شك وغضب وصدمة من استنساخ البشر

عواصم - اثار الاعلان عن اول استنساخ لجنين بشري سيلا من ردود الفعل المستنكرة التي شددت على مخاطر الدخول في دوامة استنساخ لغايات التكاثر.
وكانت شركة "ادفانسد سيل تكنولوجي" الاميركية اعلنت انها نجحت في استنساخ جنين بشري بهدف انتاج خلايا منشأ لاغراض علاجية.
ودان الفاتيكان "بدون لبس" هذه التجربة مذكرا بأنه "يمكن اتباع طرق اخرى" في مجال الابحاث حول خلايا المنشأ.
واكد الفاتيكان ان هذه التجربة ترغمه "على التأكيد مجددا بقوة ان بدء الحياة البشرية لا يمكن ان يرتكز على اساس عقد في مرحلة ما من نمو الجنين".
وذكر البيت الابيض ان الرئيس الاميركي جورج بوش يعارض "مئة في المئة اي شكل من اشكال الاستنساخ البشري" وانه اعرب عن امله في ان يصوت مجلس الشيوخ على مشروع قانون صوت عليه مجلس النواب لمنع اي استنساخ بشري.
وفي بريطانيا اكد وزير الدولة للصحة فيليب هانت قبل بدء جلسة برلمانية مخصصة لبحث قانون عاجل حول هذا الموضوع ان على بريطانيا "اغلاق ثغرة" الاستنساخ البشري لتجنب استخدامه لغايات التكاثر.
وقال هانت "اعتقد اننا على حق تماما لا سيما في ضوء اخبار الاستنساخ في الولايات المتحدة في القول انه علينا اغلاق ثغرة الاستنساخ البشري وهذا ما نسعى للقيام به في مشروع القانون هذا المحدد".
واضاف "انني اؤيد الاستنساخ العلاجي لانني اعتقد انه يفتح امامنا فرصة معالجة العديد من الامراض لكن يجب ان ينظم".
واتسم رد فعل رئيس الفريق الذي قام باستنساخ النعجة دوللي بالشك فيما يتعلق باستنساخ أول جنين بشري في الولايات المتحدة.
وقال يان ويلموت من معهد "روزلين" بأدنبره أنه هناك إمكانية ضئيلة للاستخدام الفوري لهذه التكنولوجيا الحاسمة. وأضاف أن الجنين يتعين أن يكون به المزيد من الخلايا عن تلك التي تكون له في مرحلة النمو التي وصلها، وأنه ليس هناك أدلة كافية لكي يمكن القول بيقين أن الاجنة المنتجة هي حقيقة أجنة مستنسخة.
وقال "من المستحيل تقريبا أن نحدد إلى أي مدى يمكن أن يكونوا قد وصلوا، ولكن ليس هناك في هذا التقرير ما يوحي بأن الاسلوب يمكن استخدامه لتحقق النجاح بصورة فورية".
وفي برلين انتقدت الحكومة الالمانية بشدة أول استنساخ للاجنة البشرية. وتعهدت بأن تظل مثل تلك الابحاث محظورة في ألمانيا. وقالت إديلجارد بوهلمان وزيرة الابحاث الالمانية "إن مثل تلك المحاولات غير مسئولة".
وقالت بوهلمان "إن الاستنساخ الانتاجي العلاجي محظور في ألمانيا وسوف يظل كذلك"، مضيفة أن برلين سوف تواصل الجهود الهادفة إلى تطبيق حظر دولي على الاستنساخ.
وانتقدت الوزيرة أيضا الولايات المتحدة لتطبق قوانين متباينة على المؤسسات العامة والخاصة بشأن الاستنساخ. وقالت "إنها معايير أخلاقية مزدوجة ولا يجب السماح بها هنا".
وقد أثار إعلان الشركة الاميركية ردود فعل غاضبة في إيطاليا، ونشرت الصحف الاخبار التي وصفتها بأنها "تدعو للصدمة" و "خطيرة" على صدر صفحاتها الاولى، إلى جانب التعليقات الانتقادية والافتتاحيات الساخطة.
ونشرت صحيفة "كورييرا ديلا سيرا" مقابلة مطولة مع جيرولامو سيرشا وزير الصحة الايطالي الذي قال أن التجربة "عديمة الجدوى" و "غير مقبولة أخلاقيا". وقال أنه يجب أن يتم اعتبار استنساخ البشر جريمة ضد الانسانية.
من ناحية أخرى طالب مشرع فرنسي بوضع تشريع دولي ضد استنساخ البشر وإقامة محكمة لمحاكمة من يخالفها.
وقال جان-فرنسوا ماتي في رد فعله على الانباء بأن شركة أميركية قد استنسخت أجنة بشرية لانتاج خلايا جذعية "لقد تجرءوا على مخالفة الحظر ضد التجارب على البشر. وعندما تتجاوز هذا الحاجز، تتجه نحو الحاجز التالي".
