سيول أربيل تفضح الاهمال والتقصير وسوء التخطيط

التجاوزات في البناء بدواعي المحسوبية أو بسبب الفساد جعلت المنازل في الوديان مشروعات كوارث.
اين دور دوائر الطرق والجسور والمرور في تطبيق انظمة السلامة؟
الاهمال والتقصير واضح في المناطق التي تضررت لأن اغلب البيوت تم انشاؤها تجاوزاً او خطأ

لا يوجد أسهل من القول ان الامطار ظاهرة طبيعية والسيول والعواصف تحدث في كل دول العالم، والتبرير بان الآثار والاضرار التي حدثت هي اقل بما حدث ويحدث في دول اكثر تقدما حدث فيها أسوأ واخطر مما حدث في اربيل، لكن من المهم دراسة ومناقشة ما جرى يوم الخميس وليلة الجمعة 17 كانون أول/ديسمبر 2021 والذي تسبب بوفاة 12 شخصاً بينهم طفل رضيع من جراء الفيضانات والسيول التي اجتاحت أربيل، وكانت أكثر المناطق المتضررة دارتو ومام زاوا وقوشتبة وروشنبيران وغيرها من المناطق.

ان ما حدث لم يكن الاول فقبل حوالي شهرين شهدت مدينة زيرين على اطراف مدينة اربيل أسوأ مما حدث اليوم، ولن يكون الاخير طالما ان المعالجات والحلول التي تقوم بها الحكومة والجهات المختصة تقتصر على تعويض المتضررين ومواساتهم، وغيرها من الاجراءات التي تمثل كلها رد فعل على ما يحدث وليس فعلا واجراءات وقرارات تقوم به الحكومة بكافة وزاراتها ومؤسساتها.

سيول اربيل والامطار التي اذا ما استمرت عدة ساعات في اي مدينة في العراق او الاقليم فان الشوارع تتحول الى مسابح والمنخفضات الى سيول والمياه الى انهار جارفة تجرف معها كل شيء، سيارات وبيوت وناس نائمين في بيوتهم يجدون انفسهم وسط بحر متلاطم من المياه التي تحاصرهم وتجعلهم من هول الكارثة يفقدون أعز احبائهم كما حدث للطفل دانا ابن الـ10 أشهر والذي جرفته السيول من يد ابيه الذي كان يحاول انقاذ اولاده الاربعة.

ان الاهمال والتقصير واضح في المناطق التي تضررت لان اغلب البيوت تم انشائها تجاوزاً او خطأ من ناحية المكان فاين دور المهندسين ودوائر البلدية التي عليها توضيح الامر للناس كيف تسمح بالبناء في المناطق المنخفضة او الوديان او قرب الجداول والانهار؟

واين دور دوائر الطرق والجسور والمرور في تطبيق انظمة السلامة؟ فيما يتعلق بمحرمات الطرق والجداول ومسارات مياه الفيضانات؟

وما هي الطريقة التي يمكن من خلالها ان تمضي او يتم تصريف المياه الزائدة او الكثيرة ايام الشتاء؟

التقصير وسوء التخطيط في انشاء الاحياء او المدن الجديدة حول اربيل والكثير من المدن العراقية والتي غالبا ما يقوم بها اشخاص مسؤولون ومتنفذون يسيطرون على اراضي وعقارات ويبنون عليها بيوت او احياء تباع الى الفقراء واصحاب الدخل المحدود، وهي تجارة غير مشروعة يستولون على كل ما يجدونه امامهم ويحولوه الى بيوت ومحلات تجارية واسواق ومخازن موجودة ومعروفة لأغلب الناس وتم بنائها من دون تخطيط او اجازات بناء او موافقات اصولية من البلدية والبيئة وغيرها من اجهزة الدولة ومؤسساتها.

نحتاج الى مراجعة وتقييم عمل واداء المسؤولين في الادارات الحكومية والمحلية والبلدية والدفاع المدني والطرق والجسور والبيئة والطابو والصحة والادارات الهندسية ومحاسبتهم واعفاء المقصر والمهمل منهم حتى يكونوا عبرة لغيرهم.