضا مناقشة صلاحية مرشحين آخرين، فيما طرحت مسألة ترشيح رئيسي بلدية إسطنبول وأنقرة وهما من حزب الشعب الجمهوري وأشارت استطلاعات رأي إلى أن وضعهما ربما يكون أفضل من كليجدار أوغلو في مواجهة أردوغان.

وقال مسؤول في حزب الشعب الجمهوري إن هناك اتفاقا واسعا على اختيار كليجدار أوغلو، مضيفا "لا نتوقع أي مشاكل بعد الآن. سيُتخذ هذا القرار بالإجماع. لا أريد التفكير في أي خيار آخر".

وتواجه حكومة أردوغان انتقادات بسبب طريقة إدارتها للاستجابة الطارئة للزلزال وتحميلها مسؤولية التغافل عن فساد قطاع البناء لتحقيق أهداف انتخابية، مما فاقم ما كان يتوقع بالفعل أن يكون أكبر تحد انتخابي له خلال حكمه المستمر منذ عقدين.

وتعاونت المعارضة بشكل أوثق منذ نجاحها في الفوز برئاسة بلديات كبرى مثل إسطنبول وأنقرة منتزعة إياها من يد حزب العدالة والتنمية الحاكم بزعامة أردوغان في الانتخابات المحلية التي جرت عام 2019.

وأشارت استطلاعات رأي اليوم الجمعة إلى أن حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا الذي يتزعمه الرئيس رجب طيب أردوغان محتفظ على ما يبدو بقاعدة تأييده في أوساط الناخبين إلى حد كبير بعد الزلازل وعلى الرغم من انتقادات واسعة النطاق لتعامل الحكومة في البداية مع الكارثة.

وأظهر استطلاعان صدرا في الأيام القليلة الماضية أن المعارضة لم تحصل على تأييد جديد بما يعود جزئيا إلى إخفاقها في إعلان مرشحها على الرغم من بقاء شهرين فقط على بدء التصويت ويعود أيضا إلى افتقارها إلى وجود خطة ملموسة لإعادة بناء المناطق التي دمرها الزلزال.

وقال أوزر سنجار رئيس شركة ميتروبول لإجراء الاستطلاعات "لم يتسبب الزلزال في إضعاف الحكومة بالقدر الذي كانت المعارضة لتتوقعه".

وتضع بيانات الاستطلاع الذي أجرته شركته ائتلاف أردوغان مع حزب الحركة القومية في المقدمة إذا أجريت الانتخابات في أقرب وقت على الرغم من فقد الائتلاف عدة نقاط مئوية من نسبة التأييد له بالمقارنة بيناير/كانون الأول.

وقال نزيه أونور كورو الباحث في مجموعة (تيم) البحثية "عقب التعثر الأولي شهدنا تحول الحكومة لاستخدام لغة خطاب أكثر توحيدا للناس... نجحت الحكومة في ترسيخ مفهوم عن أنها هي من تساعد في التئام الجروح".

ويبدو أن ذلك أسهم في دعم موقف أردوغان في الاستطلاعات، إذ أظهر مسح أجرته "تيم" بمشاركة 1930 شخصا يومي 19 و20 فبراير/شباط أن ائتلافه مع حزب الحركة القومية احتفظ بمستوى تأييد عند 44 في المئة بعد الزلزال.