عقوبات اقتصادية على الحرس الثوري الإيراني والمرتبطين به

أعادة النظرة التقليدية لكل نشاطات إيران مع التركيز على نشاط الحرس الثوري المستفيد من الاتفاق النووي في تطوير نشاطاته وشرعنة تحركاته على طول المنطقة.
***
منشور مركز المسبار للدراسات والبحوث "العقوبات الأمريكية- الإماراتية على كيانات إرهابية إيرانية.. لماذا الآن"، نشر في 14 مايو (أيار) 2018.

العقوبات التي نزلت على الكيانات المرتبطة بالحرس الثوري هدفت إلى شلّ قنوات التمويل التي هيّأتها الاتفاقية النووية، وسمحت به الثغرات، اعتبرها (Ian Talley) في الصحيفة الأمريكية وول ستريت جورنال (Wall Street Journal) أن الولايات المتحدة تتخذ خطوات تصعيدية تجاه إيران. فقد قامت وزارة الخزانة الأمريكية بالتعاون مع الإمارات العربية المتحدة، بوضع عقوبات على ثلاثة كيانات، وستة أفراد، يرتبطون بنشاط مالي غير قانوني في الإمارات. وجاءت متزامنة مع حزمة من العقوبات الاقتصادية التي تهدف لإيقاف النشاط المالي الإيراني المشبوه في الشرق الأوسط. وترغب الإدارة الأمريكية في التوصل إلى اتفاق يُقيد البرنامج النووي الإيراني، والصواريخ البالستية، ويحد من دعم طهران للمتشددين العابثين في المنطقة، عبر أنظمة “تصدير الثورة” التي يقف الحرس الثوري على قائمتها.

وضمن الإجراءات التي اتخذتها وزارة الخزانة الأمريكية يوم الخميس المنصرم، أدرجت الولايات المتحدة الأمريكية شركة إيرانية تدعى “جاهان آراس كيش” Jahan Aras Kish على القائمة السوداء، تعمل هذه الشركة “كواجهة” تتبع فيلق القدس. وذكرت وزارة الخزانة أن الشركة الإيرانية تلقت عائدات نفطية من حسابات تتبع مصرف إيران المركزي، وأشارت المقالة إلى أن تلك الأموال قد أُعيدت إلى فيلق القدس وتم توزيعها على وكلاء إيران الإقليميين، وتمت هذه الأنشطة من داخل دولة الإمارات باستخدام وثائق مزورة.

لم تكن هذه الشركة وحيدة، ففي الموقع الإلكتروني لوزارة الخزانة الأمريكية، ذكر تقرير منشور أن الولايات المتحدة الأمريكية والإمارات العربية المتحدة عطلتا شبكة صرف عملات واسعة، تنقل ملايين الدولارات إلى قوات الحرس الثوري الإيراني، تستخدمها من أجل تمويل أنشطتها ووكلائها الإقليميين في المنطقة.

قامت فرق مختصة بالتعاون مع مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية بمراقبة النشاط الإيراني، وبناء عليه تم فرض عقوبات على تسعة كيانات إيرانية، تواطأ معها البنك المركزي الإيراني، وعمل على دعم تحويل العملات لهذه الشبكة، وتسهيل توصيلها إلى الحسابات المصرفية الأجنبية، لقد حولت هذه الشبكة، مبادلات مالية كبيرة بقيمة تصل إلى ملايين الدولارات. فقام ميسرون ماليون من الحرس الثوري الإيراني، من ضمنهم، محمد رضا خداماتي، ومجدي أميني وفؤاد صالحي، بتحويل أموال من إيران إلى الإمارات العربية المتحدة، وتحويلها إلى الدولار الأمريكي بمساعدة أطراف مثل شركة راشد للصرافة، التي تم إدراجها ضمن اللائحة السوداء أيضًا.

 

لماذا الحرس الثوري؟

الكيانات التي تمّ رصدها قدمت خدمات استفاد منها الحرس الثوري، وتبدي وزارة الخزانة قلقًا بالغًا من كل أنشطته، ويحمّله المراقبون مسؤولية توترات سياسية في العراق وسوريا واليمن؛ لتبني قيادات كبيرة داخله مبدأ تصدير الثورة وإسلاميتها، مما يمنحهم الحق في بناء سياسة تدخلية في بلدان الجوار. وأفادت قياداته من فترة الاتفاقية النووية مع المجتمع الدولي، وتوسّعت الشراكة مع القطاع الخاص لأداء دور قناع للعمليات المالية العسكرية.

