عودة الهدوء إلى مصراتة بعد اشتباكات خلفت قتلى وجرحى

التوتر الأمني في منطقة الحرشة بمدينة الزاوية يعكس عجز حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها على كبح انفلات سلاح الميليشيات والأجهزة الأمنية.

مصراتة (ليبيا) عاد الهدوء الأحد إلى مدينة مصراتة الليبية (غرب) بعد اشتباكات دامية استمرت أمس السبت إلى وقت متأخر بين التشكيلات المسلحة في المدينة في انفلات أمني جديد خلف العديد من القتلى والجرحى وألقى الضوء مجددا على عجز حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها بقيادة عبدالحميد الدبيبة عن كبح سلاح الميليشيات.

وذكرت مصادر محلية أنه تم إعادة فتح الطريق الساحلي الذي يربط بين العاصمة طرابلس وتونس بعد أن تم إغلاقه لساعات طويلة بسبب حدّة الاشتباكات وتحوله إلى طريق غير آمن.

ورغم عودة الهدوء للزاوية إحدى كبرى مدن الغرب الليبي، أعلنت كليات المدينة الأحد توقف الدراسة والامتحانات ولم تحدد أجلا لاستئناف نشاطها وسط مخاوف من اندلاع الاشتباكات مجددا في أي لحظة.

وشمل القرار كليات هندسة النفط والغاز والاقتصاد وطب وجراحة الفم والأسنان والشريعة واللغات والترجمة والعلوم.

والسبت اندلعت فجأة اشتباكات دموية بين تشكيلات ميليشاوية موالية لحكومة الدبيبة في منطقة الحرشة بمدينة الزاوية من دون أن يعرف سببها على وجه الدقة، لكنها شكلت في توقيتها علامة بارزة على هشاشة الوضع الأمني والسياسي وأعادت إلى الواجهة ملف انفلات السلاح.

وناشد رئيس الحكومة المكلفة من البرلمان في شرق البلاد أسامة حماد أمس في تغريدة على حسابه بمنصة اكس (تويتر سابقا) الميليشيات وقف الاقتتال. وقال "بكل أسف وقلق تابعنا ما يجري حاليا من اشتباكات مسلحة بين إخوتنا وأهلنا بمدينة الزاوية والتي استعملت فيها الأسلحة الثقيلة والمتوسطة وخلفت عددا من القتلى والجرحى".

وتابع "وفي الوقت الذي ندعو الله أن يحقن دماء الليبيين من جميع الأطراف فإننا نهيب بالجميع الوقف الفوري لإطلاق النار وتغليب لغة العقل واللجوء إلى أجهزة الدولة الرسمية الأمنية منها والقضائية كما ندعو شيوخ القبائل والحكماء التدخل سريعا للسعي في التهدئة بين الطرفين حفاظا على الأرواح والممتلكات العامة والخاصة".

وقبلها كان الهلال الأحمر فرع الزاوية قد ناشد الأطراف المتقاتلة في منطقة الحرشة وقفا فوريا لإطلاق النار، داعيا إلى فتح ممر آمن يتيح خروج العائلات العالقة في منطقة الاشتباكات.

وفي تدوينة على صفحته بفيسبوك وصف 'حراك تصحيح المسار بالزاوية الكبرى' ما جرى من اشتباكات بأنه مهزلة كبرى، داعيا المنطقة العسكرية الساحل الغربي إلى التدخل كطرف محايد من أجل إنهاء التوتر الأمني في المدينة، موجها انتقادات للحكومة ومشايخ القبائل لعدم تدخلها.

ولم تفلح الدعاية التي تقودها حكومة الوحدة الوطنية التي تدير غرب ليبيا، في حجب التحديات الأمنية والعجز عن كبح الانفلات المسلح الذي يحدث بين حين وآخر بين الأجهزة الأمنية وبين الميليشيات المسلحة.

ولمدينة الزاوية حساسية خاصة ووضع خاص لقربها من العاصمة طرابلس ولموقعها الاستراتيجي فضلا عن كونها تعرف بأنها الداعم الرئيسي للدبيبة.

وتعج المدينة كذلك بالعديد من الميليشيات المسلحة التي تتصارع في ما بينها على المصالح والنفوذ، بينما تخطط الحكومة المنتهية ولايتها في دمج مختلف التشكيلات المسلحة في المؤسستين الأمنية والعسكرية على طريقة التجربة العراقية بدمج الميليشيات المنضوية تحت لواء الحشد الشعبي في الجيش والشرطة وهي تجربة أثبتت أنها تنطوي على الكثير من المخاطر.

ولا يبدو من خلال الانفلاتات الأمنية المتواترة في غرب ليبيا أن للدبيبة قدرة على كبحها وهو الملف الذي يثقل حتى على الجهود السياسية لحل الأزمة.

والتوترات الأمنية التي شهدتها الزاوية أمس السبت لم تكن الأولى فقد سبقتها أحداث دموية مثل تلك التي جدت الشهر الماضي بين ميليشيات أبوراس وميليشيات القصب وهما من أكبر الميليشيات النافذة والمسيطرة في المنطقة.