عجز مالي غير مسبوق يضع العراق على حافة أزمة طاحنة
بغداد - يواجه العراق أزمة مالية حادة فاقمها ارتفاع المديونية وبلوغ نسبة العجز مستويات قياسية، على ما أكده النائب بالبرلمان العراقي رائد المالكي، فيما أثارت الأموال الطائلة التي أنفقتها حكومة السوداني قبل وخلال استضافة القمة العربية الأخيرة بالإضافة إلى مضيها في تنفيذ "خطة بغداد أجمل"، التي تتطلب نحو 160 مليار دولار، جدلا واسعا، بينما ذهب بعض النشطاء إلى حد اتهامها بتبديد المال العام، في وقت تتضاعف المخاوف من عجزها عن صرف رواتب موظفي الدولة.
ونقل موقع شفق نيوز الكردي العراقي عن المالكي قوله إن ديون البلاد فاقت 130 مليار دولار، لافتا إلى أن الإيرادات المتوفرة في الوقت الراهن لا تكفي لتأمين الأجور، مضيفا في بيان أصدره عقب لقائه وزيرة المالية طيف سامي إن "الأخيرة لا تنوي تقديم جداول الموازنة ولم تقم بإعدادها أصلا، بسبب رفض محافظ البنك المركزي الاقتراض لتغطية العجز الكبير فيها".
وتابع أن "الوزارة أوقفت تحويلات الرواتب لموظفي كردستان بسبب استيفاء استحقاقات الإقليم المالية وعدم تسديد الإيرادات من قبل أربيل"، مضيفا أن "الوزيرة ترفض صرف العلاوات والترفيعات لموظفي الوزارات إلا بعد إقرار جداول الموازنة".
ويشهد العراق عجزا ماليا يثير قلقا بشأن قدرة الدولة على الإيفاء بالتزاماتها المالية، على الرغم من أن بعض المسؤولين الحكومية يقللون من شأن الحديث عن أزمة ويصفونها بأنها "مجرد شائعات"، إلا أن هناك مؤشرات عديدة تدل على وجود صعوبات وتحديات مالية حقيقية تواجه البلاد.
ويعتمد اقتصاد البلاد بشكل كبير على إيرادات النفط، التي تشكل نحو 90 بالمئة من مصادر دخل البلاد وبالتالي، فإن أي انخفاض في الأسعار العالمية أو في كميات التصدير يؤثر بشكل كبير على الموارد المالية.
وقد شهدت أسعار النفط تقلبات كبيرة في السنوات الأخيرة، فيما تشير توقعات إلى انخفاضها في المستقبل مما يزيد من المخاوف بشأن الوضع المالي للبلاد.
وقال المالكي إنه "︎بالرغم من الأزمة إلا أن الحكومة مستمرة بإصدار قرارات غير مسؤولة تضيف أعباء مالية ونفقات إضافية وآخرها قرارها المصادقة على خطة 'بغداد أجمل المرحلة الثانية' التي خصص لها قرابة 160 مليار دينار دون احتساب الأموال التي صرفت على القمة العربية والتبرعات"، متابعا "كل ذلك من أجل أن يقال إن حكومة فلان تشتغل".
وأوضع أن المئات من مشاريع البنى التحتية غارقة في الديون، فيما بلغت مستحقات المقاولين، غير المسددة، تريليونات الدولار، محذرا من تكرار سيناريو العام 2016 وهي السنة التي واجهت فيها بغداد عجزا ماليا تاريخيا بلغ 30 تريليون دينار.
واتهم النائب حكومة السوداني بـ"الاستيلاء" على مستحقات العلاوات والزيادات في أجور الموظفين وسحب أموال الأمانات وبيع بعض الأصول من أجل تغطية الكثير من المشاريع التي وصفها بأنها "غير ضرورية"
وتشير العديد من التقارير إلى أن العراق يواجه تحديات مالية كبيرة تتطلب معالجة جذرية وسريعة من خلال تنويع مصادر الدخل ومكافحة الفساد وإصلاح القطاع المصرفي وتحسين إدارة الموارد وتفعيل القطاعات الإنتاجية الأخرى.
ويعتبر الفساد وسوء إدارة الموارد من العوامل الرئيسية التي تساهم في تفاقم الأزمة المالية، حيث يؤدي إلى هدر الأموال وعدم الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة.
ويعاني العراق من ضعف في القطاعات الصناعية والزراعية ويعتمد بشكل كبير على الاستيراد، مما يستنزف العملة الصعبة ويؤثر على الاستقرار المالي.
ويتوقع أن يؤدي نقص التمويل إلى تأخير أو إلغاء العديد من المشاريع التنموية الحيوية، فيما ينذر شح الدولار وارتفاع تكاليف الاستيراد بارتفاع في الأسعار، ما من شأنه أن يتسبب في مزيد تدهور القدرة الشرائية للمواطنين.
ويحذر خبراء من أن تؤدي الأزمة المالية إلى فقدان الثقة بالاقتصاد العراقي بما يحد من قدرة البلاد على استقطاب الاستثمارات الأجنبية، وسط مؤشرات على أن حكومة السوداتي تتجه إلى الاقتراض لسد العجز في الميزانية، مما يزيد من حجم الدين العام.