سيطرة الدعم السريع على قاعدة الشفرليت تمهد لفتح جبهات جديدة

قوات الدعم السريع تسعى إلى تعزيز وجودها في المثلث الحدودي؛ بهدف تأمين طرق الإمداد، خاصة الوقود والمواد الغذائية.

الخرطوم – فرضت قوات الدعم السريع سيطرتها الكاملة على قاعدة الشفرليت العسكرية، التي تقع في موقع استراتيجي شمالي البلاد، في قلب صحراء السودان الشمالية الغربية، حيث تلتقي حدود السودان مع مصر وليبيا، في خطوة تهدف إلى إحكام السيطرة على الممرات الحدودية الصحراوية.

وأفادت مصادر محلية أن هذه الخطوة تأتي في إطار مساعي الدعم السريع لإغلاق المنافذ المؤدية إلى حكومة بورتسودان، ومحاصرتها من كافة الاتجاهات، لا سيما عبر المناطق الصحراوية المتاخمة لمصر وليبيا.

ومن خلال سيطرتها على الشفرليت، كرب التوم، العوينات، العطرون، والمالحة، تكون قوات الدعم السريع قد أحكمت قبضتها على أجزاء واسعة من الحدود مع ليبيا، تشاد، أفريقيا الوسطى، وجنوب السودان، مما يمنحها بعداً استراتيجياً مهماً في سياق الصراع الذي اندلع في السودان منذ 15 أبريل/نيسان 2023.

وشهد مثلث "مثلث جبل العوينات" في الأسابيع الأخيرة ساحة مواجهة مباشرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع التي أعلنت سيطرتها على "المثلث الاستراتيجي" عند التقاء حدود الدول الثلاث. ونشرت عناصر تابعة للقوات مقاطع مصورة تبين انتشارهم في المنطقة.

ووصفت قوات الدعم السريع في بيان هذه الخطوة بأنها "نصر نوعي" من شأنه فتح جبهات جديدة في الحرب، خاصة في المناطق الصحراوية التي كانت حتى وقت قريب خارج نطاق المعركة المباشرة.

من جهته، برر الجيش السوداني خسارته المنطقة بالقول أنه أخلى الموقع ضمن "الترتيبات الدفاعية التي تهدف إلى صد العدوان"، في إشارة إلى أن هذا التراجع قد لا يكون دائماً.

وفي الوقت ذاته، اتهم الجيش السوداني قائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر، بمساندة قوات الدعم السريع في هجومها الأخير، ما أضاف بُعداً جديداً من التعقيد إلى المشهد، إذ أن الجيش السوداني دأب على اتهام أطراف إقليمية بالانخراط في الصراع عبر مساعدة قوات الدعم السريع لتبرير هزائمها العسكرية.

ويقع مثلث جبل العوينات عند تقاطع حدود السودان مع مصر وليبيا. ويُعد من أكثر المناطق عزلة في الصحراء الكبرى.

وظلت المنطقة مهملة لعقود بسبب تضاريسها الوعرة وغياب السكان، ولم تُحسم تبعيتها بشكل دقيق بين الدول الثلاث، خاصة بعد اتفاقية الحدود بين مصر والسودان عام 1925.

لكن مع مرور الوقت، بدأ يُعاد النظر في موقعها الاستراتيجي، بعد اكتشاف مؤشرات لوجود الذهب والمعادن، وتحولها إلى معبر رئيسي لتهريب البشر والوقود والسلاح.

وأفاد الخبير بشؤون دارفور، عبدالله آدم خاطر في تصريح لهيئة الإذاعة البريطانية، إن أهمية هذه المنطقة تتمثل في تاريخها العميق؛ إذ كانت تحتوي على مياه وتنبض بالحياة، وتجمع عدداً من القبائل؛ جزء منها من جذور ليبية، وأخرى قبائل مشتركة.

وأضاف خاطر في حديثه أن اللافت للنظر هو أن هذه المنطقة أضحت جزءاً من الصراع الإقليمي، ولا يُستبعد ذلك لأنها ثرية بالمعادن، وما يحدث الآن هو مؤشر لواقع جديد.

وكانت هذه المنطقة قبل دخول قوات الدعم السريع إليها تقع تحت سيطرة الحركات المسلحة المتحالفة مع الجيش السوداني، وقد عُرفت العوينات بأنها منطقة تعدين أهلي تضم عشرات الآلاف من المعدنين.

ويعتبر الصراع في المثلث الحدودي لم يعد مجرد معركة بين فصيلين داخل السودان، بل بات معتركاً جيوسياسياً.

وهناك من يرى أن هذا التصاعد المستمر للأحداث يزيد من مخاوف دول الجوار. فإلى الشمال، تُراقب مصر ما يجري على مقربة من حدودها الجنوبية وتخشى من تحوّل المنطقة إلى نقطة انطلاق لتهريب البشر والأسلحة نحو أراضيها، أو نحو أوروبا عبر ليبيا.

وللمنطقة أهمية اقتصادية وأمنية لا يستهان بها، وتسعى قوات الدعم السريع في الوقت الراهن إلى تعزيز وجودها في المثلث؛ بهدف تأمين طرق الإمداد، خاصة الوقود والمواد الغذائية.

أما الجيش السوداني، الموجود على بُعد أكثر من 400 كيلومتر من الموقع، فيعتمد بشكل أساسي على الطيران المُسيَّر، في محاولة لتقويض وجود الدعم السريع دون المخاطرة بقوات برية في بيئة قاسية وبعيدة عن قواعد الإمداد.