وتابع "أنه جزء من المنطق القائل بأن العلم لا يتوقف أبدا، ولا سيما عندما يتخذ ذريعة علاجية".
ووصف ماتي، وهو نائب من الحزب الليبرالي الديمقراطي وخبير في شئون أخلاقيات العلم، الموقف بأنه "خطير للغاية"، وأضاف "إننا بحاجة لتشريع دولي في أسرع وقت، يصدر تحت رعاية الامم المتحدة وتصاحبه العقوبات المناسبة التي تفرضها محكمة دولية".
وقال الاب إيلان أن المرضي الذين سيسعون للاستفادة من التكنولوجيا سوف يرتكبون أثما يفوق الاثم الذي يرتكبه العلماء.
وقال إيلان مشيرا إلى الامكانية المتواجدة الان باستخراج الخلايا الجذعية من النخاع الشوكي أو دم الانسان البالغ، أن التجارب الاميركية على الاجنة تعد أمرا مؤسفا على نحو خاص لأنها تستخدم الاجنة "كمواد خام".
غير أن نيكولاي أوزيرنيك نائب رئيس معهد البايولوجي في أكاديمية العلوم الروسية، خالف كل هذه الآراء وصف العمل الذي قامت به الشركة بأنه "ثوري".
وقال لوكالة أنباء إنترفاكس أنه لا يجب أن يستخدم في استنساخ البشر بصورة كاملة ولكن فقط في التطبيقات العلاجية مثل علاج مرض باركنسون والزهايمير والسكري ومشاكل الاوعية الدموية والسرطان وضعف العضلات واضطرابات النخاع الشوكي.
وتابع "إذا حاول شخص إنتاج إنسان فسوف تكون هناك الكثير من التشوهات حيث أن التعامل مع الاجنة خارج جسد الام سوف تقود لا محالة إلى تعطيل نموه".
وقال فياشيسلاف تارانتول نائب مدير معهد الاكاديمية للهندسة الوراثية الجزيئية أنه ليس هناك معنى لاستنساخ البشر ولكن التجارب الاميركية ذات أهمية علمية كبرى.
وواصل "لا استبعد أن يتم التمكن من استنساخ إنسان خلال ما يتراوح بين 15 إلى 20 عاما. ولكن حتى إذا ما نحيت الاعتبارات الاخلاقية جانبا، من الصعب أن تجد هدفا عمليا للاستنساخ".
وتابع أن الهدف الرئيسي من العمل الاميركي هو أن الاعضاء التي يتم زرعها والناجمة عن عملية الاستنساخ لن يرفضها جسد المتلقي.
وفي البرتغال، رد لويس ارشر رئيس مجلس الاخلاقيات بحذر معتبرا انه "يجب انتظار العرض العلمي للنتائج". وقال ان "استنساخ الاجنة البشرية موضع ادانة وكذلك كل التجارب بواسطة خلايا بشرية".
وفي اليونان، اكد الناطق باسم الحكومة كريستوس بروتوباباس على ضرورة وجود "اطار قانوني حديث" على المستويات الوطنية والاوروبية والدولية فيما ذكرت الكنيسة الارثوذكسية، غير المنفصلة عن الدولة في اليونان، بمعارضتها للتجارب على خلايا الجنين البشري.
وفي اسبانيا، حيث يحظر القانون الاستنساخ البشري، انتقد رئيس المجلس الاعلى للابحاث العلمية رولف تاراك واقع ان القطاع الخاص وخلافا للقطاع العام يمكنه القيام بابحاث حول الاستنساخ البشري.
وتساءل "لماذا تسري الاعتبارات الاخلاقية على الاموال الحكومية وليس على الاموال الخاصة".
من جهته اكد وزير الصحة التشيكي بوميل فيشر ان بروتوكولا يحظر استنساخ كائنات بشرية دخل حيز التنفيذ في الجمهورية التشيكية اعتبارا من 1 تشرين الاول/اكتوبر الماضي.
وفي النمسا، حيث يحظر الاستنساخ لغايات علاجية وصف البرفسور يوهانس هوبر، الاخصائي في علم الغدد الصم وطب النساء ومعالجة العقم، التجربة الاميركية بـ"اللهو" المحدود الابعاد.
وفي المقابل اعلنت متحدثة باسم المفوضية الاوروبية في بروكسل ان عمليات استنساخ الاجنة البشرية مثل تلك التي اعلن عنها في الولايات المتحدة ممكنة نظريا في سبع من دول الاتحاد الاوروبي الـ15 نظرا لعدم وجود اي تشريعات للاتحاد في هذا المجال.
وذكرت المتحدثة بان المفوضية تعارض انتاج اجنة بشرية لاستخدامها في البحث العلمي ولن تمول اي برنامج في هذا الصدد.