لبنان يرفض اعتبار التعاون القضائي الدولي استنقاصا من سيادته

وزير العدل يدافع عن الاستعانة بقضاة أجانب في التحقيقات المتعلقة اما بملفات الفساد المالي أو في ملف انفجار مرفأ بيروت ردا على أصوات يقودها حزب الله تعتبر هذا التعاون لكشف الحقائق تفريطا في السيادة.
وزير العدل يؤكد ان أن التعاون تم وفقاً للقواعد القانونية النافذة في لبنان
لبنان يؤكد انه سيتخذ قرارات في حال حاد القضاة الاجانب عن القواعد القانونية
قوى سياسية سعت للضغط على القضاء اللبناني للتغطية على العديد من الملفات

بيروت - نفى وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية هنري خوري، اليوم الأربعاء، أن يكون التعاون القضائي الدولي في عدد من الملفات تعدياً على السيادة القضائية اللبنانية وذلك في إشارة إلى مشاركة قضاة أجانب في التحقيقات المتعلقة اما بملفات الفساد المالي أو في ملف انفجار مرفأ بيروت وردا على أصوات يقودها حزب الله تعتبر هذا التعاون لكشف الحقائق تفريطا في السيادة.
وشدد الوزير اللبناني في مؤتمر صحفي اليوم الأربعاء أن التعاون تم وفقاً للقواعد القانونية النافذة في لبنان موضحا "ان لبنان تلقى طلبات تعاون قضائية من ألمانيا ولوكسمبورغ وفرنسا وسويسرا باشتباه وجود جرائم مالية وقد أجاب على بعضها وسلّم كل من فرنسا والمانيا وسويسرا العديد من الأدلة المطلوبة ومحاضر الاستجواب وإفادات الشهود التي تمت خلال التحقيقات الأولية أمام النيابة العامة التمييزية لحين اختتامها في حزيران 2022".
وكانت مصادر إعلامية لبنانية أفادت أن الوفود الأوروبية المكلفة بالتحقيق في قضايا غسيل أموال وفساد مالي تشمل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وشقيقه رجاء وآخرين، أرجأت التحقيقات إلى الأسبوع المقبل فيما يطالب سلامة بضمانات كي لا يتم اعتقاله خلال استجوابه من مدّعين أجانب.
وشدد وزير العدل على ان "الوزارة أحالت طلبات المساعدة القضائية إلى النيابة العامة التمييزية التي يعود لها تحديد الجهة القضائية الصالحة لتنفيذه وفقاً للقواعد القانونية النافذة في لبنان، وهي حتماً لا تتضمن الترخيص بتنفيذ أي إجراء قضائي أجنبي من قبل قضاة أجانب على الارض اللبنانية".
واكد ان "كل تعاون قضائي دولي يتم وفقاً لهذه القواعد التي أشرت إليها لا يمكن أن يشكل تعدياً على السيادة القضائية اللبنانية وكل خروج عن هذه القواعد في حال حصوله سيواجه بالتأكيد بالرفض من قبل المراجع القضائية المختصة وحتماً من قبل وزارة العدل ضمن صلاحياتها الادارية والدستورية".
وأضاف" أما مسألة حضور قضاة ومحققين أجانب لإجراءات تنفيذ طلبات المساعدة القضائية من قبل القضاء اللبناني فمتروك تقديره للقاضي اللبناني وفقاً لقانون أصول المحاكمات الجزائية اللبنانية".
وكانت السلطات السويسرية أول من فتح في عام 2021 تحقيق فساد ضد  سلامة الذي شغل منصب حاكم المصرف المركزي على مدى العقود الثلاثة الماضية.
وبحسب وثائق صادرة عن محكمة سويسرية ، فإن السلطات السويسرية تشتبه في أن سلامة وشقيقه رجا استوليا بشكل غير قانوني على أكثر من 300 مليون دولار من المصرف المركزي اللبناني بين عامي 2002 و2015، وأنهما متورطان في غسل بعض هذه الأموال في سويسرا.
ونفى سلامة (72 عاما) في نوفمبر/تشرين الثاني العام الماضي ارتكاب أي مخالفات قائلا إنه لم يتم تحويل أي أموال من المصرف المركزي أو أموال لبنانية عامة خارج البلاد.
وفي ألمانيا، قال ممثلو الادعاء إنهم يحققون في احتمالية أن تكون بعض الأموال التي تحدثت عنها السلطات السويسرية قد استُخدمت في شراء عقارات، لا سيما في ميونيخ.
ووفقا لأشخاص مُطَلعين على الأمر، فإن ممثلي دعاء فرنسيين يحاولون تحديد ما إذا كان الأخوان سلامة قد استخدما بعض هذه الأموال لشراء عقارات في فرنسا، بما في ذلك جزء من مبنى في الشانزليزيه.
وأكد القضاء في لوكسمبورغ في نوفمبر/تشرين الثاني 2021 أنه فتح قضية جنائية بحق سلامة، لكنه امتنع عن الإدلاء بمزيد من التعليقات.
وقال مصدر قضائي كبير إن المحققين الأوروبيين سيسعون لاستجواب أناس يتولون مناصب في مصرف لبنان ومسؤولين ماليين لبنانيين آخرين ورؤساء عدة بنوك تجارية بارزة كشهود.
وأضاف المصدر أن شخصا واحدا فقط، وهو يملك شركة تحويل أموال سيتم استجوابه كمشتبه به في القضية ومن المحتمل ألا يتم استجواب سلامة في الجولة الأولى.
وقال المصدر إن المحققين طلبوا معلومات حساب مصرفي من القضاء اللبناني. ولم يتضح على الفور ما إذا كان سيتم منحهم حق الوصول إلى البيانات.

