كوفيد درس يعري هشاشتنا لكنه أيضا اختبار تكيف
باريس - تقول ماري كلير فيلفال مديرة البحوث الاقتصادية في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي المتخصصة في الاقتصاد السلوكي إن الأزمة الصحية الناجمة عن جائحة كوفيد-19 أظهرت مدى هشاشتنا، لكنها أثبتت قدرتنا على التكيف أيضا.
- كيف غيّرت جائحة كوفيد-19 حياتنا؟
كان الوباء دليلا تعليميا للغاية على هشاشتنا على مستوى عالمي وعلى ترابطنا، لكن أيضا على قدرتنا الهائلة على الصمود والتكيف.
مع الجائحة والتدابير التي اتخذتها الحكومات لمكافحة انتشار الفيروس، أدركنا مدى اعتمادنا على بعضنا بعضا، من الناحيتين الاقتصادية والإنتاجية، وأيضا من حيث صحتنا وحياتنا الاجتماعية.
هذه الأزمة ذكّرتنا بمسؤوليتنا الفردية في المصير المشترك للمجتمع. لم نغيّر تفضيلاتنا الاجتماعية بشكل جذري (لم نصبح أكثر تعاطفا أو أكثر كرما بالضرورة) ولا مواقفنا تجاه المخاطرة، لكننا تعلمنا قواعد ومعايير سلوكية جديدة في المجتمع، أكثر حذرا لأنفسنا وللآخرين.
تسبّب الوباء بفرض قيود مهمة علينا (عمليات إغلاق وحملات تلقيح وتقييد الحركة) لكنه سمح لنا أيضا باختبار قدرة مجتمعاتنا على التعامل مع صدمة عالمية شديدة في الحياة الواقعية.
لقد أظهر الوباء بطريقة مذهلة أهمية العلم والبحث والحاجة إلى الاستثمار فيهما بشكل أكبر. وكذلك أضاء على أهمية تغيير بعض أنماط حياتنا.
- كيف غيّر الوباء طرقنا في التفاعل؟
تأثرت سلوكياتنا في المجتمع، وبشكل أكثر جوهرية الأعراف الاجتماعية التي تكمن وراءها، تأثرا عميقا.
على الصعيد المهني، اكتشفنا طرقا جديدة للعمل وتنظيم أنفسنا. أدى تطوّر العمل عن بعد إلى إحداث تغيير في ما يتعلق باختيار موقع الموظفين وفي سوق العقارات للشركات. استبدل السفر المرتبط بالعمل إلى حد كبير بمؤتمرات افتراضية، هو ما تطلّب تعلم رموز جديدة لاتصالات المجموعات.
وقد أدى ذلك إلى خلق قيود جديدة على التنسيق لكن في الوقت نفسه ولّد المزيد من المرونة في أساليبنا التنظيمية.
أدى ذلك إلى خلق قيود جديدة على التنسيق لكن في الوقت نفسه ولّد المزيد من المرونة
من المفارقات، أن هذه الأزمة عززت ترسخنا محليا (تقييد السفر والرغبة في التركيز أكثر على مصادر التوريد المحلية) وأيضا انفتاحنا على الخارج (فضولنا حول طريقة تعامل البلدان الأخرى مع الجائحة خصوصا).
ما هي العادات الجديدة التي اكتسبناها وهل ستبقى معنا؟
لا تترجم كل التغييرات السلوكية تلقائيا إلى عادات جديدة. يمكن لمس ذلك عندما نتخذ قرارات جيدة في بداية العام (مثل ممارسة المشي بشكل أكثر انتظاما وركوب الدراجات الهوائية والانضمام إلى صالة ألعاب رياضية).
ولكي تصبح هذه الممارسات الجديدة عادات، يجب مزاولتها لفترة طويلة بما يكفي ويجب التذكير بها بشكل منتظم. يمكننا الاعتقاد أن قواعد النظافة والتدابير التقييدية الأخرى التي يتم التذكير بأهميتها بانتظام منذ حوالى عامين، بدأت خلق عادات سنحتفظ بها، بالنسبة إلى معظمنا.
وهذه هي الحال بالنسبة إلى غسل اليدين بشكل متكرر واستخدام مطهر اليدين... قد لا نتردد في وضع الكمامة عندما تصاب بنزلة برد في المستقبل. سيبقى التقبيل بلا شك ممارسة أقل تكرارا خارج دائرة الأسر والأصدقاء المقربين.
من ناحية أخرى، اختبر كثر شكلا جديدا من تنظيم الوقت ومساحة العمل. قد يكون هناك طلب لمزيد من المرونة في سلوك البحث عن وظيفة. وستقيّم عروض العمل ليس فقط من حيث الرواتب وآفاق التطوير بل أيضا من حيث مرونة الشركات في تنظيم أماكن العمل الخاصة بها.