طوفان الأقصى وما بعده

ثمة موقف ضبابي للفصائل الولائية في العراق من الولايات المتحدة.

من المؤكد أن المناخ الجيوسياسي للمنطقة سيبدو مختلفاً عمّا كان عليه قبل "طوفان الأقصى"، لأن عوامل ذلك المناخ تخبرنا أن الأولويات ستتغير حيث دخلت شروط جديدة في اللعبة.

بالرغم من تعمق الأزمة التي أحدثتها عملية "طوفان الأقصى" والذي تحول إلى صراع وجودي بين إسرائيل والفلسطينيين يظل المشهد ضبابياً بإنتظار القادم من الأيام والأحداث، فأميركا التي من المفترض أن تمارس دور التهدئة والحوار مع إقتراب موعد إنتخاباتها الرئاسية 2024 وإهتمامها بجبهة الصراع مع أوكرانيا، ذهبت إلى تأزيم الموقف عبر الإعلان عن مساندة إسرائيل وحمايتها من خلال قرارات على أرض الواقع تمثلت بتحريك حاملة الطائرات "يو إس إس جيرالد آر فورد" وصواريخ كروز وأربع مدمرات صواريخ حطّت في المنطقة، إضافة إلى مقاتلات جوية، وماذا بعد؟.

خارطة الطريق الجديد الذي كان من الممكن أن يرسمه نجاح التطبيع السعودي الإسرائيلي في تغيير قواعد اللعبة وفرض شروطاً جديدة تحكم واقعاً من الإستقرار لدول المنطقة، حيث نجحت دول في المنطقة وكأنها كانت تنتظر حدثاً مثل "طوفان الأقصى" يتماشى مع رغباتها في تأخير ذلك التطبيع لتبقى وحدها في الساحة السياسية كحلقة وصل تربط إسرائيل بالمنطقة.

مصر ذلك اللاعب الأساسي في التفاوض وهو مقبل على إنتخابات رئاسية تحمل منافسة قوية بين عبد الفتاح السيسي وأحمد طنطاوي يبدو هي الأخرى ليست بذلك التفاعل مع الأزمة التي قد تكون قضية دسمة لصراع إنتخابي بين الأطراف التي تجد إن القضية الفلسطينية مناسبة لإستثارة مشاعر المواطن المصري.

في كل تلك السيناريوهات يبقى موقف الفصائل المسلحة العراقية ضبابياً وهلامياً يتأرجح بين التقدم خطوة عبر التصريح والتهديد بإستهداف المصالح الأميركية في العراق فيما إذا تدخلت إلى جانب إسرائيل، وبين التراجع خطوتين إلى الوراء وعيون رومانوسكي السفيرة الأميركية في بغداد تراقبهم، فهي الراعي الرسمي لحكومة الإطار المؤتلفة من هذه الفصائل المسلحة، ومتى كانت أميركا لا تدعم إسرائيل؟ وليكن السؤال بصورته الأوضح وهو متى تخلت أميركا عن دعم إسرائيل؟ وكيف يساهم من يعيش في بلد محتل بإخراج المحتل من أرض أخرى؟ ومن وصف غزو العراق وقتل شعبه وتهجيرهم بالتحرير؟

أغلب الظن أن شعارات المقاومة لا تعدو كونها أصوات خجولة لا تُسمع لأنها شعارات للإستهلاك المحلي مع قرب الإنتخابات المحلية وضرورة إقناع ما تبقى من جمهورهم بتلك الشعارات الزائفة.

لا حل بديل سوى ذلك الذي يقوم على حل الدولتين، فلسطين وإسرائيل، والإلتزام بإحترام القرارات الخاصة بحق العيش للشعب الفلسطيني ومعايير تُدين أي إنتهاك لحقوقهم ودمائهم وأرضهم، أما سلوك طرق العنف والتهجير والإبادة فهو من المؤكد سيؤدي إلى كارثة تصيب المنطقة بأجمعها بما فيها إسرائيل.