فيسبوك يمنع البث المباشر لوفاة مدافع عن القتل الرحيم

منصة التواصل العملاقة تحجب اللحظات الأخيرة لحياة الناشط الفرنسي آلان كوك رغم رغبته في بث وفاته مباشرة للمساعدة في إقناع السلطات برفع الحظر المفروض على الانتحار بمساعدة الأطباء.
تصوير محاولات الانتحار وفقا لفيسبوك يزيد وقائع إيذاء النفس
ضوابط مشددة على المضامين المتعلقة بإنهاء الحياة عبر "فيسبوك"
فيسبوك تسمح بنشر مضامين تتعارض مع معايير المجتمع لخدمة المصلحة العامة
فيسبوك تسعى للتوفيق بين حماية مستخدميها وصون حرية التعبير
الموقع الأزرق يترك مضامين مثيرة للجدل لحصول ناشريها على المساعدة

باريس - حجب موقع فيسبوك ناشطا فرنسيا مدافعا عن القتل الرحيم من بث لحظات موته على الهواء مباشرة.
وقال آلان كوك، الذي يعاني منذ 34 عاما من مرض نادر وغير قابل للشفاء، إنه سيجد طريقة أخرى لبث وفاته. وتوقف كوك عن تناول الطعام والشراب والدواء، وقال إنه يريد بث لحظات وفاته للمساعدة في إقناع السلطات الفرنسية برفع الحظر المفروض على الانتحار بمساعدة الأطباء.
وقال فيسبوك في بيان "رغم احترامنا لقرار آلان لفت الانتباه إلى هذه القضية المهمة، فإننا نمنع البث المباشر على حسابه بناء على نصيحة الخبراء بأن تصوير محاولات الانتحار ربما تؤدي إلى زيادة وقائع إيذاء النفس والترويج لها".
وقال كوك (57 عاما) إنه سيبث لحظات وفاته مباشرة عبر فيسبوك بدءا من السبت. وبعد أن حجب فيسبوك البث، قال كوك إن وسيلة جديدة للبث سيجري إعدادها في  24 ساعة.

