لإرهاب.. حرب جهنمية وحكومة خفية!

أجهزة خاصة تديرلعبة الإرهاب

لا شىء جديد فى الأفق، فالشمس تشرق فى الصباح والقمر يهل مع المساء، والأرض تدور حول نفسها وفق مواقيت محددة، لا جديد إذن تحت الشمس، فالإرهاب الإجرامى كان منذ سنين عديدة، ولايزال، وسوف يستمر موجودا طالما بقى فى الحياة بشر ضعاف العقول بلا إرادة، وطالما بقيت دول امبريالية ـ أعلى مراحل الاستعمار ـ هدفها السيطرة على الأوطان واستنزاف خيراتها وامتصاص دماء شعوبها!

أما الحكومة الخفية فهى أيضا كانت، ونشط دورها عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية. وهى مكونة على مستوى الدولة من قيادات الأجهزة الأمنية خاصة إدارة الخدمة السرية فى المخابرات وما يسمى بأقسام العمليات القذرة، كما تتكون الحكومة الخفية على مستوى آخر من ممثلى الأجهزة فى الدول المتحالفة وعادة ما تكون إحدى الدول هى الأكبر والتى تتولى القيادة مثلما حدث فى العالم الغربى حيث تولت المهمة الولايات المتحدة الأمريكية فى اطار ما كان يسمى الحرب الباردة، وتولت الحكومة الخفية على مستويات مختلفة إدارة سياسات وتنفيذها سرا، وقد ظهرت فى الستينيات وما بعدها كتب عديدة تتحدث عن هذا وتفضح أحداثا تهتك أسرارها وذكرت أسماء قيادات المخابرات المركزية الأمريكية، وقد كان دور الحكومة الخفية ـ ولايزال ـ مهما فى سياسات الدول، وفى تنفيذ مهام متنوعة بينها: القتل ـ إشعال الحرائق ـ تدبير انقلابات ـ استخدام المال والنساء فى الرشاوى وتجنيد العملاء.

نحن إذن نعرف ـ وينبغى أن نعرف ـ أننا نواجه حربا جهنمية شرسة تديرها حكومة خفية ماكرة لديها كل الامكانات، وأكثر من هذا تسيطر على دول فتحركها كما تشاء أو تأخذ منها ما تريد وأعنى بذلك تركيا وقطر كمثال فضلا عن تلاقى أهدافها مع أهداف دول مثل إيران وإسرائيل فتتعاون معها بأسلوب مباشر أو غير مباشر لتحقيق أغراض معينة، والمشكلة أننا نحن العرب الذين يمكن أن يشكلوا قوة مهابة إن اتحدت كلمتهم نكتفى عادة بموقف رد الفعل وبدلا من مكافحة الإرهاب بطريقتنا فإننا ننزلق فى ملعب تجرنا إليه الحكومة الخفية فنخسر أكثر مما نربح! وعلى سبيل التحديد فلقد استمر الخطاب العربى منذ تصاعد موجات الإرهاب فى أواخر السبعينيات من القرن الماضي، يصف هذه الجماعات بأنها دينية، أو ـ ينقل عن الغرب والآلة الاعلامية للحكومة الخفية ـ أنها جماعات دينية اسلامية، وعندما تنبهنا إلى هذا فى بداية الثمانينيات وقلنا ـ والأرشيف على النت شاهد وموثق ـ انها جماعات إرهابية لا علاقة لها بالدين لم يتحمس البعض (!!) الهدف هو إبعادنا عن البحث عن الحقيقة أى عن: من الذى يقود الإرهاب ويموله بكل هذه الامكانيات؟ وكما يعلم القارئ فإن باريس شهدت مؤتمرا شاركت فيه وفود من سبعين دولة بينها مصر إلى جانب عشرين منظمة دولية بهدف مكافحة تمويل الإرهاب وبعد جلسات استغرقت يومى 25، 26 ابريل صدر البيان بعدد من الاجراءات الفنية وهى استكمالا لإجراءات بدأت عام 2002 بعد حادث ضرب البرجين فى نيويورك، ولم يشر المؤتمر إلى المصادر الرئيسية للتمويل. واتصالا بهذا قال لى دبلوماسى غربى أن معظم السيارات الحديثة ـ الدفع الرباعى التى ضبطتها أو دمرتها القوات المسلحة والشرطة المصرية، هى صناعة يابانية تتعاقد عليها شركة أمريكية ـ وتحصل على المال من قطر وتركيا وغيرها ـ

والخلاصة: اننا نواجه وحشا ضخما كريها، متعدد الأدمغة الماكرة، والأيدى الطويلة، الغادرة، وأنه يتحتم علينا مواجهته بذكاء ووعي، وبما فيه مصلحتنا ـ نحن العرب ـ ويجب أن نتحسب لحركته ومن وراءه، وأن ندرس الظاهرة الإرهابية ـ مع الاستعانة بدراساتنا وتجاربنا السابقة، وبوضع استراتيجية، لكيفية المكافحة على محاور متعددة، وأن نتذكر دائما أن خير وسيلة للدفاع هى الهجوم.

محمود مراد

كاتب مصري