قلق أوروبي بشأن الالتزامات المالية لايطاليا بعد صعود الشعبويين

وصول الشعبويين للحكم بإيطاليا يثير مخاوف بروكسل حول الدين الهائل للبلاد ويسلط الأضواء على المخاطر المحدقة بالمصرف المركزي الأوروبي.

برلين - يعيد وصول الشعبويين إلى الحكم في ايطاليا المخاوف حول الدين الهائل للبلاد إلى الواجهة ويسلط الأضواء على المخاطر المحدقة بالمصرف المركزي الأوروبي في وقت يتعين عليه التشدد في سياسته النقدية.

يقول فريدريك دوكروزيه خبير الاقتصاد لدى مكتب "بيكتيه ويلث مانجمنت" إن هذه المخاوف "بديهية لان المشكلة لم تتم تسويتها" فايطاليا "هي البلد الوحيد الذي يعاني من ديون كبيرة ولم يتبن برنامجا لهيكلة" ديونه.

وتؤدي حكومة تحالف بين حركة معادية للمؤسسات وحزب من اليمين المتطرف اليمين الدستورية الجمعة في روما. وأثار الاحتمال في البدء هذا الأسبوع هلعا في سوق السندات ما أدى إلى ارتفاع كبير في فوائد الديون الايطالية.

وعلى الفور عاد هاجس "ايطالإكسيت" أي خروجها من منطقة اليورو خصوصا لدى ألمانيا التي تنتقد بشدة ديون دول الجنوب، واعتبر هانس فيرنر سين خبير الاقتصاد في معهد "آيفو" الخميس أن مثل هذا الخروج "محتملا".

علم ايطاليا واوروبا
الخيارات محدودة

لكن مثل هذا الاحتمال بعيد كل البعد عن الأزمتين في اليونان (2009-2011 و2015) فالدين الايطالي يمثل ربع الدين العام في منطقة اليورو بينما لا يتجاوز الدين اليوناني 2.5 بالمئة منه.

وعلى الفور أعربت صحيفة "فرانكفورتر اليماين تسايتونغ" المحافظة عن القلق من انتقال "عدوى" القلق إزاء الدين الايطالي (130 بالمئة من إجمالي الناتج الداخلي) إلى دين اسبانيا (98 بالمئة) أو البرتغال (125 بالمئة)، ما يمكن أن يشكل تهديدا للعملة الموحدة.

أرقام تضخم مؤاتية

وكان المصرف المركزي الأوروبي الذي يتدخل عند كل أزمة مالية في غنى عن مثل هذه "الهدية" التي تتزامن مع الذكرى السنوية العشرين لتأسيسه الجمعة.

ويفضل المصرف في الوقت الحالي الانتظار إلى أن تهدأ الأمور وهو يلتزم ببرنامجه الضخم لإعادة شراء الأصول الذي يتضمن شراء ما قيمته مليارات اليورو من السندات الايطالية كل شهر.

يقول دوكروزيه إن المصرف المركزي الأوروبي الذي يملك بين "22 إلى 25 بالمئة" من الدين الايطالي العام "لا يمكن أن يُنظر إليه على انه يساعد بلد تحديدا".

ويمكن أن يعول المصرف على أرقام تضخم مؤاتية في أيار/مايو الماضي إذ سجلت تحسنا (+1.9 بالمئة في منطقة اليورو و+2.0 بالمئةفي فرنسا و+2,2 بالمئة في ألمانيا) والتي أتت في الوقت المناسب لدعم التخلي بشكل تدريجي عن برنامج شراء الأصول.

ومع أن ايطاليا ستكون حاضرة في الأذهان إلا أنها لن تشارك في الاجتماع المقبل للمصرف المركزي الأوروبي حول السياسة النقدية في 14 حزيران/يونيو المقبل والذي سيتناول خصوصا إعداد الوقف التدريجي لبرنامج شراء الأصول بحلول نهاية العام والذي يشكل مرحلة أولى قبل زيادة في معدلات الفائدة متوقعة خلال العام 2019.

رخوي يصافح سانشيز
العين على إسبانيا أيضا

لا يوجد خيار "سهل"

لكن المشكلة لا تزال تنتظر حلا ويمكن أن تعود على المدى المتوسط عندما ستؤدي زيادة معدلات الفائدة التي تطالب بها بعض الدول في مقدمتها ألمانيا إلى تعقيد تمويل الدول الأكثر ديونا بينها ايطاليا واسبانيا.

لكن إذا التزم الحزبان الشعبويان في روما بتعهدات حملتهما بان الحكومة ستقوم بنفقات جديدة فان العجز الايطالي يمكن أن يرتفع إلى ما بين "5 و7 بالمئة من إجمال الناتج الداخلي" بحسب المحللين في مصرف ووربورغ ما سيؤدي إلى "مواجهة" بين ايطاليا وشركائها الأوروبيين.

بالطبع بوسع المصرف المركزي الأوروبي اللجوء إلى حلول جذرية على غرار ما قام به في العام 2012 عندما أعلن حاكمه ماريو دراغي تعهد بذل "كل الجهود" لإنقاذ اليورو من خلال برنامج لشراء الديون السيادية لم يستخدم بعدها أبدا.

إلا أن هذا البرنامج يشترط إصلاحات هيكلية صارمة أي "العكس تماما" عما يتوقعه الناخبون الايطاليون المشككون باليورو ما يجعل مثل هذا الحل مستبعدا بحسب ووربرغ.

ويرجح دوكروزيه أكثر "إعادة تفعيل برنامج سابق أطلق في 2010 تحت اسم برنامج أسواق السندات لكن ينطوي على أثار كبيرة على ايطاليا ولو أن ألمانيا ستسارع إلى التنديد بالهدر.

وحذر دوكروزيه "لا يوجد خيار سهل إذا أردنا مساعدة ايطاليا غدا" مضيفا "لهذا السبب يلتزم المصرف المركزي الأوروبي الحذر الجديد عندما يرفع معدلات فوائده".