آلان كوك
سيجد طريقة أخرى لبث وفاته

كان كوك قد كتب إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يطلب منه السماح للأطباء الأخصائيين بالمساعدة في وفاته. ورد ماكرون قائلا إن هذا غير مسموح به بموجب القانون الفرنسي.
ويعتزم فيسبوك استخدام الذكاء الاصطناعي وتحديث أدواته وخدماته للمساعدة في منع حالات الانتحار بين مستخدميه.
وقالت أكبر شبكة للتواصل الاجتماعي في العالم إنها تعتزم دمج أدواتها الحالية لمنع الانتحار الخاصة بمنشورات فيسبوك في خاصيتها للبث المباشر (فيسبوك لايف).
وقالت الشركة في تدوينة إن الذكاء الاصطناعي سيستخدم للمساعدة في رصد المستخدمين ذوي الميول الانتحارية.
ويستخدم فيسبوك بالفعل الذكاء الاصطناعي لمراقبة المواد المسيئة في خدمته للبث الحي.
وقالت الشركة إن الأدوات المحدثة ستتيح للمستخدمين الذين يشاهدون مادة مصورة على الهواء خيار التواصل مع الشخص مباشرة وإبلاغ فيسبوك عن تلك المادة.
وافادت منظمة الصحة العالمية في احصائيات سابقة إن أكثر من 800 ألف شخص ينتحرون سنويا على مستوى العالم بمعدل شخص كل أربعين ثانية ويلجأ كثير منهم لاستخدام السم أو الشنق أو إطلاق النار لإنهاء حياتهم.
وتخضع المضامين المرتبطة بالانتحار بمساعدة الغير وإيذاء الذات لمروحة كبيرة من الضوابط عبر فيسبوك الساعية للتوفيق بين حماية مستخدميها وصون حرية التعبير، وهو ما تشهد عليه حالة الفرنسي المحتضر آلان كوك.
وتواجه فيسبوك التي تضم 1,8 مليار مستخدم نشط يوميا، إشكالية لتحقيق توازن دقيق في هذه المسألة المعقدة. وتتلقى أحيانا اتهامات بعدم تكريس موارد كافية لتفادي نشر مضامين عنيفة أو صادمة عبر صفحاتها.
وقد جرى تعزيز هذه القواعد على مر السنوات بعد قضايا أخذت حيزا كبيرا من الاهتمام الشعبي والإعلامي، بما في ذلك انتحار المراهقة البريطانية مولي راسل البالغة 14 عاما سنة 2017 بعد مشاهدتها مضامين مرتبطة بعمليات إيذاء الذات والانتحار على إنستغرام التابعة لفيسبوك.
وتشمل قواعد الشبكة جملة بنود مفصلة بشأن ما يُسمح للمستخدمين بنشره وما يُمنعون عنه، ما يساعد في تفسير طريقة تعامل الشبكة مع هذا النوع من الحالات.
وترمي هذه القواعد المنشورة في إطار "معايير فيسبوك" إلى التوفيق بين متطلبات مختلفة، بينها سلامة المستخدمين وصون حرية التعبير. ورغم أنها لا تلحظ إجراءات محددة بشأن حالات المرضى المنازعين في ساعاتهم الأخيرة، تتسم هذه القواعد بتشدد كبير مع المضامين التي قد تُصنف في خانة الترويج للانتحار أو الأذى الذاتي.
وتشمل هذه التدابير حالات متصلة بالموت الرحيم أو المساعدة على الانتحار.
وتوضح فيسبوك في إطار هذه "المعايير" المنشورة عبر صفحتها الرسمية أن "في إطار سعينا لتوفير بيئة آمنة على فيسبوك، فإننا نزيل المحتوى الذي يشجّع على الانتحار أو إيذاء الذات، بما في ذلك بعض الصور الصادمة وعمليات البث المباشر والمحتوى الخيالي الذي أوضح لنا الخبراء أنه قد يدفع الآخرين إلى ممارسة سلوك مماثل".
غير أن هذه القواعد عينها تتيح نشر "صور أو مقاطع فيديو تصوّر موت شخص عن طريق الانتحار وتكون مصمّمة للحصول على أهمية إخبارية"، إضافة إلى "صور أو مقاطع فيديو تصور شخصًا شارك في عملية قتل رحيم/انتحار بمساعدة الغير، في إطار حالة طبية". ويُسمح بالاطلاع على هذه المضامين للأشخاص فوق سن الثامنة عشرة حصرا مع إرفاقها برسائل تحذير.
إلى ذلك، تحتفظ الشبكة بحق تخفيف هذه القواعد إذا ما رأت فائدة عامة في نشر مضامين محظورة في العادة.
وتلفت الشبكة إلى أنها تسمح في بعض الحالات بنشر مضامين تتعارض مع "معايير المجتمع" إذا ما كان ذلك يصب في خدمة المصلحة العامة، مؤكدة أنها تعمد في مثل هذه الحالات إلى تقويم "الأثر الإيجابي على المنفعة العامة مقارنة مع الأذى المحتمل"، مع الاستناد إلى "المبادئ العالمية لحقوق الإنسان".
وفي النهاية، تترك الشبكة في بعض الأحيان على صفحاتها مضامين مثيرة للجدل لترك الوقت لحصول ناشريها على المساعدة اللازمة، إذا كان ذلك يسهم في إنقاذ أرواح.
وعلى سبيل المثال، توضح الشبكة في هذه المعايير "تلقينا نصيحة من الخبراء بأنه ينبغي ألا نقوم بإزالة مقاطع فيديو البث المباشر التي يظهر فيها إيذاء الذات وذلك لإتاحة الفرصة للسلطات والأشخاص المقربين بتقديم المساعدة أو الموارد لصاحب المنشور".