فرنسا توقف 3 مؤثرين جزائريين وسط توترات مع الجزائر

وزير الداخلية الفرنسي يصف التهديدات التي طالت معارضين جزائريين بالوضيعة متعهدا بمحاسبة المتورطين فيها.
ماكرون يؤكد أن الجزائر تسيء لسمعتها برفض الإفراج عن بوعلام صنصال

باريس - أوقفت السلطات الفرنسية هذا الأسبوع ثلاثة مؤثرين جزائريين يحظون بمتابعة واسعة على منصة التواصل الاجتماعي تيك توك، للاشتباه في تحريضهم على الإرهاب ووضع منشورات تحث على ارتكاب أعمال عنف في فرنسا.
ويأتي توقيف المؤثرين في بريست (غرب) وغرونوبل (جنوب شرق) ومونبلييه (جنوب) في ظل توترات سياسية متزايدة بين باريس والجزائر.
وأعرب وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو الأحد عن "شكوك" بشأن التزام الجزائر اتباع خريطة الطريق التي وضعها الجانبان عام 2022 لتعزيز العلاقات وتجاوز مخلفات حقبة الاستعمار.
وأوقف الناشط المعروف باسم "عماد تانتان" الجمعة في ضواحي غرونوبل بعد نشره مقطع فيديو يحث المتابعين على "الحرق والقتل والاغتصاب على الأراضي الفرنسية".
وقد تم حذف الفيديو لكن وزير الداخلية الفرنسي اليميني المتشدد برونو ريتايو نشر مقطعا منه على حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي ووصفه بأنه "وضيع".
وقالت النيابة العامة في غرونوبل إن قاضيا وضع الأحد المدون البالغ 31 عاما تحت الإشراف القضائي، ومن المقرر أن يخضع الاثنين لمحاكمة سريعة بتهمة "التحريض المباشر على عمل إرهابي".
ودخل "عماد تانتان" فرنسا في ديسمبر/كانون الاول 2021، وتقدم بطلب للحصول على تصريح إقامة في أغسطس/آب 2023 بعد زواجه من امرأة فرنسية. لكن طلبه قوبل بالرفض، وصار مهددا بصدور أمر ترحيل.
وقال مصدر في الشرطة طلب عدم ذكر اسمه إنه أوقف مع شقيقه التوأم، مضيفا أن تفتيش منزلهما كشف عن الأجهزة المستخدمة في تصوير الفيديو الذي حقق أكثر من 800 ألف مشاهدة. ولم يقدم المدعون تفاصيل بشأن وضع الشقيق.
وفي القضية الثانية، تم إيداع جزائري يبلغ 25 عاما تم التعريف عنه باسم يوسف أ. لكنه يشتهر على وسائل التواصل الاجتماعي باسم "زازو يوسف"، الحبس الاحتياطي الجمعة في مدينة بريست، وفق ما أفاد المدعي العام كامي ميانسوني في بيان.
وأوضح أنه سيحاكم في 24 فبراير/شباط بتهمة "التحريض علنا على عمل إرهابي" في منشورات على حسابه الذي يتابعه مئات الآلاف. وأضاف في البيان أنه يواجه عقوبة السجن لمدة تصل إلى سبع سنوات وغرامة قدرها 100 ألف يورو في حال إدانته.
وظهر "زازو يوسف" في مقطع فيديو نُشر على تيك توك في 31 ديسمبر/كانون لاول، يدعو فيه إلى شن هجمات في فرنسا وأعمال عنف في الجزائر. وكان المشتبه به يعيش في فرنسا بموجب تصريح إقامة موقت.
وقالت شركة تيك توك إن الحساب الذي نشر منه الفيديو تم حظره بسبب نشره عدة مقاطع تنتهك قواعدها بشأن خطاب الكراهية.
ومساء الأحد، أعلن وزير الداخلية برونو ريتايو عن توقيف ناشط ثالث في مدينة مونبلييه الساحلية بسبب تعليقات عنيفة استهدفت ناشطا جزائريا معارضا.
وقال الوزير في تغريدة على منصة اكس "شكرا لأجهزة الدولة والقضاة ورجال انفاذ القانون الذين جعلوا من الممكن تحديد مكان هذا الشخص واعتقاله هذا المساء..لن ندع أي شيء يمر دون محاسبة".

