سرقة أسلحة ومعدات حساسة من القواعد الأميركية في سوريا والعراق

الشبهات الأميركية تدور حول منظمات إجرامية عراقية والميليشيات التابعة لإيران التي تستهدف قوافل وحاويات الأسلحة والمعدات.

بغداد - كشف موقع "ذا انترسبت" الأميركي من خلال وثائق سرية حصل عليها، عن عمليات سرقة للعديد من المعدات والأسلحة الحساسة، بما فيها صواريخ موجهة وطائرات مسيرة طالت مواقع عسكرية أميركية في العراق وسوريا، متسائلا كيف بإمكان الولايات المتحدة حماية جنودها طالما هي لا تستطيع تأمين معداتها العسكرية من السرقة.

وأشار الموقع إلى أن تحقيقات أميركية بدأت في وقت سابق من العام الحالي، حيث سجلت الوثائق سرقات تتعلق بمئات آلاف الدولارات من المعدات العسكرية المخصصة للقوات الأميركية في العراق وسوريا ما بين عامي 2020 و2022.

وبحسب التقرير فإن القواعد الأميركية في العراق وسوريا موجودة ظاهريا للقيام "بمهام ضد تنظيم داعش"، لكن الخبراء يقولون إنها تستخدم في المقام الأول لكبح جماح إيران. ومنذ اندلاع الصراع بين إسرائيل وحماس في أكتوبر/تشرين الأول، تعرضت هذه القواعد لهجمات منتظمة بالصواريخ والطائرات بدون طيار كجزء من حرب غير معلنة بين الولايات المتحدة وإيران والميليشيات التابعة لها.

وتؤكد وزارة الدفاع "البنتاغون" بأنه ليس لدى الرئيس جو بايدن أولوية أكثر أهمية من حماية حياة الجنود الأميركيين في الميدان، لكن الموقع يشكك بتحقيق هذا الهدف مع السرقات التي حدثت.

وقالت ستيفاني سافيل المديرة في "مشروع كلفة الحرب" في جامعة براون، "نحن لا نميل إلى التفكير بشكل نقدي بما فيه الكفاية حول التأثيرات المتتالية لهذا التواجد العسكري الأميركي المكلف"، مضيفة أن "الحرب على الإرهاب لم تنته بعد بل تغيرت، وبإمكاننا أن نفهم سرقات الأسلحة هذه باعتبارها مجرد إحدى التكاليف السياسية العديدة لتلك الحملة المستمرة".

ولم يعلن الجيش الأميركي نهائيا عن تلك السرقات، في ملفات التحقيقات الجنائية التي تم الحصول عليها من خلال "قانون حرية المعلومات". وتم إبلاغ المحققين العسكريين في فبراير/شباط الماضي، بأن 13 طائرة تجارية مسيرة، قيمتها حوالي 162.500 دولار، قد جرت سرقتها من منشأة أميركية في مدينة أربيل، في وقت ما من العام الماضي، إلا أن المحققين لم يحددوا أي مشتبه بهم.

وبالإضافة إلى ذلك، أشار التقرير إلى تحقيق منفصل تحدث عن "العديد من الأسلحة والمعدات الحساسة" بما في ذلك معدات للرؤية وقاذفات صواريخ "جافلين" الموجهة عن الكتف، قد تمت سرقتها من قاعدة العمليات الأمامية "يونيون-3" في بغداد، أو بينما كان يتم نقلها إلى القاعدة حيث قدرت الخسائر التي تكبدتها الحكومة الأميركية بحوالي 480 ألف دولار.

ولم يخلص المحققون إلى أن السرقات كانت عملا داخليا، حيث قال التحقيق أنه "لم تعرف مشاركة أي موظف أميركي". وفي المقابل يعتقد المحققون أن السكان المحليين هم المشتبه بهم، وتظهر الوثيقة تظهر أن "منظمات إجرامية عراقية والميليشيات تستهدف قوافل وحاويات الأسلحة والمعدات". بالإضافة إلى وجود مشكلات تتعلق بسرقة الحاويات الأميركية من قبل هذه الجماعات والمواطنين المحليين خارج القاعدة "يونيون-3" بسبب انعدام الأمن.

وكان الموقع الأميركي كشف في وقت سابق من العام الحالي، عن أربع سرقات كبيرة على الأقل وحادثة خسارة واحدة للأسلحة والمعدات الأميركية في العراق وسوريا من العام 2020 إلى العام 2022، بما في ذلك قنابل شديدة الانفجار عيار 40 ملم وقذائف خارقة للدروع وأدوات ومعدات مدفعية ميدانية متخصصة، وأدوات "أنظمة تسليحية" غير محددة. وجرت اثنين من هذه الحوادث في قواعد في سوريا، وثلاثة في العراق. ولم تحدث أي من تلك السرقات في قاعدة العمليات الأمامية "يونيو 3".

كما أن عدد السرقات التي وقعت غير معروف وربما حتى للبنتاغون نفسه، فبعد أكثر من شهرين، لم تقدم كل من قوة المهام المشتركة التابعة لعملية "العزم الصلب"، والقيادة المركزية الأميركية، اي ردود على أسئلة الموقع الأميركي حول سرقات الأسلحة هذه في العراق وسوريا.

واعتبر التقرير، أن السرقات والخسائر هي مجرد أحدث مشاكل المحاسبة المتعلقة بالأسلحة التي يعاني منها الجيش الأميركي في العراق وسوريا. وذكر بتحقيق أجراه المفتش العام للبنتاغون في العام 2017 ، خلص إلى أن 20 مليون دولار من الأسلحة في الكويت والعراق كانت "عرضة للفقدان أو السرقة". كما أن مراجعة أجريت في العام 2020 كشفت أن القوات الأميركية التي تعمل مع "حلفاء" الولايات المتحدة السوريين (قوات سوريا الديمقراطية قسد)، لم تحسب بشكل دقيق 715.8 مليون دولار من المعدات المشتراة لهؤلاء الوكلاء المحليين.

ولفت أن الخسائر المتعلقة بالأسلحة والذخيرة كبيرة، وأن الجيش بذل جهودا كبيرة لمنعها في الماضي، مذكرا بأنه عندما سحبت الولايات المتحدة قواتها من موقع بالقرب من مدينة كوباني في سوريا في العام 2019، شنت الولايات المتحدة غارات جوية على الذخيرة التي خلفتها وراءها، كما أن الجيش الأميركي دمر المعدات والذخيرة خلال انسحابه الفوضوي من أفغانستان في العام 2021.

وبرغم ذلك فإنه بعد أسابيع من الانسحاب، انتشرت المسدسات والبنادق والقنابل اليدوية والمناظير ونظارات الرؤية الليلية الأميركية الصنع في متاجر الأسلحة هناك، وجرى تصدير بعضها إلى باكستان.

ومنذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة، أصبح من الواضح أكثر من أي وقت مضى أن القواعد الأميركية في الشرق الأوسط أصبحت بمثابة نقاط للهجمات خصوصا في العراق وسوريا حيث تتعرض في بعض الأحيان لهجوم مستمر، بما في ذلك ما يصل إلى أربع ضربات بطائرات مسيرة وصواريخ خلال فترة 24 ساعة.

وتعرضت القوات الأميركية للهجوم أكثر من 70 مرة ، 36 مرة في العراق، و 37 مرة في سوريا، منذ 17 أكتوبر/تشرين الأول.وتظهر ملفات التحقيق وجود أدلة على أن القواعد الأميركية توفر أيضا اهدافا مغرية للمجرمين.