قصف متبادل يرسم ملامح مواجهة أوسع بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية

الفصائل الفلسطينية تطلق عددا من الصواريخ باتجاه البلدات الإسرائيلية المتاخمة لغزة ردا على مقتل 11 فلسطينيا في الضفة.
إضراب عام شامل في الضفة وغزة بعد مجزرة نابلس
المجتمع الدولي يدعو للتهدئة بعد التصعيد في الضفة وغزة

غزة -  تبادلت القوات الإسرائيلية وفصائل فلسطينية في قطاع غزة القصف اليوم الخميس على وقع توتر آخذ في التنامي، ما يرسم ملامح مواجهة أوسع بين الطرفين لن تكون مفاجئة في خضم تصعيد عسكري اسرائيلي ونوايا معلنة من قبل الائتلاف الحاكم الذي يهيمن عليه اليمين الديني بتغيير قواعد الاشتباك مع الفلسطينيين، فيما تنذر هذه التطورات بالعودة لمربع العنف وسط مخاوف دولية وإقليمية من خروج الوضع عن السيطرة. 

وقد شنت إسرائيل غارات على قطاع غزة الخميس غداة عملية طالت الضفة الغربية المحتلة وأسفرت عن مقتل أحد عشر فلسطينيا فيما ردت الفصائل بإطلاق عدد من الصواريخ على البلدات المتاخمة للقطاع.
وقتل الفلسطينيون ال11 وبينهم فتى في السادسة عشرة من العمر، وجرح أكثر من ثمانين آخرين بالرصاص خلال العملية الإسرائيلية التي جرت في مدينة نابلس وسقط فيها أكبر عدد من القتلى في عملية إسرائيلية في الضفة الغربية منذ 2005.
وتلى أعمال العنف هذه، إطلاق صواريخ من غزة باتجاه الدولة العبرية ثم ضربات جوية إسرائيلية فجر الخميس على القطاع الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الإسلامية (حماس) منذ 2007. لكن لم تسجل إصابات أو قتلى في تبادل القصف هذا.
وقبل هذه التطورات الليلية، عبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن قلقه من أن الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة "قابل للاشتعال" اليوم اكثر من أي وقت مضى منذ سنوات.
ودعا الاتحاد الأوروبي "كل الأطراف (إلى العمل) من أجل عودة إلى الهدوء وخفض تصعيد التوتر".
من جهتها، حثت باريس "كل الأطراف الفاعلة إلى الامتناع عن أي عمل يمكن أن يغذي" العنف، بينما عبرت الولايات المتحدة عن "قلقها العميق" من مستوى العنف في الضفة الغربية.
رسائل تحذير
ومنذ مطلع العام الجاري، قتل في أعمال العنف والمواجهات ستون فلسطينيا بينهم مقاتلون ومدنيّون بعضهم قصّر، وتسعة مدنيين وشرطي واحد إسرائيليين بينهم ثلاثة قاصرين، وامرأة أوكرانية، استنادا إلى مصادر رسمية إسرائيلية وفلسطينية.
وقال غوتيريش إن "اولويتنا الفورية هي منع تصعيد إضافي وخفض التوتر وإعادة الهدوء".