قاض فرنسي سيزور بيروت لمتابعة قضية انفجار المرفأ
قاض فرنسي سيزور بيروت لمتابعة قضية انفجار المرفأ

وترفض قوى سياسية مثل حزب الله مشاركة القضاء الدولي في الكشف عن ملابسات العديد من الملفات في لبنان بذريعة الحفاظ على السيادة بينما يخشى الحزب انكشاف بعض الحقائق خاصة فيما يتعلق بالمسؤولية عن انفجار مرفا بيروت.
وفي ملف انفجار مرفأ بيروت يزور قاضي تحقيق فرنسي الشهر الحالي لبنان للاستفسار عن معلومات طلبها القضاء الفرنسي حول الانفجار ولم يحصل على أجوبة بشأنها، وفق ما أفاد مسؤول قضائي الأربعاء.
والتحقيق في الانفجار الذي وقع في الرابع من آب/أغسطس 2020 معلّق منذ نهاية 2021 جراء دعاوى رفعها تباعاً مُدعى عليهم بينهم نواب حاليون ووزراء سابقون ضد المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، المشرف على التحقيقات.
وقال المسؤول القضائي ان "قاضي تحقيق فرنسي سيزور لبنان في 23 كانون الثاني/يناير، على أن يلتقي في اليوم التالي القاضي صبوح سليمان، المحامي العام التمييزي الذي يتابع ملف المرفأ من جانب النيابة العامة".
وأضاف "يعتزم القاضي الفرنسي السؤال عن استنابات قضائية أُرسلت إلى لبنان في إطار تحقيق في فرنسا حول انفجار المرفأ"، مشيراً إلى أن الجانب اللبناني سيبلغه بأنه "لم يتلق الأجوبة كون التحقيق اللبناني لا يزال معلقاً".
وأكد وزير العدل موعد الزيارة، موضحاً أن الترتيبات المتعلقة بها وكيفية التعامل معها تعود إلى النيابة العامة التمييزية.
وبعد نحو أسبوع على الانفجار، كلفت النيابة العامة في باريس قاضيي تحقيق في دائرة الحوادث الجماعية بالتحقيق حول انفجار المرفأ، نظراً لوجود فرنسيين في عداد الضحايا. وفُتح التحقيق القضائي بتهمتي "القتل غير المتعمد" والتسبب "بإصابات بشكل غير متعمد".
ويوجد قتيلان فرنسيان على الأقل وأكثر من تسعين جريحاً في عداد أكثر من 215 قتيلاً و6500 جريح بفعل الانفجار.
ونجم الانفجار وفق السلطات، عن تخزين كميات ضخمة من نيترات الأمونيوم داخل المرفأ من دون إجراءات وقاية، إثر اندلاع حريق لم تُعرف أسبابه. وتبيّن لاحقاً أن مسؤولين على مستويات عدة كانوا على دراية بمخاطر تخزين المادة ولم يحركوا ساكناً.
ويؤجج تعليق التحقيق في لبنان والتدخلات السياسية المتكررة غضب عدد من أهالي ضحايا الانفجار الذين نظموا الثلاثاء وقفة احتجاجية أمام قصر العدل في بيروت. كما تطالب منظمات حقوقية الأمم المتحدة بإرسال بعثة تقصي حقائق مستقلة، أمام تعثّر التحقيق المحلي.