مؤشرات ركود الاقتصاد العراقي تنذر بأزمة مع استمرار الحرب
بغداد – تسببت الحرب الإسرائيلية الإيرانية بأثر واضح على الاقتصاد العراقي، مع ارتفاع الأسعار وزيادة التضخم وتحذير الخبراء من إشارات الركود التي قد تتحول إلى أزمة أوسع تمس الاقتصاد الوطني، في ظل الاعتماد على الاستيراد من إيران سواء المواد الغذائية أو الغاز لتشغيل محطات الكهرباء.
ويبرز الركود في انخفاض أعداد رواد الأسواق التعاونية "الهايبر ماركت" بسبب غلاء الأسعار، الذي انعكس على كافة المحال والأسواق التجارية. وأفاد الخبير الاقتصادي منار العبيدي أن هيئة الإحصاء العراقية أعلنت عن تراجع معدل التضخم الشهري في البلاد بنسبة 0.3 بالمئة خلال شهر أبريل/نيسان، فيما سجلت نسبة التضخم السنوي العام 1.6 بالمئة، والتضخم الأساسي 0.6بالمئة
وأضاف في تدوينة على حسابه في فيسبوك أن أسعار المواد الغذائية واصلت الارتفاع السنوي بنسبة 3.2%، رغم انخفاض أسعار الخبز واللحوم والأسماك. ويعود السبب الى قفزات حادة في أسعار الفواكه والخضروات.
ورغم استفادة العراق من ارتفاع أسعار النفط عالمياً، لكنّ المحلّلين يحذّرون من أنّ هذه المكاسب قد تكون مؤقّتة أو حتى مضلّلة، وفي ظل تضخّم تكاليف الشحن والتأمين البحري، وتباطؤ حركة التبادل التجاري، ما يُنذر بتفاقم العجز المالي وعودة التضخّم إلى مستويات خانقة.
ويخشى الكثير من العراقيين من أن تؤدّي الضربات الإسرائيلية المتكرّرة ضد منشآت نووية إيرانية إلى تداعيات مباشرة داخل العراق، سواء على مستوى الإشعاع أو الأمن الغذائي، خصوصاً أنّ الموانئ العراقية تقع قرب المسرح العملياتي، ما أدّى إلى ارتفاع تكلفة الشحن البحري والتأمين، في وقت يعاني فيه العراقيون أزمة معيشيّة مستمرّة.
ويشعر المواطنين بالقلق وخاصة في العاصمة بغداد، ونوه المحلل الاقتصادي أحمد عيد، في تصريح لوكالة شفق نيوز المحلية، أن "الشعور بعدم الاستقرار المالي أصبح سائداً بين شرائح واسعة من المجتمع في ظل تفاقم الازمات الاقتصادية وتراجع القوة الشرائية للمواطنين".
وأضاف أن "ارتفاع الاسعار بشكل متواصل وتذبذب سعر صرف الدولار يعود الى ضعف السياسات المالية والنقدية، وان جميع هذه العوامل تسببت في تآكل الرواتب ودفعت الاسر لاعتماد اسلوب الاستهلاك الدفاعي الذي يقوم على تقليل الانفاق الى الحد الأدنى، ضمن محاولات محدودة للادخار تحسبا للطوارئ بسبب الاوضاع الراهنة في المنطقة".
وهذا النمط من السلوك لا يعكس هشاشة الوضع الاقتصادي فقط بل يسهم بركود الاسواق ايضاً ويضعف الدورة الاقتصادية التي تعتمد على الاستهلاك كمحرك رئيسي.
ولفت المحلل الاقتصادي أنه مع استمرار غياب الرؤية الاقتصادية وتراجع الاستثمار ومحدودية الدخل، تبرز فجوة كبيرة بين دخل المواطن والتكاليف الحياتية، منوهاً الى ضرورة اتخاذ اجراءات جادة وواقعية تبدأ بضمان استقرار دخل المواطنين وتفعيل الرقابة لضبط الاسعار ومنع التلاعب بها، فضلاً عن توسيع مظلة الحماية الاجتماعية واطلاق حزمة من الاصلاحات الاقتصادية لإعادة الثقة بين الدولة والمواطنين.
ويشير ركود الاسواق التعاونية وما تسجله من مبيعات خلال الشهرين الماضيين إلى هشاشة الاوضاع الاقتصادية، فالمبيعات في الأسواق التعاونية سجلت خلال الاشهر الاولى من افتتاحها مبيعات بقيمة 700 مليون دينار، لكل فرع وفق بيان لوزارة التجارة، فيما لاتوجد احصائية رسمية حالياً بالمبيعات الشهرية للأسواق التعاونية، إلا أن انخفاض أعداد الرواد والمتبضعين يدل على انخفاض المبيعات بهذه الاسواق، بسبب ضعف القدرة الشرائية للعديد من الشرائح الاجتماعية.
ويؤكد العديد من الموظفين أن الراتب الشهري لم يعد يغطي احتياجات الاسرة كما كان سابقا، بسبب ارتفاع اسعار المواد الغذائية الاساسية كاللحوم والفاكهة وغيرها وعدم استقرار الأسعار.
وكانت وزارة التجارة اكدت في وقت سابق، أن لديها مخزوناً كافياً من المواد الغذائية الأساسية، وأنها مستعدة لتلبية احتياجات المواطنين في جميع المحافظات، بما في ذلك إقليم كردستان.
وأوضح البيان، أن المخزون متوفر وجيد، وأن الوزارة قادرة على مواجهة أي أزمة عالمية محتملة، مشيرة الى أن توزيع الحصص التموينية يتم بشكل موحد في جميع المحافظات، وأن أي تأخير قد يكون بسبب إجراءات فحص إضافية.
ولم تقنع تصريحات الوزارة، المتعلقة بقدرتها على مواجهة أزمة محتملة، المواطنين، خاصة مع استمرار الحرب في المنطقة والقلق من توسع الصراع، وهو ما دفع العديد منهم إلى تقليل الانفاق تحسبا للطوارئ.