لبنان يدرس اتفاق ترسيم حدوده البحرية مع إسرائيل

قالت السفارة الأمريكية في بيروت في تغريدة على تويتر إن السفيرة دوروثي شيا التقت بالرئيس ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الوزراء نجيب ميقاتي لتقديم الاقتراح الأمريكي بشأن اتفاق نهائي لترسيم الحدود البحرية.

بيروت - قال رئيس مجلس النواب اللبناني إن مسودة اتفاق توسطت فيه الولايات المتحدة لترسيم الحدود البحرية المتنازع عليها مع إسرائيل "إيجابية" لكن يجب دراستها قبل إعطاء الرد النهائي عليها، وذلك بحسب تصريحات نشرها مكتبه.

وفي وقت سابق اليوم، قالت الرئاسة اللبنانية إن بيروت تلقت رسالة من الوسيط الأمريكي آموس هوكشتاين بشأن مقترحات لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، وهما خصمان يجمعهما تاريخ طويل من الصراع.

ويتنقل هوكشتاين جيئة وذهابا بين لبنان وإسرائيل في محاولة لإبرام اتفاق من شأنه أن يمهد الطريق للتنقيب عن موارد الطاقة قبالة سواحل البلدين ونزع فتيل مصدر محتمل للصراع بين إسرائيل وجماعة حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران.

وقالت السفارة الأمريكية في بيروت في تغريدة على تويتر إن السفيرة دوروثي شيا التقت بالرئيس ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الوزراء نجيب ميقاتي لتقديم الاقتراح الأمريكي بشأن اتفاق نهائي لترسيم الحدود البحرية.

وقال بري، وهو حليف لحزب الله وأحد أبرز السياسيين في لبنان، لصحيفة الشرق الأوسط إن مسودة الاتفاق النهائي "إيجابية"، بحسب بيان وزعه مكتبه.

واعتبر بري أن المسودة "تلبي مبدئيا المطالب اللبنانية" التي ترفض أن يكون لاتفاق الحدود البحرية أي تأثير على الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل.

وأشار بري إلى أن الاتفاق مؤلف من عشر صفحات وباللغة الإنجليزية "ويستلزم درسا قبل إعطاء الرد النهائي عليه".

وفي الجهة الأخرى، أعطى رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد موافقة أولية اليوم الأحد على مسودة اتفاق توسطت فيه الولايات المتحدة لترسيم الحدود البحرية مع لبنان، وقال أمام الحكومة إن المسودة ستصون مصالح إسرائيل الأمنية والتجارية بشكل كامل.

كما أعرب لابيد عن انفتاحه على فكرة إنتاج لبنان للغاز الطبيعي من حقل متنازع عليه في البحر المتوسط إذا حصلت إسرائيل على رسوم منه.

وقال لابيد إن الموافقة الإسرائيلية على المشروع ستنتظر الاستشارات القانونية. وينظر لبنان أيضا في مسودة الاتفاق. 

وقال الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله في كلمة تلفزيونية السبت إن استلام لبنان عرضا مكتوبا من الوسيط الأمريكي بشأن ترسيم الحدود خطوة مهمة جدا، مضيفا أن الأيام القادمة ستكون حاسمة في هذا الشأن.

وكان زعيم الجماعة التي خاضت حربا كبيرة مع إسرائيل في 2006 قد حذر من أي عمليات استكشاف واستخراج إسرائيلية في المياه المتنازع عليها.

وقال نصرالله، في كلمة له في بلدة شقرا جنوب لبنان بعد ظهر السبت، عن موضوع الحدود البحرية وحقول النفط والغاز "مسؤولو الدولة هم الذين يتخذون القرار لمصلحة لبنان ونحن أمام أيام حاسمة في هذا الملف وسيتضح خلال الأيام المقبلة ما هو الموقف الذي سيتخذه المسؤولون في الدولة حول هذا الملف ونأمل أن تكون الخواتيم طيبة".

واعتبر أنه "إذا وصل ملف ترسيم الحدود البحرية إلى النتيجة الطيبة فسيكون نتاج الوحدة والتضامن الوطني".

وتابع نصرالله "إذا وفّق الله لنتيجة جيدة وطيبة فذلك سيفتح أفاقا كبيرة وواعدة للشعب اللبناني، فنحن لدينا كنز ولا يمكن انتظار مساعدات من الخارج في ظل معاناة كثير من الدول من أوضاع صعبة ومنها الدول الأوروبية".

وعن ملف انتخاب رئيس جديد للجمهورية قال نصرالله " أكّدت جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الماضية أنه لا يوجد فريق واحد يمتلك الأغلبية في البرلمان".

