شراكة إستراتيجية بين مالي وروسيا تفاقم عزلة الجزائر

باماكو وموسكو توقعان حزمة اتفاقيات تعاون في عدة قطاعات، في خطوة تثير قلق الجزائر المتوجسة من مزيد انحسار نفوذها في المنطقة.

الجزائر/باماكو - وقعت باماكو وموسكو خلال الزيارة التي بدأها رئيس المجلس العسكري في مالي عاصمي غويتا إلى روسيا نهاية الأسبوع الماضي وتستمر إلى الخميس، حزمة من الاتفاقية في عدة قطاعات من أبزرها الطاقة، في خطوة من شأنها أن تضاعف ارتباك الجزائر المتوجسة من تفاقم عزلتها في محيطها الأفريقي، في ظل تصدع علاقاتها مع دول الساحل.

وشملت الاتفاقيات التي أُبرمت خلال المحادثات بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وغويتا، اتفاقية تحدد أسس العلاقات بين البلدين وشراكة إستراتيجية جديدة لاستكشاف سبل استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية، وفقا لبيان صادر عن "الكرملين".

ووقع وزير التنمية الاقتصادية الروسي مكسيم ريشيتنيكوف ونظيره المالي وزير الاقتصاد والمالية ألوسيني سانو الاتفاقية الحكومية لإنشاء اللجنة المشتركة للتعاون الاقتصادي التجاري والعلمي التقني.

وتتماشى هذه الشراكة مع استراتيجية روسيا الأوسع لتعزيز نفوذها في إفريقيا، خاصة في الدول الغنية بالموارد الطبيعية والتي تعاني من التفكك الجيوسياسي.

وتركز موسكو بشكل كبير على التعاون العسكري والفني مع مالي لمكافحة الإرهاب وتعزيز القدرات القتالية للجيش المالي وقوات إنفاذ القانون.

ويبعث التعاون المتنامي بين روسيا ومالي برسائل تفيد بتوجه باماكو إلى فك ارتباطها مع الجزائر، في ذروة التوتر بين البلدين، إثر الأزمة الدبلوماسية بعد التصعيد الجزائري وتهويل واقعة إسقاط طائرة استطلاع مسيرة تابعة للجيش المالي في أبريل/نيسان الماضي.

وقامت مالي وحليفتاها النيجر وبوركينا فاسو حينها باستدعاء سفرائها لدى الجزائر، التي استدعت بدورها سفيريها لدى باماكو ونيامي. وأثارت الأزمة قلق المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا ''إيكواس'' من تصاعد التوترات، وسط مخاوف من أن يؤدي استمرار الانقسام إلى صراع مسلح بين الجارتين.

وتتهم مالي الجزائر بتوفير ملاذ آمن للمتمردين الطوارق وتسهيل تحركاتهم عبر الحدود المشتركة والتفاوض مع وفود عن الانفصاليين دون إشراكها، بينما ترى السلطات الجزائرية أن باماكو تبالغ في اتهاماتها وتسعى لفرض سيطرتها بالقوة.

ويُشير بعض المحللين إلى غياب التنسيق الأمني والسياسي بين البلدين كسبب لتفاقم الأزمة، خاصة بعد انسحاب فرنسا من المنطقة في عام 2022، وتوقعات بأن تملأ الجزائر هذا الفراغ، وهو ما أخفقت فيه الأخيرة بسبب سياستها الخارجية الخاطئة وارتباك دبلوماسيتها.

ويثير التقارب بين مالي وروسيا مخاوف جزائرية من تغول نفوذ أطراف خارجية على حدودها الجنوبية، في وقت تسعى فيه الجزائر للحفاظ على دورها كوسيط إقليمي، رغم فشلها في تسوية أغلب الأزمات التي توسطت فيها.

وعلى الرغم من الوجود الروسي، لم يتم حل المشاكل الأمنية العميقة في مالي، بل شهدت البلاد تصاعدًا في العنف ضد المدنيين من قبل المرتزقة والقوات الأمنية المالية، فيما يتوقع أن تؤدي هذه الشراكة إلى مزيد من العزلة لباماكو عن الغرب وتقليل المساعدات الدولية.

ويعكس تنامي التعاون الروسي المالي تحولاً استراتيجيًا للأخيرة بعيدًا عن الغرب نحو موسكو، مدفوعًا بالبحث عن حلول أمنية واقتصادية دون قيود سياسية، في وقت تسعى فيه روسيا لتعزيز نفوذها الجيوسياسي والاقتصادي في إفريقيا، خاصة في ظل العزلة الدولية التي تواجهها بسبب غزوها لأوكرانيا.