لاعبات ليبيات يقفزن على القيود الاجتماعية

'المعركة خارج الملعب هي الأهم'

طرابلس - في ليبيا، ينبغي على لاعبات الفريق الوطني لكرة القدم أن يكتسبن القدرة على اختراق دفاعات الفريق الخصم وصدّ هجماته، وأيضا أن يواجهن الأحكام المسبقة وقيود مجتمع قد لا ينظر بعين الرضا إلى شابات يخطفن الأنظار في الملاعب وعلى الشاشات.

إذا كانت تحدّيات الملعب تزيد اللاعبات تصميما على تحقيق موقع متقدّم لفريقهن، إلا أن تعليقات غاضبة مثل \"مكانك في المنزل\" أو \"ليس لديك رجل يربّيكِ\" من شأنها أن تبعث على الإحباط.

وتقول سعيدة سعد اللاعبة في الفريق الوطني الليبي للنساء إنها تواجه هذا النوع من التعليقات في كلّ مرّة تذهب فيها إلى التدريب أو تعود منه.

ومع أنها ترتدي، مثل زميلاتها، سروالا طويلا يغطي ساقيها، إلا أن ذلك لا يبدو كافيا لوقف هذه التعليقات المؤذية.

غير أن ذلك لا يثنيها عن تحقيق ما تصبو إليه، وتقول هذه المهاجمة ابنة مدينة بنغازي في الشرق \"نصبر على ذلك حبّا بالرياضة، نحاول أن نجعل العقليات تتقدّم في المجتمع\" الليبي.

في المواجهة بين اللاعبات الليبيات ونظيراتهن من إثيوبيا، تعرّض المنتخب النسائي الليبي لهزيمة قاسية، ثمانية أهداف مقابل لا شيء في مباراة الذهاب، وسبعة مقابل لا شيء في الإياب.

لكن رغم ذلك، تشعر الكثير من النساء الليبيات بأن منتخبهنّ النسائي حقّق فوزا بمجرّد تحدّي لاعباته للقيود الاجتماعية.

وتقول زهرة لانغي الناشطة في مجال حقوق الإنسان \"بصرف النظر عن النتيجة، شعرنا بالفخر لأن اللاعبات أظهرن ثباتا مذهلا في مقاومة الثقافة الذكورية والتطرّف العنيف\".

مهمة شاقّة

لم تكن النتيجة النهائية مفاجئة للمدرّب حسن فرجاني، ففي هذه المراحل الأولى من عمر الفريق كان الهدف أن تتمكن اللاعبات على الأقل من خوض المباراة إلى آخرها، فهي المرة الأولى التي يلعبن فيها في ملعب كبير، كما يقول.

وحشد المدرّب اللاعبات المتوفرات لهذه المباريات، ولم يكن متوفرا سوى عشر منهنّ، ثم انضمّت إليهن أخريات أتين من الولايات المتحدة وشاركن مع الفريق في المواجهة الأولى في القاهرة.

ويجري اختيار اللاعبات للمنتخب الوطني من خلال الاطلاع على المباريات المقامة في المدارس، ثم يكون على المسؤولين بعد ذلك مهمة شاقة تتمثّل في إقناع أولياء أمور اللاعبات المختارات بالموافقة على انضمامهن إلى الفريق الوطني.

وتختلف ردود فعل العائلات على هذه الاقتراحات، بين من يمنعون بناتهن من اللعب تماما، ومن يوافقون بشروط منها مرافقتهن في كل تحركاتهن، وهو أمر ليس سهلا نظرا للإمكانات المالية المحدودة.

لكن المدرّب لا يبدو مستعدا للاستسلام، ويقول \"ما يدفعني للاستمرار هو إرادة اللاعبات والتصميم على تحسين مستواهن\".

وإذا كانت المواجهة في ميدان اللعب قاسية على اللاعبات، إلا أن \"المعركة خارج الملعب هي الأهم\".

تغيير العقليات

تقول اللاعبة رشا نوري البالغة من العمر 25 عاما \"هناك الكثير من الفتيات الموهوبات، لكنهن محرومات من اللعب بسبب المحظورات الاجتماعية\".

وقد واجهت هي نفسها \"الكثير من المتاعب\" لكنها صمّمت على تجاوزها، وساعدها في ذلك أن والديها شجّعاها على الانضمام للمنتخب بعدما لفت أداؤها في مباراة مدرسية أنظار المدرّبين.

ولا يقتصر حلم رشا على ممارسة لعبة كرة القدم، بل تأمل في أن تصبح مدرّبة لفرق الفتيات دون السابعة عشرة، وقبل كلّ ذلك \"تغيير العقليات من خلال مواقع التواصل والإعلام\".

تعرب سعاد الشيباني، المسؤولة عن فرق الإناث في الاتحاد الليبي لكرة القدم، عن تفاؤلها إزاء مستقبل هذه الرياضة في بلدها،آملة أن تتذلّل المتاعب الاجتماعية \"مع جيل جديد أكثر انفتاحا وحماسة\".