لا حل لمشكلات المنطقة من غير رحيل النظام الإيراني

محاولة شراء الوقت بالحديث عن الاتفاق النووي لن تنقذ إيران. الجميع صار يعرف مع أي ماكر يتعامل العالم.

قد تكون تلك نهاية سعيدة لنظام استمر في العيش ضد إرادة شعبه وضد مسلمات العصر الحديث حوالي أربعين سنة.

لقد استطاع ذلك النظام من الاستمرار في البقاء لا بقوته الذاتية بل بضعف المحيط الجيوسياسي الذي وجد فيه ذلك النظام مجاله لإشباع رغبته في الانتشار. وهي رغبة تشكل واحدا من أهم الأعمدة التي قام عليها.

لم يكن تصدير الثورة هدفا مرجئا بالنسبة للخميني وأتباعه. بل أن الجمهورية الإسلامية في إيران ما كان لها أن تستمر من غير ذلك الهدف.

كان التوسع العدواني جزءا من المخطط الذي يحفظ لولاية الفقيه استمرارها. علاقة غريبة بين البقاء على قيد الحياة والعدوانية اخترعها الملالي من أجل أن يضعوا الشعوب الإيرانية تحت مطرقة تهديد دائم.

لم تمد إيران يدها بالسلام إلى جيرانها العرب.

لم تنشأ علاقات اقتصادية وتجارية ومالية طبيعية بينها وبين الدول العربية.

لم يقم أي نوع من التعاون بين الطرفين في المجالات الثقافية والعلمية والتربوية والسياحية.

الادهى من ذلك أن نظام ولاية الفقيه فضل أن يدعم ويمول جماعات متمردة، خارجة على القانون على أن ينفتح سياسيا على الأنظمة السياسية في المنطقة.     

لقد صارت إيران في ظل نظامها الكهنوتي تبحث عن دور لها في المنطقة يعكس سياستها التي تقوم على التدخل في الشؤون الداخلية للدول، كما لو أن تلك الشؤون جزء من مسؤوليتها انطلاقا من مبدأ الوصاية الذي توهم نظامها بأنه مكلف به من قبل السماء.

وكما هو معروف فقد ذهبت كل محاولات دول المنطقة من أجل اقناع النظام الإيراني بالتراجع عن مواقفه الشاذة أدراج الرياح لتحل محلها قناعة صارت تترسخ مع الموقت مفادها أن لغة الصبر والانتظار والتغاضي لن يكون استمرارها نافعا وأن وضع إيران في مكانها الحقيقي دولة عدوة هو الحكم الصائب الذي من شأنه أن يُعيد الأمور إلى نصابها.

فبعد أن تمددت إيران على حساب جيرانها العرب مستغلة الظروف الشاذة التي تمر بها المنطقة صار من المستحيل اليوم حل معظم المشكلات من غير قصقصة أجنحة النظام الإيراني واعادته إلى حجمه الحقيقي.

من المؤكد أن قطع أذرع ذلك النظام ضروري من أجل إعادة روح الامن والاستقرار إلى دول عربية عديدة عانت لسنوات طويلة من الهيمنة الإيرانية من خلال تلك الأذرع غير أن تلك العملية لا تكفي لاستئصال الورم الإيراني الذي هو أساس ذلك الداء.

وإذا ما كانت إيران وهي تهيء نفسها لمواجهة أوقات عصيبة بسبب ما تتوقعه من تداعيات للعقوبات الاقتصادية التي فرضت عليها بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مستعدة لتقديم تنازلات عديدة على مستوى تدخلاتها في المنطقة، كأن تضحي بواحدة من ميليشياتها على مذبح نجاتها.  

غير ان سلوكا ماكرا من ذلك النوع سيكون متأخرا ولن ينفع إيران في شيء في ظل قناعة الدول العربية المتضررة من أن القبول بالتنازلات الإيرانية لن يؤسس قاعدة لحوار إيجابي يكون النظام الإيراني طرفا فيه.

ما يمكن أن يقدمه النظام الإيراني من تنازلات جزئية هو في محاولته محاولة لخداع المجتمع الدولي ولا يشير على الاطلاق إلى تبدل سياسة ذلك النظام في المنطقة. إنه فعل المضطر الذي يسعى إلى إطفاء النار في جزء من البيت في محاولة منه لإبعاد الأنظار عن النار التي تلتهم البيت كله.

يتوهم الإيرانيون أن في إمكانهم أن يخترعوا وقتا مضافا بالرغم من ادراكهم أن الوقت قد نفد ولم يعد يعمل لصالحهم.

تركز الدعاية الإيرانية على المسألة النووية وتهمل الشروط الأميركية الأخرى التي تركز على مسألة انهاء تدخلاتهم غير المشروعة في شؤون الدول العربية.

في ذلك لن يقنع الإيرانيون أحدا.

هناك يقظة سياسية عربية جديدة هي بمستوى التحدي العدواني الإيراني. يقف وراء تلك اليقظة عزم حديدي على انهاء كل أثر لإيران على الأرض العربية حتى لو تطلب الأمر القيام بزلزلة إيران من داخلها لكي تتخلص من ذلك النظام الكريه.