"قصر المجوهرات" إرث لا يستهان به

نشأة قصر المجوهرات ترجع إلى وقت قيام ثورة يوليو 1952، حين تمت مصادرة المجوهرات الملكية، ووضعها في خزائن الإدارة العامة للأموال، وتقرر إنشاء هذا المتحف.
القصر يعد شاهدا على زمن مضى من أمجاد أسرة محمد علي
كان من القصور المعرضة للإهمال وعوامل التعرية

الإسكندرية ـ من أحمد مروان

في نهاية الصيف تبدو مدينة الإسكندرية عروس البحر المتوسط أكثر هدوء وجمالا، مع هبوب نسمات الخريف الأولى ورحيل أشهر الحر، وفي حضن هذه المدينة التي كانت في يوم ما كوزموبوليتانية تضم عدة جاليات من بلدان مختلفة، يقع قصر المجوهرات الملكية ذلك المتحف الذي يعد نموذجا فريدا ومميزا للمباني المصرية المستوحاة من الطراز الأوروبي؛ ويُعتبر شاهدا بما يحتويه على زمن مضى من أمجاد أسرة محمد علي، وما تركته من إرث لا يستهان به من القصور التي كانت معرضة للإهمال وعوامل التعرية، والمقتنيات الثمينة التي ظلت حبيسة المخازن، لولا تدارك قطاع المشروعات والمتاحف بالمجلس الأعلى للآثار والقيام بترميم وإعادة توظيف متحف المجوهرات الملكية بالإسكندرية. يقع القصر قريبا من البحر مما يؤدي إلى الحاجة المستمرة لترميمه.
تاريخ القصر
ترجع نشأة قصر المجوهرات إلى وقت قيام ثورة يوليو 1952، حين تمت مصادرة المجوهرات الملكية، ووضعها في خزائن الإدارة العامة للأموال، وتقرر إنشاء هذا المتحف. ثم وقع الاختيار على قصر الأميرة فاطمة الزهراء بالإسكندرية، ليكون متحفًا للمجوهرات الملكية التى تميزت بها الأسرة العلوية، وبولعها الشديد بمظاهر الثراء المادي والفني، حيث اهتموا باقتناء التحف الثمينة والمجوهرات النادرة، وكانوا يظهرون بها فى الأعياد والأحداث التاريخية وحفلات التتويج والزفاف والاحتفالات الرسمية .
أما زمن بناء القصر  فيعود إلى عام 1919، وقد أمرت ببنائه الأميرة فاطمة الزهراء بنت الأمير علي حيدر ابن رشدي حيدر وحفيدة مصطفى بهجت فاضل باشا شقيق الخديوي إسماعيل وحفيدة محمد علي باشا لابنه إبراهيم. وقد تعلمت الأميرة فاطمة بمدارس الراهبات ذات الإدارة الفرنسية، وتزوجت سنة 1930 من محمد فائق بك ورزقا بثلاثة أطفال "فاضل والتوأم فايز وفايزة"، وقد اشتهرت باسم فاطمة حيدر وهو الاسم الذي اعتمدته لنفسها وأصبح الحرفان الأولان من “FH” على أماكن كثيرة في القصر وعلى مقتنياتها كعادة ملوك وأمراء الأسرة العلوية.
وبعد قيام ثورة 1952، أصبح القصر مقراً لرئاسة الجمهورية لكن تم نقل المقر إلى قصر رأس التين بعد ذلك بفترة وجيزة، وصدر القرار الجمهوري رقم 173 لسنة 1986 بتخصيص القصر متحفا للمجوهرات الملكية لأسرة محمد علي، لما له من قيمة معمارية وفنية متميزة.
سيناريو العرض