لكن المشكلة الأساسية داخل الحرس الثوري لا تزال فكرية، مبدئية في نظرته للدولة والحدود والجوار، فهو يتحرك في سوريا والعراق واليمن من منطلقات تجعلها أكثر إيرانية من بعض المناطق المتاخمة لها. فقبل أسبوع واحد قال قائد القوة البحرية للحرس الثوري الإيراني: إن “أنشطة الحرس الثوري ليست محدودة بإيران” وأكد أن “قوات الحرس تقاتل حالياً آلاف الكيلومترات خارج الحدود الإيرانية” مجددًا تسمية الحرس الثوري بأنه “جيش حرس الثورة الإسلامية”. (العربية، ٢٣ أبريل/ نيسان ٢٠١٨)

 

العودة لفتح ملف الاقتصاد الأسود لإيران وحلفائها

سرعة نحت القرارات والإسراع في كشفها تزامناً مع قرار الرئيس ترمب، عززا الفرضية التي نشرت قبل فترة، والتي تقوم على أنّ الإدارة الأمريكية السابقة تعاملت مع القضية الإيرانية في مجملها على أنها كتلة واحدة، فمقابل تنازلات ضئيلة في القطاع النووي تم غض الطرف عن كل نشاطاتها الأخرى سواء المالية أو السياسية المرتبطة بتوسعها على الأرض. وكانت الشواهد التي كشفت تعتمد على تعمّد تجاهل هذه التحقيقات التي انتظمت منذ ٢٠٠٨، وكلما قاربت على توجيه الاتهام والقبض على المتهمين متلبسين كان القرار السياسي يتدخل. كما عبرت صحيفة البوليتكو واصفة تدخلات أوباما في ملف تتبع شبكة تهريب حزب الله للمخدرات بأنه إنقاذ للاتفاق النووي.

كان قد سبق لوزارة الخزانة الأمريكية قبل أعوام أن أعلنت عن تتبعها لشبكة غسل الأموال الإيرانية عبر دولٍ إفريقية، ودخول “حزب الله” اللبناني في شبكة غسيل الأموال وتجارة المخدرات. واتفق الإعلان مع مشروع كاسندرا الذي سعى ضمن تحقيقات البنك اللبناني الكندي إلى توريط الجهات الضالعة بشكل واضح، ونجح في رسم خطوط دقيقة، وأقام أدلة واضحة قبل أن تطوى الصفحة تماماً بصفقة. وحينما فشلت الصفقة (كيري- ظريف) النووية أعيد فتح الملف وتواصلت التحقيقات.

 

الخطوات المقبلة

قامت النظرية المحورية لتسويق الاتفاق النووي في عهد أوباما على ضرورة دعم الاتجاه الإصلاحي الذي يقوده ظريف وروحاني، وتعهدا بأن يحقق الاتفاق النووي السلام والاستقرار في المنطقة، ويقوّض فرص فوز المحافظين والمتشددين داخل إيران. ولكن هذه النظرية لم تعد محل إجماع بعد سنوات قليلة من التطبيق، وفي كل الحالات فقد طواها الرئيس الأمريكي ترمب الآن مع الاتفاق النووي. فأضحى السؤال: إذا كان الاتفاق النووي يؤيد الإصلاحيين ضد المتشددين، فهل ستدعم العقوبات الجديدة المتشددين ضد الإصلاحيين؟ لعل تعقيد الداخل الإيراني يجعل الإجابة المتسرعة عن هذه الأسئلة محفوفًا بالمخاطر. فماذا عن دول الجوار؟

استعجلت إيران حصاد الاتفاق النووي، فتخلّت عن اقتصاد الحرب الذي دعم صمودها خلال سنوات العقوبات قبل الاتفاق النووي، وشكلت طبقة جديدة من التحالفات تقوم على افترض الانفتاح الدائم والانفراج المضطرد. وبنت علاقاتها العلنية مع جهات سياسية بعينها في العراق وسوريا ولبنان، بعد أن كانت تضع هذه العلاقات في حماية السرية والتقية. فإلى أي مدى ستتأثر هذه التحالفات؟

إذا بدأت الإجراءات القانونية لملاحقة المتورطين في التعامل مع الحرس الثوري، فليس مؤكدًا أنّ السياسيين في بعض الدول ذات الصلة بإيران سيكونون سعيدين بعلاقتهم. وربما يعيد ذلك رسم الخارطة السياسية المتحالفة مع إيران. ويعيد “القضايا” اللاحمة التي كانت تسهّل للحلفاء بناء تحالفاتهم.

