كويتيون يحفظون حرفة السدو القديمة من الاندثار

جمعية السدو الحرفية تضطلع بمهمة تدريب وتأهيل الشباب في مسعى لإحياء الحرفة التراثية.

الكويت - يسعى شبان كويتيون إلى إحياء حرفة السدو (حياكة الصوف) القديمة التي توشك على الاندثار بعد أن كانت جزءا أساسيا من حياة المجتمع البدوي في الكويت وشبه الجزيرة العربية بشكل عام.

وتضطلع جمعية السدو الحرفية بمهمة تدريب وتأهيل هؤلاء الشبان، وهي جمعية غير ربحية تأخذ على عاتقها "مهمة الحفاظ على التراث الغني والمتنوع للنسيج البدوي الكويتي من نسيج الصحراء البدوي إلى النسيج الحضاري للمدينة"، بحسب موقعها الإلكتروني.

وأدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) ملف السدو على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية في 2020.

ووقفت الشابة الكويتية فاطمة دشتي في بيت السدو التراثي القديم وهو مقر الجمعية الذي تم بناؤه قبل 88 عاما على شارع الخليج العربي بمدينة الكويت، لتشرح للزائرين المواد الطبيعية التي استخدمتها لإبداع مجموعة فنية من المنسوجات ذات الألوان الزاهية.

وقالت فاطمة الحاصلة على الماجستير في الهندسة المعمارية من جامعة ليفربول بالمملكة المتحدة، إن "السدو جزء مهم من التراث الكويتي ولم يكن عنصرا جماليا فقط"، إذ كان الكويتيون ينسجون منه بيت الشعر (الخيمة) التي تقيهم برد الشتاء وحرارة الصيف، كما كانوا يستخدمونه لحمل أمتعتم.

وأشارت إلى أنها تعرفت على جانب من التراث الكويتي في مجال السدو من برنامج "سدي" الذي التحقت به مؤخرا في بيت السدو، حيث التقت بنساء كبيرات في السن كن يعملن فعلا في هذه الحرفة، واستمعت إلى قصصهن عن أمهاتهن وجداتهن.

وأضافت دشتي أن القطعة التي أطلقت عليها تسمية "الصمود" تحكي قصة صمود الكويتيين الأوائل في حياة الصحراء القاسية، قائلة "من المهم أن تظل هذه الأشياء موجودة.. ومن المهم أن نحرص على تعلمها" حتى لا تندثر.

ويضم بيت السدو كل ما يتعلق بهذه الحرفة، من منسوجات وأنوال، وصوف، ومواد طبيعية تستخدم في التلوين والصبغ، ويضطلع بالعديد من الأنشطة التدريبية والتعليمية التي تعنى بإحياء السدو وتعليمه للشباب وحتى الأطفال في المدارس.

وقالت رئيسة مجلس إدارة جمعية السدو الشيخة بيبي دعيج جابر العلي الصباح لرويترز إن برنامج "سدي" الذي أطلقته الجمعية، مؤخرا، هدفه تشجيع الإبداع والتصميم في فن السدو، عبر تدريب الشباب لنحو ستة أشهر من خلال ورش العمل والمحاضرات والبحث والمقابلات.

وتابعت أن السدو كان حرفة ينتفع بها المجتمع "والآن هو تعبير عن الذات والهوية الوطنية"، ورسالة بيت السدو هي تدوين هذا التراث وصونه عن طريق البحوث والتدريب وورش العمل والمعارض والانطلاق للمستقبل "لتحويل الحرفة إلى فن وتعبير فني".

ويستقبل بيت السدو شهريا نحو 12 ألف زائر من مختلف الجنسيات، ويضم متحفا ومركزا ثقافيا يحكي حكاية النسيج من البادية للمدينة، ومساحة للتعليم والإبداع، ومساحة لتعليم الأطفال فنون التعبير عن طريق الأعمال اليدوية، وفق الشيخة بيبي دعيج جابر العلي الصباح.

وأقام بيت السدو معرضا لإبداعات هؤلاء الشبان المشاركين في البرنامج، بعنوان "سدي 2024: ماديات الصحراء"، وكلمة سدي تعني الخيوط الطولية لنسيج الثوب.

وجاء المعرض الذي افتتح، الأربعاء، بمشاركة عدد من سفراء الدول العربية والأجنبية ومسؤولي جمعية السدو، ضمن مهرجان القرين الثقافي لهذا العام.

وأفادت مها الشمري وهي مهندسة معمارية حاصلة على الماجستير من جامعة الكويت ومشاركة في المعرض بعمل فني عنوانه "الطريق المفقود لمدينة النسيج" أنها "انبهرت بتفاصيل حرفة السدو والمعاني التي تحملها ودور المرأة في البادية"، مضيفة أن المرأة "لم تكن فقط تنسج الخيمة وإنما تبنيها وتقيمها وتهتم بكل ما يتعلق بالسكن".

وأوضحت أن عملها الفني هو لوحة فنية تحكي قصة مثلث اسمه "عويرجان"، والعويرجان هو نقشة من نقشات فن السدو، يضيع من مدينة قديمة ثم يلتقي بنتا اسمها ظفرة، ويصلان معا لمدينة كاملة مكونة من الخيوط، ويجد كل منهما مكانه وذاته في هذه المدينة.

وقالت إن هذه هي المرة الأولى التي تتعامل فيها مع السدو، إذ التحقت بالمستوى الأول للبرنامج، معبرة عن أملها في اجتياز المستويات الخمسة الباقية، متابعة أن الشيء الذي جذبها لفن السدو هو أن المرأة كانت تتعامل مع السدو "كأنه مذكراتها، تحط فيه المعاني والمشاعر التي تريدها… السدو كأنه مؤرخ للأحداث… وفيه كثير من التعبير عن البيئة نفسها".