لعبة الانتخابات!

بالإمكان دفع لعبة الانتخابات في العراق لتكون عملية تغيير مفيدة. الشعب يريد والطبقة السياسية لا تريد.
انتخابات بعد انتخابات وتضيق فسحة الامل ويخفت ضوء التفاؤل
من المؤسف ان تتحول السياسة في العراق الى لعبة لا يجيدها المخلصون
مرشحون يعلمون انهم غير جادين فيما يقولونه لكنها مباراة ولا بد ان يلعبوها

بين الربح والخسارة يسير المرشحون لانتخابات مجلس النواب العراقي في طريق الانتخابات، والذي لم يعد طويلا كما كان قبل عدة اشهر، فقد حسمت المدة التي تفصلنا الى خط سيره النهائي والمقرر في العاشر من شهر تشرين الأول/أكتوبر، كما تم اكمال او التصريح بإكمال كافة المتطلبات والشروط لإكمال هذا السباق.

السباق بدأ للمرشحين والاحزاب والكتل التي يبدون فيها كالعروس (او العريس حتى لا يزعل علينا الرجال) وهم بكامل زينتهم وهندامهم وابتساماتهم ووعودهم التي لو تحقق واحد من الف منها لاصبح العراق مثل سويسرا او بلاد إسكندنافيا.

لكن الحال هو الحال ان لم يزدد سوءاً وصعوبة وقساوة على العراقيين الذين تتراجع حياتهم وتتقدم معدلات وفياتهم، وتقل وتتراجع الخدمات يوما بعد يوم، وانتخابات بعد انتخابات تضيق فسحة الامل ويخفت ضوء التفاؤل بالتغيير الذي اصبح صعبا ان لم يكن مستحيلاً تحقيقه مع هذا الدمار والخراب الذي اصاب الانسان في صحته ونفسيته و.و.الى الحد الذي لم يعد مهما لدينا من الذي سيفوز او يخسر بقدر ما هو المهم ان نقلل الخسارات والاحباطات التي تلازم حياتنا.

لعبة الانتخابات بدأت وكل واحد من المرشحين يصرح ويعلن ويعد ويُمني الناس ان يقوم بكذا وكذا من الوعود والعهود التي سرعان ما تتبخر وتختفي كما يصفها احد المغنين (حجيك مطر صيف ما بلل اليمشون).

من المؤسف ان تتحول الانتخابات والسياسة والحياة بشكل عام في بلادنا الى لعبة لا يجيدها الناس المخلصون والوطنيون والمختصون في فروع العلم والمعارف والفنون، حيث يتصدر الساحة ويقتحم الفضائيات ووسائل التواصل والساحات والشوارع والجزرات الوسطية وكل ما يمكن ان يوضع عليه اعلان او دعاية او منشور مرشحون من مختلف الالوان والانواع والاحجام والطاقات والقابليات الا انهم او اكثرهم يفتقر الى صفة الاقناع والصدق فيما يقول او يعلن.

هذه اللعبة لم تعد تقنع الاطفال والناس البسطاء، بل حتى المرشحين انفسهم وعوائلهم والمقربين منهم يعلمون انهم غير قادرين او غير جادين فيما يقولونه او يصرحوا به، لكنها مباراة ولا بد ان نلعبها.

مجلس النواب القادم والطبقة السياسية المتحكمة والحاكمة للمشهد السياسي العراقي تستطيع ان تغير لعبة الانتخابات وتجعلها عملية تغيير مفيدة ومسيرة بناء جديدة لو يتم تقليل رواتب والغاء امتيازات النواب بحيث يكونون بحجمهم الطبيعي الذي هو في اغلب برلمانات العالم، موظف او مكلف بخدمة عامة لمدة محدودة وبراتب ومخصصات معلومة ومعلنة وتخضع للمراجعة والمحاسبة والتدقيق. يومها سوف لا يبقى في الساحة او لا يتقدم لهذا السباق الا من يريد العمل في هذا المجال لخدمة منطقته وبلده دون ان يكون همه وهدفه الاول ان يلعب هذه اللعبة من اجل الراتب والامتيازات والمخصصات والايفادات والوساطات والمنافع والوجاهات التي حولت اغلب النواب الى صورة لا تشبه ابداً صورتهم قبل الانتخابات.