غزة نجمة 'يوروفيجن' رغم نجاح إسرائيل في التأهل الى النهائي

في مقابل البهرجة وأضواء النيون والأزياء المتلألئة والإيقاعات الجذابة في أحد أكثر المواعيد الموسيقية السنوية استقطاباً للمشاهدين في العالم، دوريات مستمرة لعناصر الشرطة وأعلام فلسطينية متدلية من النوافذ والشرفات تذكر بدعوات لمقاطعة للدولة الاحتلال وقف الحرب.

مالمو (السويد) – رغم نجاح إسرائيل إلى الحفلة النهائية المرتقبة السبت لمسابقة يوروفيجن، أحد أكثر المواعيد الموسيقية السنوية استقطاباً للمشاهدين في العالم، المُقامة في مالمو بالسويد، الا ان غزة كانت نجمة الحدث حيث خيمن أجواء مشحونة فرضها تظاهر آلاف الأشخاص ضد مشاركتها في المسابقة بسبب الحرب في القطاع.

وقد فازت الفنانة الشابة عيدن غولان مساء الخميس بأغنية "هوريكين" التي تعيّن تعديل نسختها الأصلية لاحتوائها على تلميحات إلى هجوم حركة حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر.

ومع فوز غولان، تنضم إسرائيل إلى مجموعة من 26 دولة ستتنافس السبت لخلافة السويد، حاملة لقب العام الماضي من المسابقة التي استقطبت 162 مليون مشاهد في 2023.

وقالت الشابة الإسرائيلية البالغة 20 عاماً "أنا ممتنة جداً لكلّ من صوّت لنا ودعمنا"، مضيفةً "إنه لشرف كبير أن أكون هنا، على المسرح، أغنّي وأقوم بإيصال أصواتنا، وأن نكون حاضرين بكل فخر".

وتشارك إسرائيل في مسابقة يوروفيجن منذ عام 1973، وفازت بها للمرة الرابعة سنة 2018.

واحتلت إسرائيل المركز الثاني على قائمة البلدان الأوفر حظاً للتأهل إلى المرحلة النهائية، بعد كرواتيا وقبل سويسرا، بحسب موقع الرهانات الإلكترونية "اودزشيكر دوت كوم" Oddschecker.com.

وقبل النصف النهائي، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أن مرشحة بلاده "فائزة أصلاً".

وقال في رسالة بالفيديو وجهها إلى المغنية "لست فقط تشاركين بفخر وبشكل مذهل في يوروفيجن، بل تواجهين أيضاً بنجاح موجة مروعة من معاداة السامية".

تعزيزات أمنية

لكن في مقابل البهرجة وأضواء النيون والأزياء المتلألئة والإيقاعات الجذابة في مجمع "مالمو أرينا" حيث يقام الحدث، ثمة جانب آخر يتمثل في الدوريات المستمرة لعناصر الشرطة المدججين بالسلاح في شوارع المدينة السويدية.

وفي جميع أنحاء مالمو، يمكن رؤية رايات ذات ألوان زاهية احتفالاً باستضافة يوروفيجن، بجانب أعلام فلسطينية متدلية من النوافذ والشرفات.

وتظاهر نحو 12 ألف شخص في المدينة المضيفة الخميس ضد مشاركة إسرائيل، بينهم الناشطة المناخية الشابة غريتا تونبرغ، معربين عن غضبهم إزاء الحرب في غزة.

وقالت سيسيليا بروديل (31 عاماً) وسط مجموعة من المتظاهرين "هذا العام سنقاطعها بالكامل". ويُتوقّع أن تجري تحرّكات مماثلة السبت.

وقطعت نقابات قناة "في ار تي" VRT التلفزيونية العامة في منطقة فلاندرز البلجيكية بث المسابقة لفترة وجيزة مساء الخميس لعرض رسالة دعم للفلسطينيين.

وكُتب على الشاشة بالهولندية على خلفية سوداء "هذا عمل نقابي. نحن ندين انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها دولة إسرائيل. علاوة على ذلك، تقضي دولة إسرائيل على حرية الصحافة. ولهذا نوقف البث لبرهة وجيزة"، مع وسمي CeaseFireNow ("أوقفوا إطلاق النار حالاً") وStopGenocideNow ("أوقفوا الإبادة حالاً").

مع ذلك، قدّمت عيدن غولان أغنيتها خلال حفلة الخميس من دون أي عوائق أو انقطاع أمام تسعة آلاف متفرج في قاعة "مالمو أرينا".