ورأى أن "جلسة البرلمان الأخيرة أثبتت أن من يريد انتخاب رئيس الجمهورية يجب أن يبتعد عن منطق التحدي لصالح التشاور. وعلى القوى السياسية أن تتشاور وتفعّل اتصالاتها في المرحلة المقبلة عسى الاتفاق على خيار يحظى بأكثرية في المجلس النيابي".

وتسلّم لبنان الاثنين عرضاً مكتوباً من الوسيط الأميركي آموس هوكستين حول ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، وفق ما أعلنت رئاستا الجمهورية والحكومة، في خطوة تعقب تأكيد مسؤولين لبنانيين مؤخراً أن المفاوضات باتت في مراحلها الأخيرة.

واتصل عون، وفق الرئاسة، برئيس البرلمان نبيه بري ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي "وتشاور معهما في عرض الوسيط الأميركي وفي كيفية المتابعة لإعطاء رد لبناني في أسرع وقت ممكن".

ورداً على سؤال حول مضمون الرسالة، اكتفى مصدر في الرئاسة بالقول لوكالة فرانس برس "تتضمن عرضاً مع اقتراحات" من دون أن يفصح عن ماهيتها.

وقال إن "الردّ اللبناني سيتمّ في أسرع وقت ممكن تمهيداً للانتقال الى الخطوة المقبلة".

وفي وقت لاحق، أعلنت رئاسة الحكومة أن ميقاتي استقبل شيا التي سلمته "العرض الخطي" من هوكستين بشأن ترسيم الحدود.

وهذه المرة الأولى التي يُعلن فيها لبنان تسلّمه رسالة خطية من الولايات المتحدة التي تتولى منذ عامين وساطة بين البلدين المتنازعين بهدف التوصل الى اتفاق لترسيم الحدود البحرية بينهما.

وتسارعت منذ بداية حزيران/يونيو التطورات المرتبطة بالملف بعد توقف لأشهر، إثر وصول سفينة إنتاج وتخزين على مقربة من حقل كاريش تمهيداً لبدء استخراج الغاز منه. وتعتبر بيروت أنه يقع في منطقة متنازع عليها، بينما تقول إسرائيل إنه ضمن منطقتها الاقتصادية الخالصة.

زار هوكستين بيروت مراراً خلال الأشهر القليلة الماضية. وقال في ختام زيارته لها الشهر الماضي "أشعر فعلاً بأننا أحرزنا تقدما في الأسابيع الأخيرة"، لافتاً في الوقت ذاته الى أنّ "الأمر يتطلب مزيداً من العمل".

وكان مسؤولون عديدون، بينهم عون وميقاتي، أعلنوا في الأسابيع القليلة الماضية إحراز تقدّم ملموس بشأن ترسيم الحدود.

وأبلغ عون في 19 أيلول/سبتمبر المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جوانا فرونيسكا إن "المفاوضات لترسيم الحدود البحرية الجنوبية باتت في مراحلها الأخيرة".

انطلقت المفاوضات بين لبنان وإسرائيل العام 2020، ثم توقفت في أيار/مايو 2021 جراء خلافات حول مساحة المنطقة المتنازع عليها.

وكان من المفترض أن تقتصر المحادثات لدى انطلاقها على مساحة بحرية تقدّر بنحو 860 كيلومتراً مربعة تُعرف حدودها بالخط 23، بناء على خريطة أرسلها لبنان عام 2011 إلى الأمم المتحدة. لكن لبنان اعتبر لاحقاً أن الخريطة استندت الى تقديرات خاطئة، وطالب بالبحث في مساحة 1430 كيلومتراً مربعة إضافية تشمل أجزاء من حقل "كاريش" وتُعرف بالخط 29.

وبعد وصول منصة استخراج الغاز قبالة السواحل الإسرائيلية، دعا لبنان هوكستين لاستئناف المفاوضات، وقدم عرضاً جديداً لترسيم الحدود لا يتطرق الى كاريش، بل يشمل ما يُعرف بحقل قانا.

ويقع حقل قانا في منطقة يتقاطع فيها الخط 23 مع الخط واحد، وهو الخط الذي أودعته إسرائيل الأمم المتحدة، ويمتد أبعد من الخط 23.

ومن شأن التوصل الى اتفاق لترسيم الحدود البحرية أن يسهّل عملية استكشاف الموارد النفطية ضمن مياه لبنان الإقليمية. وتعوّل السلطات على وجود احتياطات نفطية من شأنها أن تساعد البلاد على تخطي التداعيات الكارثية للانهيار الاقتصادي المتمادي منذ نحو ثلاثة أعوام.