فرنسا تسعى للتهدئة مع الجزائر بعدم المساس باتفاق الهجرة
الجزائر - يعكس سحب مقترح قانون قدمه النائب الفرنسي إيريك سيوتي رئيس حزب وكتلة اتحاد اليمين من أجل الجمهورية، لإلغاء اتفاق الهجرة مع الجزائر، محاولة للتهدئة واحتواء الأزمة التي تنذر بقطيعة بين البلدين، لا سيما في ظل تصاعد الدعوات في بعض الأوساط والمنظمات الفرنسية بترميم العلاقات المتصدعة مع شريك تاريخي.
وعلى الرغم من الضغوط اليمينية، فإن الحكومة الفرنسية والعديد من النواب يدركون أن ملف الهجرة معقد للغاية، وأن إلغاء اتفاقية قائمة منذ عقود لا يمكن أن يتم بقرار أحادي الجانب.
وقد يؤدي الإلغاء إلى خلق فوضى قانونية تتعلق بوضع مئات الآلاف من الجزائريين المقيمين في فرنسا، وتداعيات اجتماعية واقتصادية لا يمكن التنبؤ بها. وبدلاً من إنهاء العمل بالاتفاقية، قد تسعى فرنسا إلى الضغط على الجزائر لتعديل بعض بنودها أو تفعيل التعاون في مجال ترحيل المهاجرين غير النظاميين بطرق أخرى، ما يعكس نهجًا أكثر براغماتية يفضل التفاوض والتنسيق على المواجهة الشاملة.
وتمنح هذه الاتفاقية امتيازات خاصة للمواطنين الجزائريين في فرنسا، مما يثير انتقادات اليمين الفرنسي الذي يرى أنها عبء على البلاد وتجب مراجعتها أو إلغاؤها.
وعزا سيوتي تنازله عن المطلب إلى "الرغبة في عدم الإضرار بجهود إطلاق سراح الكاتب الفرنسي من أصل جزائري بوعلام صنصال"، مشيرا إلى أن مبادرته تأتي بطلب من محامي صنصال.
واستدرك على "ضوء المعلومات التي قدمها لي ومن أجل عدم المخاطرة بفرضية إطلاق سراحه قررت مجموعة اتحاد اليمين من أجل الجمهورية سحب هذا الاقتراح الخاص بالقرار".
ورحب لوران سان مارتان كاتب الدولة للتجارة الخارجية وشؤون الفرنسيين في المهجر بما وصفه بـ"روح المسؤولية"، مضيفا "من المسؤولية سحب هذا النص لتجنب أي تصعيد، ولو لفظي، يمكن أن يؤثر على هذا الإفراج".
وتفاقمت الأزمة الديبلوماسية بين باريس والجزائر إثر اعتقال صنصال والحكم بسجنه 5 أعوام في مارس/آذار الماضي، فيما طالبت نيابة محكمة الاستئناف الجزائرية منذ نحو أسبوع بتشديد العقوبة إلى 10 سنوات.
واحتدم التوتر إثر تبادل طرد دبلوماسيين ورفض السلطات الجزائرية تسلم عدد من مواطنيها الذين رحلتهم فرنسا بعد أن صدرت بحقهم قرارات ترحيل في قضايا مختلفة ومن بينهم بعض المؤثرين بسبب نشرهم مقاطع فيديو تضمنت تحريضا على المعارضين الجزائريين.
ولم تغادر العلاقات بين البلدين، طيلة الأعوام الماضية، مربع التوتر بسبب عدة ملفات شائكة يتصدرها ملف الذاكرة المتعلق بالفترة الاستعمارية، حيث تتبنى فرنسا في هذه القضية مقاربة أكثر حذرًا، إذ تعترف بفظائع معينة لكنها تتحاشى "الاعتذار الرسمي" الكامل، مفضلة "الأسف" أو "التصالح مع الذاكرة" بدلاً من تحمل المسؤولية القانونية الكاملة.
كما يثير التقارب المتنامي بين المغرب وباريس هواجس الجزائر التي فشلت في دفع فرنسا إلى التراجع عن دعمها الراسخ لسيادة المملكة على أراضيها وتأييدها مقترح الحكم الذاتي في الصحراء المغرب كحل وحيد لإنهاء النزاع المفتعل.