يتكون القصر من جناحين
زمن بناء القصر فيعود إلى عام 1919

يلاحظ الزائر ما طرأ على القصر من ترميم وإصلاح بعد أن كان مشبعا  بالرطوبة، وبعد أن سقطت أجزاء من الجدران والأسقف. يتكون القصر من جناحين: الجناح الشرقي وهو عبارة عن قاعتين وبهو، والجناح الغربي والذي يتكون من طابقين، الطابق الأول ويضم أربع قطاعات وبهوا وحماما، والطابق الثاني ويضم أربع قطاعات ملحق بها أربعة حمامات يتوسطها الهوكر ثم البدروم، ويتكون من ثلاث حجرات ومطبخ ودورات مياه، وكان مخصصا لخدمة أصحاب القصر، وتوجد بالقصر حديقة بها نباتات نادرة ونافورة رائعة.
يشمل القصر أربع عشرة قاعة عرض متحفي، تتكون من 33 فاترينة، تبدأ رحلة الزائر ببهو المدخل والذي يوجد به تحفتان نادرتان، الأولى تاج الأميرة شويكار زوجة الملك فؤاد الأول، والثانية تاج وطقم من الحلي النادر للملكة ناريمان الزوجة الثانية للملك فاروق. ثم يسار الغرفة باب يؤدي إلى القاعة الرئيسية حيث فاترينة واحدة بها العديد من الصور الملونة تمثل شجرة الأسرة العلوية.
أما الممر الواصل بين جناحي القصر فيحده من الجانبين عشرة نوافذ ضخمة من الزجاج الملون، واحتلت بداية الممر فترينة بها قلادة محمد علي وهي أعلى القلائد في تاريخ مصر، وقلادة أخرى الملك فؤاد وهي من الذهب الخالص، وذلك بالإضافة إلى مجموعة من الأوسمة والنياشين الأخرى تخص الأسرة العلوية على مدى تاريخهم. أما القاعة الرابعة فبها مجموعة عديدة من الأوسمة والنياشين والأنواط والشارات الملكية وأكياس للنوق من الذهب وعملات ذهبية.
داخل القصر
والقاعة الخامسة فهي قاعة متنوعة، علب من الذهب وأدوات زينة للأميرة نازلي، والحلي الخاص بالأميرة فايزة والأميرة فوزية ابنتي الملك فؤاد. أما القاعة السادسة فهي خاصة بأدوات الزينة والاكسسوار للأمراء والأميرات، ثم القاعة السابعة وبها ما يزيد على 173 قطعة من الحلي وأدوات الزينة والاكسسوار خاصة بالأميرة فايزة وفوزية، كما يوجد خطاب من الذهب لتهنئة الأميرة فوزية بعيد ميلادها. أما القاعة الأخيرة في الطابق الأول فهي قاعة الكئوس وتعرض كأسين في غاية الروعة الأولى لعصر الملك فؤاد وتصور مناظر سياحية وطبيعية في مصر، وتزن أكثر من 6 كيلوات من الذهب، أما الكأس الثانية فترجع إلى عصر الملك فاروق وتزن أكثر من 51 كيلو ذهب.
ويضم الطابق الثاني خمس قاعات، تتوسطهم قاعة التتويج وبها ثلاث فتارين بكل منها طاقم الزفاف والتتويج من مجوهرات الملكة فريدة.
أدوات ذهبية
أما القاعة الحادية عشرة فتعرض أدوات مكتبية خاصة بالملك فاروق أغلبها مزين بالذهب والألماس والياقوت، أما القاعة الثانية عشرة فتعرض أدوات البناء لوضع حجر الأساس لمنشآت حضارية، أهمها قصعة ومسطرين من النحاس والخشب لوضع حجر أساس القصر العيني وكوبري قصر النيل وقناطر نجع حمادي، ثم فترينة تعرض عملات ملكية من الذهب والفضة وكذلك ميدالية بناء القناطر الخيرية. 
أما القاعة الثانية عشرة، فهي قاعه الممتلكات الملكية، وهي تعرض الممتلكات الملكية ومن أجملها شعلة من الفضة مطعمة بالذهب والعاج وشخشيخة الأمير أحمد فؤاد من البلاتين، وشطرنج للملك فاروق رائع من الذهب والألماس هدية من شاه إيران وشطرنج آخر مصنوع في الهند.
أما القاعة الرابعة عشرة فهي تعرض الهدايا أو مقتنيات ملوك وأمراء الأسرة العلوية وفترينة أخرى تعرض مجموعة رائعة من الساعات المرصعة بالألماس والأحجار الكريمة، وعددا من الساعات رائعة تكون بغطائين الأول يكون عليه اسم صاحب الساعة والغطاء الثاني صورة لأحد أفراد الأسرة المالكة. 
كما توجد ساعة لنابليون غاية في الروعة من الداخل بها ورقة ملونة بنفس حجم الساعة مسجل بها جميع معارك نابليون. (وكالة الصحافة العربية)