لافروف يستطلع في تركيا آفاق المفاوضات مع أوكرانيا

أنقرة تستثمر الحرب الأوكرانية الروسية لتحقيق مكاسب سياسية ودبلوماسية وبشكل خاص اقتصادية مع حاجة موسكو للالتفاف على العقوبات الغربية.

إسطنبول – يبحث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في تركيا الجمعة، مفاوضات السلام الروسية الأوكرانية وإيجاد سبل لضمان سلامة الملاحة في البحر الأسود، حيث دفعت الحرب المستمرة في أوكرانيا تركيا وروسيا إلى التقارب، بينما تحاول أنقرة أن تستثمر في هذا الوضع للخروج بأكبر قدر من المكاسب سياسياً ودبلوماسياً، وخصوصا اقتصادياً لاسيما أنها أصبحت منفذاً رئيسياً لبعض رؤوس الأموال الروسية التي لا يمكن استثمارها في أي مكان آخر بسبب العقوبات.

وسيحضر لافروف جزءا من المنتدى الدبلوماسي السنوي في أنطاليا المطلة على البحر الأبيض المتوسط حيث سيجتمع مع الرئيس رجب طيب إردوغان ووزير الخارجية هاكان فيدان. وستكون الحرب الروسية الأوكرانية موضوع نقاش رئيسي في المنتدى الذي يتواصل من الجمعة حتى الأحد، رغم أن وزير الخارجية الروسي سيغادر مجددا السبت.

ومنذ الغزو الروسي لأوكرانيا في شباط/فبراير 2022، حافظت أنقرة على علاقات وثيقة مع الطرفين. وتسعى أن تأخذ مواقعاً ودوراً لها في القضايا الاستراتيجية والعلاقات الدولية والأمنية، والدخول إلى سوريا، إلى جانب المعترك السياسي والاقتصادي الداخلي في تركيا، وطبعاً أن تكون دولة محورية ومفصلية في المنطقة، وفي الإقليم، وعلى المستوى العالمي.

أنقرة تسعى أن تأخذ موقعاً ودوراً لها في القضايا الاستراتيجية والعلاقات الدولية والأمنية والدخول إلى سوريا، إلى جانب المعترك السياسي والاقتصادي الداخلي.

وقال مدير مركز “إيدام” للأبحاث في اسطنبول سنان أولغن “تبقى تركيا إلى جانب المجر من بين آخر دول حلف شمال الأطلسي (ناتو) التي تقيم حوارا مع موسكو”. وأضاف أنه “في سياق جيوسياسي غيّرته الحرب، تحرص تركيا على المحافظة على هذا الدور للمستقبل على أمل الاستفادة منه خلال محادثات سلام محتملة”.

وأفاد إردوغان الأربعاء بأن تركيا تسعى لإعادة إحياء جهود السلام المبذولة عام 2022 عندما اجتمع كبار المفاوضين من البلدين في اسطنبول. وقال الرئيس التركي في تسجيل مصوّر تم بثه خلال قمة لقادة دول جنوب شرق أوروبا في تيرانا هذا الأسبوع بحضور الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي “نحن على استعداد لإعادة تأسيس طاولة المفاوضات من أجل بناء السلام كما فعلنا في اسطنبول سابقا”.

ودعا الرئيس التركي أيضا إلى آلية جديدة لتأمين حركة الملاحة في البحر الأسود. وقال “نحتاج إلى ترتيب يضمن الملاحة الآمنة للسفن التجارية في البحر الأسود”. وأضاف “لهذا الغرض نواصل اتصالاتنا للحصول على التزامات فيما يتعلق بالأمن”، من دون إضافة تفاصيل.

وشاركت تركيا مع الأمم المتحدة في إقامة ممر آمن لنقل الحبوب الأوكرانية والمنتجات الزراعية بموجب اتفاق عام 2022 تم التخلي عنه العام الماضي بعدما رفضت روسيا تجديده. وأتاح الاتفاق الذي أطلق عليه “مبادرة البحر الأسود للحبوب” تصدير حوالي 33 مليون طن من الحبوب الأوكرانية، وفق بيانات الأمم المتحدة.

وبعد رفض روسيا، بدأت أوكرانيا استخدام طريق بديل لحبوبها بمحاذاة سواحل بلغاريا ورومانيا وعبر مضيق البوسفور. ووقّعت بلغاريا ورومانيا وتركيا (جميعها دول أعضاء في الناتو) اتفاقا في كانون الثاني/يناير لمكافحة الألغام في البحر الأسود.

وتجنّبت تركيا التي تعتمد بشكل كبير على روسيا في إمدادات الطاقة الانضمام إلى العقوبات المفروضة على موسكو فيما يتمهما الغرب باستمرار بالالتفاف عليها. وأُدرج 16 كيانا تركيا في قائمة عقوبات أميركية جديدة أعلن عنها الأسبوع الماضي.

وقال الباحث الرفيع لدى مركز “كارنيغي أوروبا” مارك بييريني “نظرا للزيادة الكبيرة في التجارة بين تركيا وروسيا.. هناك في الواقع تحقيقات بشأن الالتفاف على العقوبات الغربية المفروضة على روسيا”.

وأشار بييريني أيضا إلى الاستثمار الروسي في قطاع الطاقة التركي بما في ذلك في محطة للطاقة النووية، وحسومات على أسعار الغاز الروسي، إضافة إلى القيام بدفعات بالروبل والترويج لمركز للغاز.

وأعلنت شركة “روساتوم” النووية الروسية العملاقة عن محطة ثانية للطاقة في تركيا مبدية اهتمامها بإقامة ثالثة. وأفاد أولغن بأن “تركيا تحاول اتباع سياسة رشيدة عبر الإبقاء على علاقاتها التجارية مع روسيا مع ضمان عدم تجاوز خط أحمر يمكن أن يجعلها عرضة لردود فعل انتقامية من الغرب”.

ويجمع منتدى أنطاليا، التجمع الدبلوماسي السنوي الأكبر في تركيا، رؤساء دول وحكومات ووزراء ودبلوماسيين ورجال أعمال وباحثين كل عام في المنتجع الذي يلقى كذلك إقبالا من السياح الروس.

وتوجّه لافروف إلى المنتدى عام 2022، بعد أسبوعين على بدء الغزو الروسي لأوكرانيا. واجتمع مع وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا في أول لقاء عالي المستوى بين البلدين المتحاربين.