عيسى عطاشي يتتبع مسار أدونيس النقدي
صدر عن دار ومضة للنشر والتوزيع بالجزائر كتاب بعنوان "جدلية التلقي والتأويل في النقد الأدونيسي" وهو قراءة نقدية للدكتور عيسى عطاشي، تبحث في تعالق التراث والحداثة لدى الشاعر أدونيس.
وبحسب ما جاء في تقديم الكتاب، فإن هذه الدراسة سعت إلى تتبّع صورة تلقي أدونيس للتراث الشعري العربي القديم، والحديث، وتتبّع مواقف النقاد العرب من ذلك، إلى جانب مقاربة صور قراءتهم لهذا الخطاب النقدي "الأدونيسي"، ومعرفة آلياتهم المتّبعة فيه، مع البحث عن التنظيم الداخلي للنصّ النقدي، ومحاولة الكشف عن العلاقات التي تحكمُه.
ومن جهة أخرى، تتبعت هذه الدراسة مسار (أدونيس) النقدي، من أجل أن تتبيّن شخصيته الأدبية، من خلال ما جمعه من "مختارات" شعرية عربية، تُعدّ -كما ذهب إلى ذلك مؤلف الكتاب د. عيسى عطاشي- مصادر إبداعية أصيلة، وما ترجمه من أشعار فرنسية، وغربية عموما، سعيا إلى استكشاف مذهبه النقدي، وذائقته الجمالية، في ما أنتجه أدونيس بوصفه ناقدًا حداثيًّا متأثرًا بفلسفة هايدغر، إلى جانب تأثّره بالاتجاهات الصُّوفية القديمة، والاتجاهات السوريالية الحداثية، وتشبّعه بمختلف الثقافات العالمية، قديمها وحديثها.
وقد كان الاهتمام بأفق توقّعات القارئ في تعامله مع النص النقدي "الأدونيسي"، محور هذه الدراسة، من خلال محاولة رصد صورها، والعوامل الذاتية والموضوعية التي تحدّد أفقها.
واستعرض الكتاب أيضا الكثير من المراحل التي ميّزت حياة هذا الشاعر المجدّد الذي يُعدُّ من روّاد الحداثة في الشعر العربي، لِما خلّفه وراءه من كتابات أدبية وشعرية أظهرت منهجه الجديد في الشعر، وقدرته في توظيف اللُّغة.
وتجلّى ذلك في مؤلفات أدونيس في الشعر: مفرد بصيغة الجمع، وأوراق في الريح، وأغاني مهيار الدمشقي، ووقت بين الرماد والورد، وتاريخ يتمزق في جسد امرأة، والتحوُّلات والهجرة في أقاليم النهار والليل، وأول الجسد آخر البحر، وشهوة تتقدم في خرائط المادة، وهي المؤلّفات التي أهّلته للحصول على العديد من الجوائز، أبرزها جائزة ناظم حكمت، وجائزة غوتة، وجائز الإكليل الذهبي للشعر، وجائزة فيرونيا سيتا دي فيامو روما، وجائزة نونينو للشعر، وجائزة جان مارليو للآداب الأجنبية، وجائزة ليريسي بيا، وجائزة المنتدى الثقافي اللبناني، وجائزة الشعر السوري اللبناني، وجائزة البحر المتوسط للأدب الأجنبي.
وعلي أحمد سعيد إسبر المعروف باسمه المستعار أدونيس شاعر وناقد وأكاديمي ومفكر سوري - لبناني - فرنسي، ولد في قرية قصابين التابعة لمدينة جبلة في سوريا في العام 1930، تبنّى اسم أدونيس (تيمنا بأسطورة أدونيس الفينيقية) الذي خرج به على تقاليد التسمية العربية منذ العام 1948.
قاد أدونيس ثورة حداثية في النصف الثاني من القرن العشرين، "حيث كان له تأثير زلزالي" على الشعر العربي. ويعتبره البعض من أكثر الشعراء العرب إثارة للجدل، فمنذ أغاني مهيار الدمشقي استطاع بلورة منهج جديد في الشعر العربي يقوم على توظيف اللغة على نحو فيه قدر كبير من الإبداع والتجريب تسمو على الاستخدامات التقليدية دون أن يخرج قط عن اللغة العربية الفصحى ومقاييسها النحوية.
ود. عيسى عطاشي باحث جزائري حاصل على دكتوراه في الأدب العربي من جامعة الجزائر، ويشتغل أستاذًا للأدب العربي بجامعة عمار ثليجي بولاية الأغواط (جنوب الجزائر).