وفي داخل القاعة، حظر اتحاد البث الأوروبي (EBU)، وهو الجهة المشرفة على المسابقة، كالعادة أي علم غير أعلام البلدان المشاركة، وأي لافتة تحمل رسالة سياسية.

كما عُززت الإجراءات الأمنية في القاعة وفي سائر أنحاء المدينة، حيث تعيش أكبر جالية من أصل فلسطيني في السويد وحيث تتعانق الأعلام الفلسطينية مع الرايات ذات الألوان الزاهية الخاصة بالمسابقة.

وبعد انتهاء الحفلة نصف النهائية، قالت عيدن غولان التي تعرضت لتهديدات على شبكات التواصل الاجتماعي "يتخذ اتحاد البث الأوروبي كل الاحتياطات اللازمة لجعل هذا المكان آمناً وموحداً للجميع".

في العام الماضي، منع اتحاد البث الأوروبي، وهي الجهة المشرفة على المسابقة، الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من إلقاء كلمة عبر الفيديو خلال الحفلة الختامية.

وقد اهتز مبدأ الحياد السياسي الثلاثاء، خلال الحفلة نصف النهائية الأولى، مع وضع المغني السويدي إريك سعادة الكوفية الفلسطينية حول ذراعه في افتتاح المسابقة.

وقد أبدى اتحاد البث الأوروبي والتلفزيون السويدي العام "اس في تي" أسفهما لهذه الخطوة، مؤكدين على الطبيعة غير السياسية لهذه المسابقة الموسيقية التي منع منظموها العام الماضي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من إلقاء كلمة بالفيديو أثناء الحدث.

دعوات للمقاطعة

وهذا العام، تطغى الحرب في غزة على الصراع في أوكرانيا. فقد بدأت الحرب الأكثر دموية في القطاع الفلسطيني في أعقاب هجوم غير مسبوق شنّته حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر على إسرائيل وأسفر عن مقتل أكثر من 1170 شخصاً، معظمهم من المدنيين، وفقا لإحصاء لوكالة فرانس برس استناداً إلى أرقام رسمية إسرائيلية.

وتعهدت إسرائيل تدمير حماس، وشنت هجوماً انتقامياً أدى إلى مقتل أكثر من 34904 أشخاص في غزة، معظمهم من النساء والأطفال، وفق وزارة الصحة في القطاع الذي تديره حماس.

وأكد ماغنوس بورمارك الذي يمثل النروج مع فرقته "غوته"، والذي دعا علناً، مثل ثمانية مشاركين آخرين، إلى وقف طويل الأمد لإطلاق النار "يجب أن تكون هناك مظاهرات، ويجب على الناس التعبير عن آرائهم، ويجب على الناس المقاطعة".

وكان ممثلو بعض الدول قد درسوا في مرحلة معينة فكرة مقاطعة المسابقة احتجاجاً على مشاركة إسرائيل، لكنهم لم يمضوا قدماً في هذه الخطوة.

100 ألف زائر 

ويشارك شرطيون من مختلف أنحاء السويد في مهمة حفظ الأمن خلال "يوروفيجن"، لكن ثمة أيضاً تعزيزات من الدنمارك والنروج لمؤازرة العناصر المحليين.

وأكد ناطق باسم الشرطة أنه "لا يوجد تهديد ضد يوروفيجن".

وفيما يُنتظر أن تستقطب مالمو ما يصل إلى 100 ألف زائر لهذه المناسبة، يؤكد أستاذ تاريخ الأفكار أندرياس أونرفورس، المتخصص في يوروفيجن، أن المهم بالنسبة للجمهور "هو ما يُعرض على المسرح: المشاركات والفنانون والموسيقى، وليس السياسة".

ويلفت إلى أن مسابقة يوروفيجن التي مضى على انطلاقها ما يقرب من سبعين عاماً، هي "دليل على التسامح الأوروبي الذي لا نجده في أشكال أو أماكن أخرى".

ويخطط بعض أبناء الجالية اليهودية في مالمو لمغادرة المدينة خلال عطلة نهاية الأسبوع.

ويوضح فريدريك سيرادزكي، وهو من الناطقين باسم اليهود في المدينة، أن "يوروفيجن تؤجج نوعاً ما الوضع، وقد زاد الشعور بعدم الأمان بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر، ويشعر العديد من اليهود بالقلق".

لكنه يشير إلى إن المظاهرات المتعددة المؤيدة للفلسطينيين لم تثر دعوات تستهدف يهود المدينة بشكل مباشر.