لقاء بين الشيباني ومسؤولين أميركيين يمهد الطريق لتطبيع العلاقات

دمشق حريصة على رؤية خارطة طريق واقعية من الولايات المتحدة لتخفيف العقوبات بشكل دائم ما سينعكس ايجابا على الوضع الاقتصادي.
اللقاء محاولة جادة لتفعيل مسار تفاوضي قد يؤدي إلى رسم خارطة طريق لتخفيف العقوبات
واشنطن تتعامل مع الجهود السورية بحذر مع امكانية تغيير موقفها في المستقبل

دمشق - تسعى دمشق في الآونة الأخيرة إلى فتح قنوات تواصل مباشرة مع الإدارة الأميركية، في إطار سياسة أكثر براغماتية تهدف إلى كسر العزلة الدولية وتخفيف الضغوط الاقتصادية التي تعاني منها البلاد منذ سنوات. ويعكس اللقاء الذي جمع وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني بمسؤولين أميركيين في نيويورك محاولة جادة لتفعيل مسار تفاوضي غير معلن، قد يؤدي إلى رسم خارطة طريق تتيح تخفيف العقوبات تدريجياً، مقابل خطوات سورية محددة في ملفات إقليمية وداخلية. وبحسب مصادر مطلعة، ناقش الجانبان آليات بناء الثقة وشروط التعاون المتبادل، بما في ذلك ملفات الأمن الحدودي ومكافحة تهريب المخدرات.
في المقابل، يبدو أن واشنطن تتعامل مع المبادرة السورية بحذر، مدفوعة برغبة في الحفاظ على نفوذها في الشرق الأوسط دون تقديم تنازلات مجانية. ومع ذلك، فإن تزايد الانفتاح العربي على دمشق وإعادة بعض العواصم الإقليمية لعلاقاتها معها، قد يدفع الولايات المتحدة إلى إعادة تقييم موقفها، خاصة إذا ما رأت في الحوار مع دمشق فرصة لمنع عودة النفوذ الإيراني في سوريا. ويعتبر يعتبر الجانب السوري أن تخفيف العقوبات لا يمثل فقط مكسباً اقتصادياً، بل أيضاً اعترافاً ضمنياً بشرعية النظام واستقراره، وهو ما تسعى إليه القيادة السورية منذ سنوات.
ويزور الشيباني الولايات المتحدة لحضور اجتماعات في الأمم المتحدة، حيث رفع علم الثورة السورية ذي النجوم الثلاث ليكون العلم الرسمي لسوريا بعد 14 عاما من اندلاع الحرب.
وكان اجتماع أمس الثلاثاء هو الأول بين مسؤولين أميركيين والشيباني على الأراضي الأميركية، ويأتي بعد رد سوريا في وقت سابق من هذا الشهر على قائمة شروط وضعتها واشنطن لاحتمال تخفيف جانب من العقوبات.
ولم يعرف بعد المسؤولون الذين التقى بهم الشيباني لكن أحد المصادر قال في وقت سابق إن من المتوقع أن يلتقي بدوروثي شيا القائمة بأعمال السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة.
وأكدت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية تامي بروس أن "بعض ممثلي السلطات السورية المؤقتة" موجودون في نيويورك لحضور اجتماعات الأمم المتحدة، لكنها أحجمت عن قول ما إذا كان من المزمع عقد أي اجتماعات مع مسؤولين أميركيين.
وأضافت "نواصل تقييم سياستنا تجاه سوريا بحذر وسنحكم على السلطات المؤقتة بناء على أفعالها. لسنا بصدد تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع سوريا حاليا، ولا أستطيع أن أقدم لكم أي معلومات مسبقة بخصوص أي اجتماعات".

بوادر نيابية غير رسمية لتعزيز التقارب بين سوريا والولايات المتحدة
بوادر نيابية غير رسمية لتعزيز التقارب بين سوريا والولايات المتحدة

وقال أحد المصدرين إن دمشق حريصة على رؤية خارطة طريق واقعية من الولايات المتحدة لتخفيف العقوبات بشكل دائم، مع تقديم جدول زمني واقعي لتلبية مطالب واشنطن لرفعها.
وسلمت الولايات المتحدة سوريا الشهر الماضي قائمة بثمانية شروط تريد من دمشق الوفاء بها، منها تدمير ما تبقى من مخزونات الأسلحة الكيماوية، وضمان عدم تولي أجانب مناصب قيادية في الحكومة.
وكانت ناتاشا فرانشيسكي، نائبة مساعد وزير الخارجية بمكتب شؤون الشرق الأدنى، سلمت قائمة الشروط إلى الشيباني في اجتماع شخصي على هامش مؤتمر المانحين لسوريا في بروكسل في 18 مارس/آذار.
وتحتاج سوريا بشدة إلى تخفيف العقوبات لإنعاش اقتصادها المنهار بسبب سنوات الحرب التي فرضت خلالها الولايات المتحدة وبريطانيا وأوروبا عقوبات صارمة في محاولة للضغط على الرئيس المخلوع بشار الأسد.
وفي يناير/كانون الثاني، أصدرت الولايات المتحدة إعفاء لمدة ستة أشهر لبعض العقوبات لتشجيع المساعدات، لكن الإعفاء لم يكن له تأثير يُذكر.
وقالت مصادر في مارس/آذار إنه في مقابل تلبية جميع المطالب الأميركية، ستمدد واشنطن هذا الإعفاء لعامين وربما تصدر إعفاء آخر.
وفي ردها على تلك المطالب، تعهدت سوريا بإنشاء مكتب اتصال في وزارة الخارجية للعثور على الصحفي الأميركي المفقود أوستن تايس، وتفصيل عملها للتعامل مع مخزونات الأسلحة الكيماوية، بما في ذلك توثيق العلاقات مع منظمة عالمية لمراقبة الأسلحة.
ولكنها، بحسب الرسالة، لم تقل الكثير ردا على مطالب رئيسية أخرى، مثل إبعاد المقاتلين الأجانب ومنح الولايات المتحدة الإذن بشن ضربات لمكافحة الإرهاب.