لبنان يقر ميزانية لا تلبي شروط صندوق النقد الدولي

مديرة السياسات العامة في منظمة 'كلنا إرادة' تعتبر أن ميزانية 2022 رجعية جدا في واحدة من أكثر الفترات حزنا للمجتمع اللبناني، مضيفة أن هذا يظهر أن لبنان لديه الآن دولة 'زومبي'.
الحكومة اللبنانية ترحل الإصلاحات المطلوبة إلى 2023
دخل كثير من اللبنانيين يقل عن 50 دولارا بسبب انهيار قياسي لليرة

بيروت - أقر البرلمان اللبناني ميزانية عام 2022 اليوم الاثنين مستخدما سعر صرف لإيرادات الجمارك يقل كثيرا عن القيمة السوقية لليرة اللبنانية، وهو ما لا يصل إلى مستوى الإصلاحات الاقتصادية التي من شأنها أن تمهد الطريق لاتفاق مع صندوق النقد الدولي.

ويُنظر إلى الاتفاق مع الصندوق على أنه خطوة أولى حاسمة للبنان للبدء في الخروج من انهيار مالي مستمر منذ ثلاث سنوات دفع معظم الناس إلى الفقر وأغرق البلاد في أسوأ أزمة منذ الحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990.

ودعا اتفاق على مستوى الخبراء في أبريل/نيسان بين الحكومة اللبنانية وصندوق النقد السلطات إلى زيادة الإيرادات لتمويل القطاع العام المعطل والسماح بمزيد من الإنفاق الاجتماعي من خلال احتساب الضرائب الجمركية "بسعر صرف موحد"، لكن البرلمان أقر ميزانية تحسب إيرادات الضرائب الجمركية عند 15 ألف ليرة للدولار. واستقر سعر السوق يوم الجمعة عند نحو 37 ألف ليرة للدولار.

وينظر المسؤولون إلى الموافقة على سعر صرف أعلى للواردات على أنها خطوة لن تحظى بشعبية في دوائرهم في الدولة التي تعتمد بشدة على الاستيراد.

وتحسب الميزانية التي اعتُمدت قبل ثلاثة أشهر فقط من نهاية العام الحالي، الإنفاق العام عند 41 تريليون ليرة، أو 1.1 مليار دولار بسعر السوق اليوم الاثنين، والإيرادات 30 تريليونا.

وزادت رواتب جميع العاملين في القطاع العام إلى ثلاثة أمثالها وشمل ذلك الجيش وقوات الأمن، ويبلغ دخل الكثيرين منهم الآن أقل من 50 دولارا بسبب انخفاض قيمة الليرة بأكثر من 95 بالمئة منذ عام 2019.

وقال إبراهيم كنعان النائب الذي يرأس لجنة الميزانية بالبرلمان لرويترز إن تبادل الآراء بين المسؤولين بشأن سعر صرف الإيرادات الجمركية كلف البلاد وقتا ثمينا، مضيفا أن الميزانية "استغرقت ستة أشهر وأن النقاش حول سعر الصرف ظل دائرا حتى مساء اليوم (الاثنين). هذا ليس صحيا".

وكان صندوق النقد الدولي أشار الأسبوع الماضي إلى أن التقدم نحو الإصلاحات "بطيء جدا"، وقال إن التأخير في إقرار ميزانية 2022 يعني أن التركيز يجب أن يتحول الآن إلى ميزانية 2023، مضيفا "يجب أن يستند ذلك إلى افتراضات واقعية للاقتصاد الكلي، مع إجراءات زيادة الإيرادات اللازمة ومنها استخدام سعر صرف واقعي لجميع الأغراض الضريبية".

وقالت سيبيل رزق مديرة السياسات العامة في منظمة 'كلنا إرادة' إن ميزانية 2022 لم تضع لبنان على طريق المساءلة المالية ولن توفر للحكومة الأموال اللازمة للاستثمار في الإنفاق الاجتماعي الرئيسي، مضيفة "إنها ميزانية رجعية جدا في واحدة من أكثر الفترات حزنا للمجتمع اللبناني".

وتابعت "هذا يظهر أن لبنان لديه الآن دولة زومبي. السلطات لا تبدي أي استعداد لبدء إصلاحات رئيسية لإعادة البلاد إلى مسار الاستدامة المالية واستدامة القدرة على الوفاء بالديون وتوفير الخدمات الأساسية للسكان". وقالت الحكومة إنه من المفترض أن ميزانية 2022 تصحيحية، لكن ميزانية 2023 ستتضمن إصلاحات أعمق.