قوات مكافحة الإرهاب تتمركز بأماكن الاعتصامات في بغداد
بغداد - قال مصدر امني عراقي إن قوات مكافحة الإرهاب (قوات النخبة) وقوات الجيش بدأت اليوم الأحد، عمليات تفريق واعتقال لمتظاهرين في مدن وسط وجنوب البلاد، بأمر من رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي.
وقال جهاز مكافحة الإرهاب في بيان إن نشر قواته جاء "لحماية المنشآت السيادية والحيوية من أن تعبث بها عناصر غير منضبطة مستغلة انشغال القوات الأمنية في حماية التظاهرات والمتظاهرين".
ويأتي نشر قوات مكافحة الإرهاب وقوات الجيش بمسعى لإعادة الأوضاع الأمنية إلى ما كانت عليه بعد أن تمكن المحتجون يومي الجمعة والسبت من إضرام النيران في أكثر من 80 مقرا حزبيا وأخرى تابعة للحشد الشعبي ومؤسسات حكومية مختلفة.
ولايزال المئات من المتظاهرين يعتصمون في سرادق تحت نصب الحرية في ظل إجراءات أمنية مشددة.
وتظاهر المئات من طلاب المدارس بمختلف مراحلها بالعراق صباح اليوم الاحد في منطقة حي الخضراء والعامرية والمنصور في بغداد في مشهد غير مسبوق لدعم مطالب المتظاهرين في ساحة التحرير.
وأدت عملية إغلاق جسر الجمهورية وسط بغداد إلى حصول حالات زحام شديد للسيارات عند الساعات الأولى لبدء الدوام الرسمي.
وقال نقيب الشرطة أحمد خلف إن “قوات مكافحة الإرهاب انتشرت في غالبية مناطق بغداد بأمر من رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي بهدف حماية جميع المؤسسات الحكومية والأهداف الحيوية ومنع أي جهات بالاعتداء عليها”.
وأوضح خلف أن “نشر قوات مكافحة الإرهاب جاء بعد عجز قوات مكافحة الشغب للسيطرة على الأوضاع في بغداد”.
وفي محافظة ذي قار جنوبي البلاد، قال ناشط في الاحتجاجات، الأحد، إن قوات مشتركة من مكافحة الإرهاب والجيش تنفذ لأول مرة حملة اعتقالات ضد المتظاهرين المتواجدين خارج ساحة الحبوبي وسط مدينة الناصرية.
وقال علي السعيدي إن “رئيس الوزراء أعطى أمرا لقوات مكافحة الإرهاب والجيش بقمع الاحتجاجات بالقوة والاعتقالات، وهذا ما حصل خلال الساعات القليلة الماضي في محافظة ذي قار، حيث بدأت ملاحقات واعتقالات للمتظاهرين المتواجدين خارج ساحة الحبوبي وسط الناصرية”.
وأوضح السعيدي أن “رئيس الوزراء يريد من الإجراء تساقط المزيد من القتلى والجرحى، بالإضافة إلى تشويه صورة قوات مكافحة الإرهاب والجيش المعروفين بمهنيتهم”.
وتابع “يجب أن لا تستخدم قوات مكافحة الإرهاب والجيش لقمع المتظاهرين”، مشيرا إلى أن “معلومات مؤكدة حصلنا عليها تشير إلى إن عبد المهدي كلف القوتين بفض الاعتصامات بالقوة”.
يذكر أن قرار عبدالمهدي استبعاد قائد قوات مكافحة الإرهاب الفريق عبدالوهاب الساعدي، الذي اضطلع بدور كبير في المعارك ضد تنظيم داعش، وذلك قبل بداية الاحتجاجات بأيام مع بداية شهر أكتوبر الجاري، أثارغضباً في البلاد وسط علامات استفهام عن أسبابه.
تم إضرام النيران في أكثر من 80 مقر حزبي وأخرى تابعة للحشد الشعبي احتجاجا على تدخل الميليشيات الإيرانية لتقويض المظاهرات بالسلاح
وقتل 63 متظاهراً وأصيب نحو 2500 آخرين بينهم أفراد أمن خلال 48 من الاحتجاجات المناهضة للحكومة، بحسب مفوضية حقوق الإنسان العراقية.
ومازالت إجراءات حظر التجوال سارية المفعول في عدد من المحافظات فيما قامت محافظة كربلاء بإنهاء حالة حظر التجوال.
يأتي هذا وسط تقارير عن تورط عناصر من منظمة "بدر" المدعومة من إيران في قتل عدد من المحتجين في مدينة الحلة العراقية.
وذكرت مصادر عراقية أن متظاهرين حاولوا ليل السبت اقتحام مقر "منظمة بدر" التي يتزعمها هادي العامري وقام عناصر حماية المقر باطلاق الرصاص على المتظاهرين مما تسبب بمقتل ستة متظاهرين وإصابة العشرات حالة عدد منهم خطرة.
وأعربت ممثلة الأمم المتحدة في العراق، جينيس بلاسخارت، عن "قلقها العميق إزاء محاولة الميليشيات عرقلة استقرار العراق ووحدته والنيل من حق الناس في التجمع السلمي ومطالبهم المشروعة.
وأضافت بلاسخارت "تحتل حماية أرواح البشر المقام الأول دائماً، ولا يمكن التسامح مع الكيانات المسلحة التي تخرب المظاهرات السلمية، وتقوض مصداقية الحكومة وقدرتها على التصرف".
ولفتت إلى أن العراق قطع "شوطاً طويلاً ولن يتحمل الانزلاق مرة أخرى إلى دائرة جديدة من العنف".
وقالت بلاسخارت إنه "لمن المحزن والمقلق أن نشهد عودة العنف وسقوط القتلى والجرحى. ولا تزال القيود المفروضة على وسائل التواصل الاجتماعي قائمة، كما تظل خدمة الإنترنت متقطعة".
ودعت الممثلة الأممية، كافة القادة (السياسيين) أن "يكونوا قدوة من خلال أفعالهم، فعلى سبيل المثال، ينبغي أن يصحب دعوات وضع حد للفساد إغلاق لما يعرف باللجان الاقتصادية في أحزابهم أو تياراتهم".
وموجة الاحتجاجات الجديدة التي بدأت الجمعة هي الثانية من نوعها خلال الشهر الجاري، بعد أخرى قبل نحو أسبوعين شهدت مقتل 149 محتجًا وثمانية من أفراد الأمن.
وطالب المحتجون في البداية بتحسين الخدمات العامة، وتوفير فرص عمل، ومكافحة الفساد، قبل أن يرتفع سقف مطالبهم إلى إسقاط الحكومة؛ إثر استخدام الجيش وقوات الأمن العنف المفرط بحقهم، وهو ما أقرت به الحكومة، ووعدت بمحاسبة المسؤولين عنه.
ومنذ بدء الاحتجاجات، تبنت حكومة عادل عبد المهدي عدة حزم إصلاحات في قطاعات متعددة، لكنها لم ترض المحتجين، الذين يصرون على إسقاط الحكومة.
ويسود استياء واسع في البلاد من تعامل الحكومة العنيف مع الاحتجاجات، فيما يعتقد مراقبون أن موجة الاحتجاجات الجديدة ستشكل ضغوطا متزايدة على حكومة عبدالمهدي، وقد تؤدي في النهاية إلى الإطاحة بها.