أولويتنا الفورية هي منع تصعيد إضافي وخفض التوتر وإعادة الهدوء

وقبيل فجر الخميس، أطلقت صواريخ - ثمانية حسب شهود عيان وستة حسب اسرائيل - من قطاع غزة باتجاه اسرائيل.
وتبنت حركة الجهاد الإسلامي إطلاق الصواريخ. وقال مصدر في الجهاد الإسلامي إن عناصر من الحركة "أطلقوا رشقة صواريخ باتجاه مستوطنات غلاف غزة ردا على مجزرة نابلس".
وفي بيان قال الناطق باسم حركة الجهاد الإسلامي إن "ما قامت به المقاومة هو رسائل تحذير ونذير للاحتلال بأن تكف عن أبناء شعبنا وتوقف عدوانها".
من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي في بيان أنّه رصد إطلاق ستّة صواريخ من القطاع، اعترضت خمسة منها منظومة القبّة الحديدية للدفاع الجوي في حين سقط الصاروخ السادس في منطقة غير مأهولة.
وأكّدت أجهزة الإسعاف الإسرائيلية أنّه لم يسجّل سقوط أيّ إصابة في القصف الذي دوّت بسببه، قرابة الساعة الرابعة (02,00 ت غ)، صفّارات الإنذار في مدينتي سديروت وعسقلان الواقعتين في جنوب الدولة العبرية قرب قطاع غزة.
وشن الطيران الحربي الاسرائيلي ضربات على غزة، موضحا أنه قصف "مصنعا لإنتاج أسلحة" و"معسكرا" تابعين لحركة حماس.
وجاء هذا القصف غداة عملية عسكرية نفّذها الجيش الإسرائيلي في مدينة نابلس في شمال الضفة الغربية المحتلة قتل خلالها 11 فلسطينياً وأصيب أكثر من ثمانين آخرين بالرصاص الحيّ، بحسب وزارة الصحّة الفلسطينية.
عملية لمكافحة الإرهاب

الفصائل الفلسطينية تعد بالرد على جريمة نابلس
الفصائل الفلسطينية تعد بالرد على جريمة نابلس

وقال الجيش الإسرائيلي إنه نفذ "عملية لمكافحة الإرهاب" في المنطقة تم خلالها "تحييد ثلاثة مشتبه بهم مطلوبين ومتورطين في هجمات مسلحة (في الضفة الغربية) والتخطيط لهجمات في المستقبل القريب".
وأضاف الجيش أنه خلال العملية التي استمرت قرابة أربع ساعات، رُشق الجنود بالحجارة وألقيت باتجاههم عبوات ناسفة لكن لم يسبب ذلك إصابات في صفوفهم.
وبعد ظهر الأربعاء في نابلس حضر حشد من الرجال المسلحين جنازات تسعة من القتلى في العملية العسكرية الإسرائيلية. ودفن العاشر في مخيم بلاطة للاجئين الفلسطينيين القريب. أما القتيل الحادي عشر، فقد أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية أنه يبلغ من العمر 66 عاما توفي مساء الأربعاء نتيجة استنشاق الغاز المسيل للدموع.
وذكرت حركة الجهاد الإسلامي أن بين القتلى أحد القادة المحليين لجناحها العسكري، بينما أشارت مجموعة عرين الأسود المسلحة ومقرها نابلس إلى أن بين القتلى ستة مقاتلين من فصائل فلسطينية عدة.
وتضاعف القوات الإسرائيلية منذ نحو عام ما تسميه عمليات "لمكافحة الإرهاب" بحثًا عن "مشتبه بهم" في شمال الضفة الغربية لا سيما في نابلس وجنين معقلي عدد من الفصائل الفلسطينية المسلحة.
ودان وزير الشؤون المدنية الفلسطيني حسين الشيخ في تغريدة على تويتر "العمل الإجرامي المتعمد والوحشي" ودعا المجتمع الدولي إلى "التدخل الفوري".

وعَمَّ إضراب عام شامل الخميس كافة مناحي الحياة في الضفة وقطاع غزة؛ تنديدا بالهجوم الاسرائيلي في نابلس .
وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واصل أبويوسف إن "الإضراب الشامل يعم كافة محافظات الضفة الغربية، وهو شكل من أشكال المقاومة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي".
وواصفا العملية العسكرية في نابلس بـ"المجزرة"، دعا أبويوسف إلى تدخل دولي لوقف "العدوان" الإسرائيلي، مشددا على "الشعب الفلسطيني على قلب رجل واحد في مواجهة الاحتلال".
وأفاد بأنه "تنُظم الخميس مسيرات على نقاط الاحتكاك مع الجيش الإسرائيلي تنديدا بالجريمة".
والأربعاء، دعت القوى والفصائل الفلسطينية إلى "إضراب شامل في كافة محافظات الوطن، حدادا على أرواح شهداء نابلس، وتنديدا بجرائم الاحتلال الإسرائيلي".
وقال صحفيون في رام الله وغزة، الخميس، إن المحال التجارية والمدارس والجامعات والأسواق والبنوك أغلقت أبوابها، وخلت الشوارع من الحركة الاعتيادية.