زيارة حفتر إلى موسكو تضاعف قلق الغرب من تنامي النفوذ الروسي
طرابلس - تحمل زيارة المشير خليفة حفتر قائد قوات شرق ليبيا إلى موسكو ومشاركته في عيد النصر الروسي رسائل سياسية روسية وليبية، إذ ترغب روسيا في التأكيد على مدى نفوذها في الدولة النفطية العضو في منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" والتي تعتبر إحدى البوابات الإستراتيجية على العمق الافريقي أين يتحرك الروس بثبات مستفيدين من تراجع نفوذ قوى غربية تتقدمهم فرنسا.
وتأتي هذه الزيارة بعد نحو أسبوع من توقيع اتفاقية استراتيجية في موسكو بين الفريق أول يفكيروف والجنرال خالد حفتر رئيس أركان قوات أمن شرق ليبيا، تهدف إلى تعزيز القدرات الدفاعية الليبية من خلال توفير دعم لوجستي وبرامج تدريب عسكرية، بالإضافة إلى تزويد الجيش الوطني بالأسلحة والعتاد.
وتعكس مساعي روسيا لإعطاء دفعة قوية للتعاون مع حفتر رغبتها في مزيد تمتين علاقتها مع قائد الجيش الليبي في الشرق، في خطوة تهدف إلى احتواء تحركات الولايات المتحدة الهادفة إلى استعادة زمام المبادرة في البلد الواقع في شمال أفريقيا، مدفوعة برغبتها في كبح النفوذ الروسي المتنامي.
وعقد حفتر الخميس لقاء مع سكرتير مجلس الأمن الروسي سيرغي شويغو تركز على "بحث مستجدات الأوضاع على الصعيدين الدولي والإقليمي ومناقشة سبل تعزيز التعاون الثنائي في عدد من الملفات ذات الاهتمام المشترك وعلى رأسها دعم جهود تحقيق الاستقرار في ليبيا والمنطقة"، وفق القيادة العامة للقوات المسلحة.
وكشفت مصادر مطلعة أن جدول الزيارة لا يقتصر على المناقشات الموسعة لتعزيز التعاون العسكري بل يشمل مباحثات حول إعادة الإعمار، في وقت تتنافس فيه عدة قوى عالمية على الفوز بصفقات في مجال البنية التحتية.
وعملت روسيا خلال الأعوام على تأمين موطئ قدم في ليبيا من بوابة الحضور العسكري وأقامت قواعد جوية استراتيجية وقامت بنقل معدات عسكرية متطورة، فيما حافظت على علاقات متوازنة مع مختلف الأطراف الليبية الفاعلة.
كما تعمل على تأمين مصالحها الاقتصادية، حيث حرصت على عقد العديد من الشراكات الثنائية الهامة في الأعوام الأخيرة في مجال الطاقة والبنية التحتية.
ووقعت شركة "غازبروم" الروسية وشركة الغاز والنفط الليبية الوطنية العام الماضي مذكرة تفاهم لإنشاء مؤسسة مشتركة تعزز التعاون في هذا المجال، فيما أبدت موسكو استعدادها لإحياء المشاريع القديمة وإطلاق أخرى جديدة في قطاع الغاز وعرضت حكومة حماد على روسيا إنشاء مصفاة نفط في المنطقة.
وتنظر موسكو إلى ليبيا التي تتمتع بموقع إستراتيجي على أنها بوابة حيوية لاستراتيجيتها التوسعية في القارة الأفريقية، ونقطة انطلاق للتمدد في المنطقة، ما يفتح لها منافذ لإقامة شراكات اقتصادية وعسكرية تخفف من تداعيات العزلة الدولية المفروضة عليها منذ غزوها أوكرانيا في العام 2022.
ويرى مراقبون أن روسيا تتطلع إلى تقوية وجودها في البحر الأبيض المتوسط لمواجهة النفوذ الأميركي والأوروبي في المنطقة، فيما يمنحها التحكم في طبرق نفوذًا مستدامًا في ليبيا ومنطقة الساحل الإفريقي.
ويُعد دعم موسكو لقوات حفتر جزءًا من استراتيجيتها لتعزيز الاستقرار ومكافحة الإرهاب في المنطقة، فيما أشارت تقارير إلى ارتفاع ملحوظ في أعداد عناصر مجموعات "فاغنر" الخاصة في ليبيا.
وتدير روسيا ثلاث قواعد جوية في ليبيا تتوزع بين القرضابية بالقرب من سرت، وفي الجفرة في فزان، وفي براك الشاطئ في الجنوب الغربي، وتستخدمها بشكل أساسي لنقل العسكريين والمعدات إلى السودان ومناطق أخرى في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
ولعبت ''فاغنر'' دورًا محوريًا في تعزيز النفوذ الروسي في ليبيا، وتعتبر أهم أدوات السياسة الخارجية الروسية في هذا البلد وقد برز حضورها بشكل كامل في أوائل عام 2019، حيث لعبت دورًا رئيسيًا في حملة حفتر للسيطرة على مناطق واسعة من شرق وجنوب البلاد.