كيف يخدم ضعف حزب الله تركيا في وجه إيران؟

محللون يرون أن الانكفاء التركي غير المعتاد إزاء الهجمات الإسرائيلية على حزب الله يكشف عن رضا خفي لرؤية طهران وحلفائها يضعفون في المنطقة.

أنقرة - عارضت تركيا بشراسة العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة لكنها بقيت متحفظة جدا منذ بدء الهجمات الاسرائيلية في لبنان ضد حزب الله الشيعي، لا سيما بعد مقتل أمينه العام حسن نصرالله.

ورأى محللون أجرت وكالة فرانس برس مقابلات معهم أن هذا الانكفاء التركي غير المعتاد يكشف بالإضافة إلى الحذر، عن رضا خفي لرؤية طهران وحلفائها يضعفون في المنطقة.

واعتبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن "الإرهاب والإبادة الجماعية" اللذين نفذتهما إسرائيل في غزة وصلا إلى لبنان، من دون أن يتطرق إلى خسائر حزب الله.

وحده وزير الخارجية التركي هاكان فيدان الذي أعلن أنه اجتمع بنصرالله بعيد بداية الحرب في غزة، اعتبر أنه كان "شخصية رئيسية في المنطقة، وبالنسبة إلى لبنان، وسيكون من الصعب ملء الفراغ الناجم عن غيابه".

ولا تنسى تركيا ذات الغالبية السنية الدور الذي لعبه حزب الله اللبناني الشيعي وإيران لإنقاذ نظام الرئيس السوري بشار الأسد، ولا الفوضى التي تكبدتها عند حدودها جراء الحرب في هذا البلد إذ أدت إلى تدفق ملايين اللاجئين إلى أراضيها ولهذا السبب بالذات يحاول أردوغان إعادة التواصل مع الأسد.

وأشار أوزغور أونلوهيسارسيكلي، من صندوق مارشال الألماني، إلى أن "تركيا وحزب الله ليسا على الخط نفسه على المستوى الإقليمي، خصوصا في سوريا حيث دعم الأخير النظام وتواطأ في جرائم الحرب التي ارتكبها الأسد".

وأضاف "حتى لو انقسمت الآراء في تركيا، فمن الواضح أن خسائر حزب الله أقل إثارة للقلق من خسائر حماس"، لأن الغالبية العظمى من الفلسطينيين هم من المسلمين السنة مثل أردوغان.

ورأت غونول تول، مسؤولة الشؤون التركية في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، أن "أقلية فقط من الإسلاميين" في تركيا تأسف على إضعاف محور المقاومة لإسرائيل الذي يضم إيران وحزب الله والفصائل الشيعية في العراق، والحوثيون في اليمن، حتى لو كانت غالبية الأتراك مؤيدة للفلسطينيين علنا.

 "قطع رأس حزب الله يؤدي إلى تقليص نفوذ المنافس الرئيسي لتركيا في المنطقة".

واعتبرت أن "ضعف إيران وحلفائها الشيعة على مدى طويل من شأنه أن يعزز هيمنة تركيا في ساحتين على الأقل، هما العراق وسوريا".

وأكدت تول أن "تركيا برزت كلاعب سني في المنطقة منذ الحرب في سوريا" مع سكانها البالغ عددهم 85 مليون نسمة، في مواجهة إيران الشيعية، حتى لو كان أردوغان يفضل تقديم نفسه على أنه "زعيم العالم الإسلامي".

وقالت أسلي أيدينتاسباش، المتخصصة في الشؤون التركية في معهد "بروكينغز" إن "قطع رأس حزب الله يؤدي إلى تقليص نفوذ المنافس الرئيسي لتركيا في المنطقة وهي لن تأسف لذلك".

واستدركت "لكن تبدو أنقرة حذرة في تصرفاتها وتعليقاتها. فالعلاقات مع إيران ما زالت حساسة، ومن الواضح أن تركيا قلقة من تصعيد إقليمي وحرب شاملة بين طهران وإسرائيل، وستبذل قصارى جهدها للابتعاد عنها".

ورأى سنان سيدي، الباحث المشارك في مؤسسة الديموقراطية في واشنطن أن "أردوغان يسعى بدلا من ذلك إلى القيام بدور تنسيقي أوسع بعد الصراع في غزة، على صعيد تركيا ومصر، وهما دولتان سنيتان، مثل اتفاقات أمنية واتفاقات لإعادة الإعمار" في الأراضي الفلسطينية.

واعتبر أنه من هنا جاءت الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى أنقرة في مطلع سبتمبر/أيلول الذي وصفه الرئيس التركي قبل خمس سنوات بأنه "طاغية" و"قاتل".

وكررت تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي إدانة العمليات الإسرائيلية في غزة التي شنتها اسرائيل ردا على هجوم نفذته حماس في جنوب الدولة العبرية في 7 أكتوبر/تشرين الأول.

وعلقت تركيا التجارة مع إسرائيل وانضمت إلى قضية "الإبادة الجماعية" التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية.