شكل أجسامنا يتغير عند العيش على ارتفاعات عالية

النقص في الأكسجين يتسبب في عدم فاعلية عملية تحويل الطعام الى طاقة ويبطئ النمو لدى البشر، والترعرع على ارتفاع عال جدا يؤدي الى ذراعين اقل طولا.
السكان في جبال هملايا والانديس لديهم 'صدر برميلي' كبير يسمح بتحسين قدرة الرئتين على استيعاب المزيد من الأكسجين

باريس – الترعرع على ارتفاع عال جدا يحمل جسم الانسان الذي هو في طور النمو، على تخزين الطاقة وقد ينعكس ذراعين اقل طولا على ما اظهرت دراسة نشرت الاربعاء.
فالرجال والنساء النيباليون الذين ولدوا وترعرعوا على ارتفاع 3500 متر على الاقل، يرجح ان يتمتعوا بذراعين اقصر مقارنة مع اشخاص من الاصول نفسها من مناطق منخفضة على ما ذكر علماء في مجلة "رويال سوساييتي اوبن ساينس".
وللمفارقة، ان اعضاء من الجسم قريبة من الذراعين مثل الساعدين واليدين، تحافظ على الحجم نفسه لدى المجموعتين.
وسجل النمط نفسه في دراسة سابقة في صفوف اطفال بيروفيين ما يعزز فرضية ان الظروف الجبلية القاسية مسؤولة ربما عن هذه الظاهرة.
وقالت ستيفاني باين المعدة الرئيسية للدراسة وهي عالمة إناسة حيوية في جامعة كامبريدج "كان من الملفت ان نرى ان المجموعتين اتبعتا انماط العيش نفسها".
وتثير النتائج مجموعة من الاسئلة ومنها ما هي العوامل التي تجعل شكل الجسم يتغير على ارتفاع عال؟.
وتؤكد باين "انها على الارجح عملية تكييف لتحسين تنشق الاكسجين".
وللاسباب نفسها فان السكان الاصليين في جبال هملايا والانديس لديهم "صدر برميلي" كبير يسمح بتحسين قدرة الرئتين على استيعاب المزيد من الاكسجين.
ومع ان الهواء يحوي 21% من الاكسجين على كل الارتفاعات، يشعر الشخص بان الاكسجين اقل في الجبال بسبب الضغط الجوي المنخفض.
وباستخدام "الاكسجين الفعال" فان المستوى ينخفض الى ما دون 40% على ارتفاع 3500 متر مقارنة بمستوى البحر.
في المناطق الجبلية العليا، يؤدي تراجع توافر الاكسجين الى عدم فاعلية عملية تحويل الطعام الى طاقة ما يعني ان الطاقة المتوافرة للنمو اقل.
وهذا الوضع يزداد سوءا اذا ما ترافق مع حمية غير غنية بالمغذيات.
لكن ما الافادة من ذراعين وساقين اقل طولا اذ ان الاخيرة تكون اقصر ايضا لدى سكان المناطق العالية؟ ولم لا تتأثر اعضاء الجسم الاخرى؟.
تشير الدراسة الى ان الامر لا يتعلق بمكاسب بل بالحرص على عدم خسارة اي شيء.
وتوضح باين "جسم الانسان يضع اولويات حول الاجزاء التي ينبغي ان تنمو عندما تكون الطاقة المتوافرة محدودة للنمو مثل ما يحصل في الارتفاعات العالية".
وتضيف "النمو الكامل لليد اساسي للمهارة اليدوية في حين ان طول الساعدين مهم جدا للقوة".
الا ان الذراع الاقصر يمكن للانسان ان يتعايش معه.

جبال الهملايا
بعيدا عن الصخب والضوضاء

وفي اطار الدراسة مشت باين وزملاء لها من نيبال وكندا لمدة يومين مع ثيران الياك محملة بمعدات علمية عبر ممرات جبلية، على مسار ايفرست وقد عانوا من دوار المرتفعات خلال رحلتهم.
فالبشر شأنهم في ذلك شأن كل الكائنات الحية يتكيفون مع ضغوط التطور من خلال عملية انتقاء طبيعية، والتحولات الجينية العرضية تحسن فرص الصمود وهي قد تنقل الى الاطفال.
الا ان باين تشكك في ان التطور يفعل فعله في هذه الحالة وهي تعتبر ان جسم الشخص المولود في مناطق يندر فيها الاكسجين مثل الانديس او هملايا يتفاعل ويتكيف في الوقت الحقيقي منذ يكون جنينا.
الا ان الالية البيولوجية التي تؤدي الى ذراعين اقصر لا تزال لغزا.
وتقول باين "قد تكون مرتبطة بتغير درجات الحرارة وتقلب تدفق الدم الى هذا العضو خلال النمو او اختلافات في وصول المغذيات بين أجزاء هذا العضو".