'عقل توأم' في جيبك: خادم يستبق رغباتك أم باب مفتوح للتجسس؟

تطبيق 'توِن مايند' يقدّم ثورة في الذكاء الاصطناعي الشخصي حيث يعمل كمساعد رقمي لا ينسى يراقب وينظم كل تفاصيل يومك لكن مخاوف متصاعدة حول الخصوصية واختراق البيانات تحوم حوله.

واشنطن - أطلقت شركة ناشئة يقودها مهندسون سابقون من "جوجل إكس" تطبيق "توِن مايند" (TwinMind)، الذي يُوصف بأنه نقلة نوعية في عالم الذكاء الاصطناعي الشخصي، وسط جدل متصاعد حول تأثير هذه التكنولوجيا على الخصوصية والأمن الرقمي.

التطبيق، الذي يقوده العالم دانيال جورج، عضو سابق في فريق علمي نال جائزة نوبل، يعمل كمساعد رقمي يُتابع ما يقوله ويفعله المستخدم طوال اليوم، ويقدم تقارير يومية دقيقة تساعد على تنظيم المعلومات وتجاوز مشاكل النسيان، في وقت تتسارع فيه وتيرة الحياة الرقمية.

وبحسب الشركة، يقوم "توِن مايند" بتسجيل السياق دون تخزين الصوت، معتمدًا على نماذج لغوية كبيرة تعمل محليًا على أجهزة آيفون المدعومة بشرائح Apple Silicon، ما يسمح بالاستخدام طوال اليوم دون استنزاف ملحوظ للبطارية. ويوفر التطبيق خدماته عبر خطة مجانية وأخرى مدفوعة (10 دولارات شهريًا)، مع اشتراك سنوي مخفض.

يقدّم "توِن مايند" نفسه كـ"ذاكرة لا تنسى"، مدعيًا أنه يعالج ما يفقده الدماغ البشري، الذي ينسى 90% من الذكريات خلال أسبوع واحد. يمكن للمستخدمين البحث العميق في سجلهم اليومي، توليد رسائل وتقارير، وتلقي دعم دراسي متقدم عبر تلخيص المحاضرات وإنشاء بطاقات تعليمية.

يعالج ما يفقده الدماغ البشري

كما يتيح التطبيق، المتوفر أيضًا كإضافة لمتصفح كروم، للمستخدمين التفاعل مع علامات التبويب، كتابة النصوص، وإدخال البيانات في أي موقع، مما يجعله أشبه بـ"رئيس خدم رقمي" حاضر في كل الأوقات.

الخصوصية.. مصدر القلق الأكبر
لكن في مقابل هذه الوعود، يواجه "توِن مايند" موجة من الانتقادات، مع تحذيرات من خطورته على الخصوصية الرقمية. ففكرة وجود تطبيق يستمع بشكل مستمر، حتى مع تأكيد الشركة أنه لا يُخزن الصوت، تثير قلق المدافعين عن الحقوق الرقمية.

وتشير سياسة الخصوصية للتطبيق إلى إمكانية مشاركة بيانات المستخدم مع مزودي خدمات خارجيين، من بينهم شركات تخزين سحابي، مزودو تحليلات، وخدمات أمان، وهو ما يزيد من احتمال تعرّض البيانات الحساسة للاختراق أو الاستغلال.

دراسة حديثة نشرت على موقع arXiv أكدت أن تطبيقات "العقل التوأم الرقمي" قد تصبح هدفًا للهجمات السيبرانية، نظرًا لما تحويه من معرفة تفصيلية عن سلوك المستخدم وأجهزته. كما أظهرت أبحاث من جامعة كولومبيا أن أنظمة الذكاء الاصطناعي المستمعة يمكن خداعها بواسطة أدوات ذكاء اصطناعي مصممة خصيصًا لتشويش المعلومات.

قفزة تقنية أم فخ تجسسي؟
يرى مطورو "توِن مايند" أن التطبيق يمثل بداية لعصر جديد من الذكاء الاصطناعي الشخصي، حيث يتوقع دانيال جورج أن يعتمد المستخدمون كليًا على هذا النوع من الأدوات في المستقبل، قائلاً: "بمجرد أن يجرّبوه، لن يتوقفوا عن استخدامه".

لكن خبراء الخصوصية والأمن السيبراني يدعون إلى ضرورة تنظيم هذا القطاع الناشئ، لضمان ألا تتحول هذه التطبيقات إلى أدوات مراقبة رقمية بغطاء "مساعدة شخصية". ويطالب البعض بسن تشريعات تفرض الشفافية الكاملة على كيفية جمع ومعالجة البيانات، وتمنح المستخدمين سيطرة حقيقية على معلوماتهم.

ومع تزايد الاعتماد على تطبيقات الذكاء الاصطناعي، يجد المستخدمون أنفسهم أمام معادلة صعبة: الاستفادة من القدرات الهائلة لهذه التكنولوجيا مقابل المخاطرة بفتح أبواب لمخاطر لم تكن في الحسبان.

فهل يمثل "توِن مايند" مستقبل المساعدات الرقمية الذي سيغيّر حياتنا اليومية، أم أنه خطوة إضافية نحو تعميق أزمة الخصوصية في العصر الرقمي؟

سؤال يظل مفتوحًا، مع استمرار تطور هذه التقنيات وتسابق الشركات إلى احتلال موقع "العقل التوأم" في جيب كل مستخدم حول العالم.