سياحة المغامرات تلقى رواجا متزايدا

موسكو
البعض يفضلون الاقامة بالاحراش على فنادق الخمس نجوم!

لم يعد احد يطلق تسمية فريدة على الأدغال الاميركية الجنوبية ولا على الجزر الصغيرة الضائعة في مياه المحيطات ولا حتى على القطب المتجمد. فالسواح من مختلف البلدان اصبحوا يفدون بشكل مكثف الى تلك الاماكن. الا ان الروس يسعون الى احراز المرتبة الاولى في مجال السياحة المغامرة.
فالعديد من وكالات السياحة في روسيا تعرض على الراغبين القيام على سبيل المثال برحلات الى القطب الشمالي مع الغوص تحت المياه الجليدية وعد كميات الدبب البيضاء الموجودة هناك، او برحلات الى بيرو مع العوم لمدة 3 ايام على متن مركب صغير في مياه نهر ابوريماك يتمتع فيها برؤية ادغال اميركا الجنوبية، او رحلة على اليخت بشكل منفرد تماما والاستجمام على جزيرة غير مأهولة بالسكان.
وتم افتتاح وكالات سياحية متخصصة بتنظيم رحلات مغامرات بكلفة تقدر وسطيا بـ 10 آلاف دولار اميركي. ويتم اقتراح ذلك في الوقت الذي لا يزال راتب المواطن الروسي لا يتعدى فيه الـ 100 دولار او أقل شهريا.
كان لدى السواح المغامرين الحاليين من سبقهم في ذلك بالطبع. الا ان بين هؤلاء واولئك اختلافات كبيرة. فالامكنة الفريدة الموجودة على الكرة الارضية كان يؤمها في الازمنة السابقة اناس رومانسيون او محبون للطبيعة ويرغبون بالتعرف عليها. هذا على الاقل ما كان موجودا في روسيا، اذ كانت رياضة تسلق الجبال والترحال البعيد تتمتع بشعبية كبيرة في روسيا. وكان من بين محبي هذا النوع من السياحة العديد من المثقفين والمبدعين.
وظهر اثر هذا النوع من السياحة في الفنون. ففي رحلات كهذه بالذات نشأ ما يسمى "بالاغنية الخاصة" او كما تسمى ايضا "الاغنية الجوالة" التي لديها شعبية كبيرة في البلاد. ولقد كان العديد من هذه الاغنيات ناجحا ولاقى شعبية واسعة وتم غنائها على خشبات المسارح.
غير ان الحال تغير تماما، ولم يعد هواة سياحة المغامرات الطبيعية يحبون ننفس ما كان يحبه اسلافهم بالماضي. سياح المغامرات الآن من فئة الميسورين الذين فقد بعضهم القدرة على احصاء أموالهم. وهذه الفئة الاجتماعية في روسيا اصبحت موجودة وتتنامى بشكل مضطرد.
والوضع القائم الآن ان الاغنياء الروس، الذين شبعوا من الملذات الباهظة الثمن ومن السفر لأكثر من مرة الى جزر هاواي والكناري، يفتشون اليوم عن مشاعر أكثر غرابة وانفرادا. وتلك المشاعر تقدمها سياحة المغامرات.
ان الاغنياء الروس بامكانهم دائما التباهي بين اقرانهم بمغامراتهم، وبالتالي جذب الانتباه الى انفسهم. وبكلمات أخرى ، ترتبط السياحة المغامرة في معظم الاحيان "باستعراض الامكانات الطموحة" او ما يشبه "الحملة الدعائية" وخلق الاساطير الملائمة لها.
وهذا ما أظهره المشروع التلفزيوني "البطل الأخير" الذي عرض في الخريف الماضي على محطة "او ار تي" وهي المحطة التلفزيونية الرئيسية في البلاد. فهذا البرنامج ليس سوى نسخة عن شبيهاته من البرامج الغربية التي يكمن جوهرها في الدراسة النفسية لبعض السواح المتطوعين المتواجدين على احدى الجزر النائية من دون اية ادوات معيشية ضرورية.
وخلال المسابقة التي يجب ان تحدد البطل يقام على اقصاء المشاركين الواحد تلو الآخر : فمن اصل 16 شخصا يبقى شخص واحد هو البطل الاكثر جرأة وذكاء واحتيالا وتحملا.
ومن اللافت ان الكثيرين من المشاركين في هذا البرنامج لم يكن همهم النهائي الحصول على الجائزة المالية التي تقدم للفائز النهائي اذ ان العدد الكبير منهم كان من رجال الاعمال الميسورين. ولكن الاثارة والمغامرة هما كل ما كان يطمح اليه هؤلاء.
كما يطمح الى الشيء نفسه عبر السياحة المغامرة اولئك الذين تعرض انجازاتهم في البرنامج التلفزيوني "المغامرة الروسية" الذي تقدمه محطة "او ار تي" ايضا. وصوت المعلق في هذا البرنامج يسوده التوتر في التعليق على هبوط المغامرين الى المغاور او تواجدهم في مياه موحلة او لقائهم بتماسيح من الانواع الضخمة.
ويواتيني دائما السؤال نفسه كل مرة : ماذا تقدم السياحة التي تصل الى حد العبث؟ ربما هناك بعض الافراد ممن لا تكفيهم المعلومات الواردة في موسوعة غينيس للارقام القياسية، ويريدون تحقيق المزيد! حسنا.. يمكنهم تحقيق ما يريدون، او على الاقل المحاولة طالما لديهم من المال ما يكفي لذلك.