شكوك تحوم حول امتثال إسرائيل لقرار الوقف الفوري لإطلاق النار
القدس/واشنطن - قال البيت الأبيض اليوم الاثنين إنه لا يرى مؤشرات أو خطة لغزو إسرائيلي لمدينة رفح الواقعة في أقصى جنوب قطاع غزة على الحدود مع مصر خلال الأيام المقبلة، وفيما رحب السكان في رفح بقرار مجلس الأمن الدولي الداعي إلى وقف فوري لإطلاق النار بدوا متشككين في قدرة المجتمع الدولي على إلزام إسرائيل بتطبيقه.
وفي وقت سابق عبر البيت الأبيض عن خيبة أمله لإلغاء رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو زيارة مقررة لوفد إسرائيلي رفيع المستوى إلى واشنطن بعد امتناع واشنطن عن استخدام حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار في مجلس الأمن بشأن وقف إطلاق النار في غزة.
وأعلن جون كيربي متحدث الاثنين أن البيت الأبيض "فوجىء إلى حد ما" باستياء إسرائيل بعدما تبنى مجلس الأمن الدولي قرارا يدعو لوقف إطلاق النار في غزة، في ظل امتناع الولايات المتحدة عن التصويت.
وقال كيربي "يبدو أن دوائر رئيس الوزراء الإسرائيلي تسعى إلى إشاعة انطباع عن تباين، في حين أن هذا الأمر ليس ضروريا"، مكررا أن الامتناع الأميركي لا يمثل "تغييرا في الموقف السياسي"، حتى لو كانت واشنطن عطلت مرارا في الأشهر الأخيرة تبني قرارات للأمم المتحدة عن غزة.
ورحب السكان في رفح بقرار مجلس الأمن الدولي لكنهم أعربوا عن شكوكهم في قدرة المجتمع الدولي على إلزام إسرائيل بتطبيقه.
والمدينة الواقعة في أقصى جنوب قطاع غزة على الحدود المغلقة مع مصر والتي تضاعف عدد سكانها خمس مرات مع لجوء أكثر من مليون نازح إليها بسبب الحرب، مهددة بعملية برية واسعة النطاق تستعد لها إسرائيل بحجة "القضاء" على حماس، متجاهلة نداءات العديد من الدول بما في ذلك حليفتها واشنطن.
وقال إيهاب العصار البالغ 60 عاماً والنازح من تل الهوى بمدينة غزة "القرار جاء متأخراً بعد ستة أشهر من المجازر والإبادة والتهجير. الشعب الفلسطيني سئم هذه الحرب ومن حقه أن يعيش بكرامة وسلام مثل شعوب العالم".
وأضاف "أخيراً، وصلت أميركا إلى اقتناع بان العدو الصهيوني يرتكب مجازر ومذابح وتطهيرا عرقيا في فلسطين وقطاع غزة ... ان شاء الله يُطبق القرار وتلتزم به إسرائيل وتجنب الشعب الفلسطيني المجازر".
ولكن أبوبلال عواد (63 عاما) وهو نازح من خان يونس على بعد نحو عشرة كيلومترات إلى الشمال من رفح، توجه مباشرة إلى الولايات المتحدة قائلاً إن "عليها أن تستخدم كل صلاحياتها. ومثلما قدمت كل الدعم لإسرائيل أن تدعم وقف النار وعدم دخول الجيش الإسرائيلي لرفح وضمان عودة النازحين لأن رفح مثل قنبلة موقوتة والنازحين في رفح موتى من غير قنابل". وأضاف "إذا لم توقف أميركا إسرائيل بالقوة فإن كل قرارتها ... تصبح حبراً على ورق".
بعد أكثر من خمسة أشهر من الحرب، تبنى مجلس الأمن الدولي الاثنين قراره الأول الذي يطالب فيه بـ"وقف فوري لإطلاق النار" في غزة، وامتنعت الولايات المتحدة عن التصويت بعدما عطلت محاولات سابقة لإصدار قرار عبر اللجوء الى حق النقض (الفيتو).
"القرار جاء متأخراً بعد ستة أشهر من المجازر والإبادة والتهجير. الشعب الفلسطيني سئم هذه الحرب ومن حقه أن يعيش بكرامة وسلام مثل شعوب العالم".
