عراقيون يرفضون حظر الكحول: تنشيط للتجارة غير الشرعية وانتشار للمخدرات
بغداد - أعربت كتلة "الوركاء الديمقراطية" المسيحية عن اعتراضها الشديد على القرار الحكومي بحظر المشروبات الكحولية في النوادي الاجتماعية في العراق، الذي أصار جدلا واسعا خاصة أن إقرار القانون قاد الى ارتفاع أسعارها بشكل صاروخي وتفشي الفساد والرشاوى حولها.
وحذرت الكتلة في الوقت ذاته من انتشار المخدرات بعد هذا القرار من قبل أصحاب "السلاح المنفلت".
وقال رئيس الكتلة النائب السابق جوزيف صليوا، إن "موضوع المشروبات الكحولية أصبح ملفا تجاريا بغطاء ديني، والغاية من هذا الأمر كسب الأموال، وفتح الطريق أمام انتشار المخدرات التي تسيطر عليها بعض الأطراف التي تمتلك السلاح خارج إرادة الدولة، وهذه الأطراف تغطي على الموضوع بحجة أن القضية لها علاقة بالجانب الديني".
وتمنح تراخيص بيع المشروبات الكحولية لغير المسلمين فقط في العراق، وشرب الكحول بالأماكن العامة غير محظور لكنه مستهجن.
وعملت الاقلية المسيحية والإيزيدية في صناعة الخمور لمدة قرن من الزمان، بعد أن صدرت القوانين في العشرينيات من القرن الماضي والتي سمحت بهذه الصناعة لغير المسلمين فقط.
وجاء في وثيقة رسمية أن العراق بدأ تنفيذ حظر يعود لعام 2016 على المشروبات الكحولية، في خطوة يرى بعض العراقيين أنها ناتجة عن تزايد نفوذ الأحزاب الدينية الإسلامية، وهو ما قد يهدد الحريات الاجتماعية.
ودخل الحظر حيز التنفيذ حين نشر القانون بالجريدة الرسمية العراقية في 20 فبراير/شباط، بعد سبع سنوات من إقرار البرلمان لمشروع القانون. ولم يظهر أي سبب رسمي لتأجيل التنفيذ، لكن محللين قالوا إن الأحزاب الدينية تمارس نفوذاً في الحكومة الائتلافية الحالية أكثر من سابقاتها.
ويخشى بعض العراقيين من أن تصبح البلاد جمهورية إسلامية مثل إيران المجاورة، واستنكر الكثير من الناشطين على الشبكات الاجتماعية هذه القرارات التي اعتبروها عشوائية:
وقال آخر محذرا:
واتخذ البعض موقفا وسطيا ما بين الحظر والتقييد:
وتقول مصادر عراقية أن هناك تاريخ طويل لاستهلاك الخمور في العراق، حيث يعود الفضل الى بلاد ما بين النهرين القديمة في اختراع البيرة، في حين أن الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، كان يشير الى الويسكي على أنه "المشروب الوطني للعراق".
وأوضح صليوا "الأغلبية الذين يشربون المشروبات الكحولية هم المسلمون، كما أنه ليس هناك إجماع على تحريم المشروبات الكحولية، هناك نواد عريقة في بغداد منذ مئات السنين، تعمل على بيع المشروبات الكحولية، ولم تحظر هذا الأمر، فهل السنوات الماضية كانت حلالا والآن أصبحت حراما؟ بل حتى في زمن العباسيين لم تكن تلك المشروبات محرمة أو ممنوعة في بغداد".
وبين أن "قرار حظر المشروبات الكحولية في النوادي الاجتماعية فيه جنبة سياسية وفيه جنبة مالية، وله تأثيرات اجتماعية خطيرة جدا على المجتمع العراقي، كما سيؤثر على الجانب الاقتصادي، حيث إن هذه المشروبات والنوادي تدخل ملايين الدولارات إلى خزينة الدولة العراقية سنويا".
وبعد إلحاق الهزيمة بتنظيم داعش في العام 2017، ازدهر مشهد الخمور في بغداد. وتوسعت منافذ بيع الخمور، وجرى تزيين واجهات المتاجر بلافتات مضيئة للماركات التجارية العالمية الشهيرة.
ويعتبر الذين ما زالوا يعملون في هذه التجارة أن القانون استهدف بشكل متعمد بعض الاقليات الاكثر معاناة في العراق، بما في ذلك الايزيديون والمسيحيون. ومن المفارقات أن قاعدة العملاء الرئيسية لتجار الخمور لم تكن من الأقليات فقط، وإنما من المسلمين أساسا.
وختم رئيس كتلة الوركاء الديمقراطية المسيحية أن "هذا القرار يبرر بغطاء ديني، لكن الحقيقة هو لأغراض مالية من خلال سيطرة أطراف مسلحة على هذه التجارة وفرض إتاوات بحجة منع المشروبات الكحولية، لكنهم يتسامحون بذلك مقابل الأموال".
ووجهت وزارة الداخلية العراقية بحظر تصنيع وبيع المشروبات الكحولية في النوادي الاجتماعية. وأشارت الداخلية في كتاب موجه إلى "نادي العلوية" إلى أن هذا الحظر يشمل جميع النوادي المسجلة وفقا لقانون المنظمات غير الحكومية، مع تحذير باتخاذ إجراءات قانونية في حال المخالفة. ومنذ عام 2020، تنفذ الوزارة حملات لإغلاق النوادي الليلية والملاهي التي تبيع مشروبات كحولية غير مجازة في بغداد.
ويحظر القانون المشروبات الكحولية المستوردة، ويقول إنه لا يمكن بيعها في الأسواق المحلية أو استبدالها بمنتجات محلية الصنع.
وجاء في وثيقة حكومية أن أوامر صدرت لسلطات المعابر الحدودية والمطارات في مارس 2023، بمصادرة أية مشروبات كحولية تضبطها مع مسافرين.
لكن على رغم الحظر، بقيت متاجر بيع الخمور في بغداد وبعض المحافظات تمارس عملها، وقال بعض ملاكها إنهم لم يتلقوا إخطاراً رسمياً بوقف العمل.