يبقى الإرهاب هو المدخل التفسيري الأول، لفهم ما يجري في الشرق الأوسط سواء بزعامة إيران أو بغيرها، لما ينطوي عليه من نكران لوحدة النظام السياسي في أساسه، ووحدة النظام العالمي، من دول وغيرها. وتتغذى نظم إيران “المحاصرة” على فكرة عداء الآخر وشيطنة الغرب أولاً، واستثمار ذلك في صنع حالة من التماسك الشعبي. وثانيًا على بناء وشائج عابرة للوطنية مع من تسميهم المستضعفين وتسعى لتصدير الثورة “الإيرانية” إليهم وتضمهم استتباعا لها. وهنا تندك مداميك الدولة وتموت محاولات الحفاظ على وحدتها الأساسية. ويبدو أن المجتمع الدولي اليوم يحتاج إلى إعادة النظر في نظريات “احتواء إيران” من جديد بعد سنوات الهدنة المؤقتة.

قائمة الكيانات التي أدرجتها وزارة الخزانة الأمريكية

مقداد أميني:

ينتمي للحرس الثوري الإيراني. يخضع لعقوبات ثانوية، من مواليد 5 يونيو (حزيران) 1982 طهران، إيران.

يحمل جواز سفر رقم (U36089349). رقمه الوطني (0071070222).

محمد حسن خوداي: يدعى أيضا سجاد كالانتاري:

مرتبط بالحرس الثوري الإيراني، ويخضع لعقوبات ثانوية.

تاريخ الميلاد 21 سبتمبر (أيلول) 1983، الرقم الوطني (444-973367-3) (إيران).

سعيد نجفبور: يدعى أيضا بهنام نجفبور وبهنام صدر:

خاضع لعقوبات ثانوية، وينتمي للحرس الثوري الإيراني، وهو من مواليد 1980.

مسعود نيكباخت: يعرف أيضا بـ”أبي علي مسعود”، يخضع لعقوبات ثانوية ومرتبط بالحرس الثوري الإيراني. ولد في 28 ديسمبر (كانون الأول) 1961. يحمل جواز سفر رقم (9004318)، (له جوازا سفر بديلان “9011128”؛ و”9004398″).

فؤاد صالحي، ويعرف أيضا بفؤاد صالحي بصير: مرتبط بالحرس الثوري، خاضع لعقوبات ثانوية، من مواليد طهران، في 28 أبريل (نيسان) 1986، جواز سفره رقم (J37945161)، الرقم الوطني (0077849248).

محمد رضا خدمتي فلدزغارد: مرتبط بالحرس الثوري، يخضع لعقوبات ثانوية. ولد في 5 أبريل (نيسان) 1986، طهران، إيران. واز السفر رقم (5635875N). الرقم الوطني (0081798301)، شهادة الميلاد رقم (11770).

الكيانات:

JAHAN ARAS KISH

العنوان (5) جام تاور، الوحدة (31) الطابق (6)، شارع بيدار إيلاهيه، طهران، إيران. عنوان آخر، (716) سارينا تاور (1)، الطابق السابع، كيش إيران. رقم السجل (10877) إيران. الشركة تخضع لعقوبات ثانوية لارتباطها بالحرس الثوري الإيراني (فيلق القدس) وأيضا بنجفبور.

JOINT PARTNERSHIP OF MOHAMMADREZA KHEDMATI AND ASSOCIATES

 (محمد رضا خدمتي وشركاؤه) الرقم الوطني (14006467155) (إيران) رقم التسجيل (503586) (إيران)

الشركة خاضعة لعقوبات ثانوية، لها ارتباط بمحمد رضا خدمتي، وخوداي محمد حسن.

RASHED EXCHANGE

الموقع www.Rashedexchange.com

الرقم الوطني (14006467155) (إيران)، رقم التسجيل (503586) (إيران)، رقم السجل التجاري (0411518776478) (إيران).

الشركة تخضع لعقوبات ثانوية؛ مرتبطة بمحمد رضا خدمتي.

يشار إلى أن الولايات المتحدة أدرجت الحرس الثوري الإيراني على قائمة العقوبات في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2017. والخضوع للعقوبات الأمريكية يعني تجميد أي أصول يملكها أفراد أو كيانات داخل نطاق الولاية القضائية للولايات المتحدة، كما يـُمنع الأمريكيون من التعامل مع تلك الجهات.