وأفادت النيابة العامة بأن السلطات المحلية أبلغت عن مقطع فيديو قال فيه المؤثر عن الناشط "اقتلوه، دعوه يعاني". وقال مكتب محافظ المنطقة إنه يدرس سحب تصريح إقامة المدون وإصدار أمر بترحيله.
وتصاعدت التوترات بين فرنسا والجزائر بعد أن أعلن الرئيس إيمانويل ماكرون الدعم الفرنسي للسيادة المغربية على منطقة الصحراء المغربية خلال زيارة تاريخية للمملكة العام الماضي.
وفي الأثناء، يقبع الروائي الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال، وهو شخصية بارزة في الأدب الفرنكوفوني الحديث، في السجن بالجزائر منذ منتصف نوفمبر/تشرين الثاني بتهم تتعلق بالأمن الوطني.
وقال بارو لإذاعة "آر تي إل" الأحد إن مواقف الجزائر "أثارت لدينا شكوكا حيال نية الجزائريين" الالتزام بخارطة الطريق لتحسين العلاقات.
وأضاف وزير الخارجية الفرنسي أن "الوفاء بخريطة الطريق يقتضي وجود اثنين"، معتبرا أن "الأسباب التي قد دفعت السلطات الجزائرية إلى احتجازه باطلة".
من جهته، اعتبر المعارض الجزائري شوقي بن زهرة الذي لجأ إلى فرنسا بعد مشاركته في الحراك المؤيد للديمقراطية عام 2019، في تصريح أن "زازو يوسف" و"عماد تانتان" انضما إلى "الحرب التي يشنها النظام الجزائري في فرنسا".
واتهم بن السلطات الجزائرية بتعبئة عدد "كبير" من المؤثرين الذين يدعون إلى "العنف"، لافتا إلى أنه رفع شكوى الجمعة في مدينة ليون بسبب تهديدات وجهها له "عماد تانتان".

وفي سياق متصل اعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم الاثنين أن الجزائر "تسيء إلى سمعتها" بعدم إطلاق سراح الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال الذي أوقف منتصف نوفمبر/تشرين الثاني.

وقال أمام سفراء فرنسا المجتمعين في قصر الإليزيه "نحن الذين نحب الشعب الجزائري وتاريخه، أحث حكومته على إطلاق سراح بوعلام صنصال"، مضيفا أن هذا "المناضل من أجل الحرية... محتجز بطريقة تعسفية تماما من قبل المسؤولين الجزائريين".

وأودع بوعلام صنصال (75 عاما)، المعروف بانتقاده للسلطات الجزائرية، السجن منذ منتصف نوفمبر/تشرين الثاني بتهم تتعلق بتحديد أمن الدولة، ونقل إلى وحدة علاج طبي منذ منتصف الشهر الماضي.

وتحدث الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون لأول مرة عن توقيفه في الـ29 من الشهر نفسه، واصفا إيّاه بـ"المحتال المبعوث من فرنسا".

وأوقف مؤلف كتاب "2084: نهاية العالم" في 16 نوفمبر/تشرين الثاني في مطار الجزائر العاصمة، ووُجهت اليه تهم بموجب المادة 87 مكرر من قانون العقوبات والتي تعدّ "فعلا إرهابيا أو تخريبيا (...) كل فعل يستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية والسلامة الترابية واستقرار المؤسسات وسيرها العادي".

وبحسب صحيفة "لوموند" الفرنسية، فإن السلطات الجزائرية انزعجت من تصريحات أدلى بها صنصال لموقع "فرونتيير" الإعلامي الفرنسي المعروف بمواقفه اليمينية المتطرفة، تبنى فيها موقفا مغربيا يقول إن أراضي مغربية انتُزعت من المملكة في ظل الاستعمار الفرنسي لصالح الجزائر.