وفيما كان الناس من حوله منهمكين في تدبر أمورهم للحصول على ما يسدون به الرمق بعد صيام يومهم، قال قاسم مقداد النازح من خان يونس والبالغ 74 عاماً، "نتمنى أن يكون القرار فعالاً وأن تستخدم الدول العظمى قوتها كما حصل في العراق وسوريا وغيرها، إذا لم توافق إسرائيل على وقف النار".
وأضاف "لا نأمل أن توافق إسرائيل على هذا القرار لأنها ضربت عرض الحائط قرارات كثيرة". واضاف "كما أن القرار هو لوقف النار في رمضان ولكن ماذا بعد رمضان؟".
وفي سياق متصل أكدت مقررة الأمم المتحدة الخاصة للأراضي الفلسطينية أن "هناك أسبابا منطقية" للقول إن إسرائيل ارتكبت العديد من "أعمال الابادة"، وذلك في تقرير نشر الاثنين لافتة أيضا إلى "تطهير عرقي".
وقالت فرانشيسكا البانيزي في تقريرها الذي سترفعه الثلاثاء إلى مجلس حقوق الإنسان في جنيف إن "الطبيعة والحجم الساحقين للهجوم الإسرائيلي على غزة، وظروف الحياة المدمرة التي تسبب بها، تكشف نية لتدمير الفلسطينيين جسديا بوصفهم مجموعة".
وفي التقرير الذي عنوانه "تشريح عملية إبادة"، خلصت الخبيرة إلى "وجود أسباب منطقية للقول إنه تم بلوغ السقف الذي يفيد بان اعمال إبادة" ارتكبت "بحق الفلسطينيين في غزة".
وفي خلاصاتها أيضا عددت المقررة ثلاثة أنواع من أعمال الإباد وهي"قتل افراد في المجموعة، إلحاق ضرر خطير بالسلامة الجسدية أو العقلية لأفراد المجموعة وإخضاع المجموعة في شكل متعمد إلى ظروف معيشية من شأنها أن تؤدي إلى تدمير جسدي كامل أو جزئي" والمقصود هنا ثلاثة من خمسة أفعال إبادة تضمنتها شرعة قمع جريمة الابادة والحماية منها.
وأعلن ممثلو إسرائيل لدى الأمم المتحدة في جنيف "رفضهم الكامل للتقرير"، واعتبروا في بيان أنه يشكل جزءا "من حملة تهدف إلى تقويض النظام نفسه للدولة اليهودية".
وأضافت البانيزي أن "حرب اسرائيل هي ضد حماس وليست ضد المدنيين الفلسطينيين". وأعلنت إسرائيل في 12 فبراير/شباط أنها منعت البانيزي من دخول اراضيها بعد تصريحات ادلت بها عن هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول اعتبرتها السلطات الاسرائيلية "معادية للسامية".
واكدت البانيزي أيضا في تقريرها أن "صور المدنيين القتلى بعد نزوحهم إلى جنوب غزة، مرفقة بتصريحات لبعض المسؤولين الاسرائيليين الكبار الذين يعلنون نيتهم تهجير الفلسطينيين بالقوة إلى خارج غزة واستبدالهم بمستوطنين اسرائيليين، تؤدي في شكل منطقي إلى الاستنتاج أن أوامر الاجلاء والمناطق الامنية استخدمت أدوات لتنفيذ أبادة وصولا الى تطهير عرقي".
وتابع التقرير "تمت الموافقة على أعمال الابادة وتنفيذها إثر تصريحات تعبر عن نية لارتكاب ابادة، صدرت من مسؤولين عسكريين وحكوميين كبار".
واتهمت المقرّرة إسرائيل بانها تعاملت مع "مجموعة برمتها" والبنية التحتية التي تستخدمها بوصفها "ارهابية" او "تدعم الارهاب"، و"حولت بذلك الجميع الى هدف او الى اضرار جانبية".
واكدت البانيزي في تقريرها أن "الإبادة الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في غزة هي مرحلة إضافية ضمن عملية محو طويلة يقوم بها المستوطنون".