ماذا يقرأ الطفل؟

الأطفال يجب ان يختاروا ما يقرأون أو يتم مشاركتهم في اختيار كتبهم المفضلة، والأهل مطالبون بمعرفة ميول أطفالهم في القراءة لتنمية هذا الاهتمام وتنمية شخصية الأبناء بما يشمل قدرتهم على الاختيار.
د.منى النموري وأحمد سمير ترجموا "العلماء صغار السن" للعربية
هل هناك إشكالية في إصدار كتب علمية عربية للطفل؟
هناك صعوبات تواجه تسويق كتاب الطفل

قام المركز القومي للترجمة بترجمة سلسة بعنوان "العلماء صغار السن" وهي سلسلة من 12 كتاب لنوري فيتاشي وهي موجهة للأطفال من 6: 12 سنة، ترجمها للعربية أحمد سمير سعد، د.منىالنموري، آلاء محمد بيومي، وآخرون، ورسوم ستيبتشيونج.

وعادة ما تميل دور النشر إلى الاعتماد على  ترجمة الكتب العلمية عن تقديم محتوى عربي من البداية، ربما يعود ذلك إلى ضمان تحقيق مبيعات أكبر من خلال هذا المحتوى المترجم، فضلا عن الثقة التي تحظى بها هذه المجلات والكتب لدى الأسر، حيث أنه محتوى عالمي يقرأه كل الأطفال حول العالم، خاصة وأن هذه الكتب يتم دراسة المحتوى جيدا وغالبا ما يكون هناك هيئة إشراف من متخصصين مما يزيد من قوة المحتوى المقدم، ومع ارتفاع سعر الورق وكما تقول دور النشر صعوبة توزيع كتاب الطفل، قد يكون من المخاطرة بالنسبة لهم، أن يقدموا كتابا غير مضمون التوزيع وسط هذه المنافسة القوية مع الكتب الأجنبية.

أما بالنسبة للكاتب، فإن صعوبة النشر التي يواجهها الكاتب، تتمثل في أهمية أن يقدم محتوى تنافسي يمكن من خلاله تقديم المحتوى العلمي بشكل مبسط يناسب الفئة العمرية التي يقدم لها الكتاب، ويجد بعد هذا الجهد دار نشر تتحمس لنشره،  وربما يكون إنتاج مثل هذه الكتب أنسب للعمل المؤسسي منه للعمل الفردي، كأن تقوم دار نشر مثلا بالإعلان عن رغبتها في متخصصين في مجالات علمية معينة قادرين على تبسيط العلوم، وسط مشروع كامل تحت إشرافها أقرب إلى وجود إنتاج حقيقي عربي لهذا المحتوى، على أن يكون جاذبا، شيقا، ممتعا ومفيدا.

والكتاب العلمي يجب أن يكون شيقا، منظما، يتم دمج المحتوى العلمي مع الصور التي توضح وتشرح هذا الكلام، وضوح اللغة، يفضل لو كان هناك شيء تفاعلي يمكن للطفل تجربته مع أخذ كل احتياطات الأمان في التجارب التي يمكن تطبيقها، وحبذا لو كانت هناك إمكانية أن يتداخل ولي الأمر مع الطفل في هذه التجارب التفاعلية، والتي يكون لها أهدافا تربوية بجانب الأهداف العلمية.

ماذا يقرأ الطفل؟

وتتنوع اهتمامات الأطفال في القراءة حسب تنوع ميولهم، وحسب ما يتم اختياره من الأهل لهم لقراءته، فهناك أطفال تميل إلى قراءة قصص وحكايات الأساطير لما فيها من خيال، وهذا النوع من القصص له من الأهمية الكبيرة التي تربط الطفل بتراث الأجداد وإبداعاتهم، كما تؤثر في تنمية الخيال والإبداع لديهم، يبدأ من حكايات الجدات،  والتي ترتكز في السن الصغيرة على قصص الحيوانات مثل كليلة ودمنة، لأن أبطالها من الحيوانات يتكلمون ويفكرون ويخططون ويقدمون عالم الكبار للطفل بشكل يناسب سنه وعقله، كما تقدم قيم وحكم عظيمة، ولأن ما تقوله الجدات محبب للأطفال، فيكون هذا النوع من القراءات أول ما يتعرف عليه الطفل في طفولته، أو هكذا يجب أن يكون.

وهناك الكتب الدينية، وقصص الأنبياء، وقصص الحيوان في القرآن، وقصص الصحابة، وهذه الكتابات مع أهميتها إلا أنها تحتاج إلى مزيد دراسة وإعادة كتابة وتقديم بما يتناسب مع الفئة العمرية المستهدفة، فلا يجب أن تحكى القصة كما هي لطفل الروضة، وفي القصة أن إخوة سيدنا يوسف كادوا يقتلوه، وفي سن صغيرة يتصور الطفل أن ما يسمعه يمكن أن يحدث له، فيصيبه ذلك بالرعب من إخوته.

وهناك القصص التي تقدم التراث بشكل عصري وأذكر منه قصة "ليالي شهرزيزي" للمبدعة هديل غنيم ورسوم الرائعة سحر عبد الله.

كما هناك القصص الواقعية ومنها قصة "حياة وكريمة" وقصة "قنال لا تعرف المحال" للمبدعة الكبيرة سماح أبو بكر عزت، حيث قامت الكاتبة بربط أحداث حقيقية وواقعية بقصة من إبداعها، وكذلك رواية "ليلة النار" للمبدع الكبير ورائد أدب الطفل يعقوب الشاروني.

بالإضافة لقراءة الشعر الموجه للطفل وإن كان الإقبال على قراءته ليس كبيرا مثل القصص، ولكن لدينا شعراء كبار كتبوا أجمل الدواوين لأعمار سنية مختلفة، مثل الشاعر الكبير أستاذ أحمد سويلم، والشاعر الكبير أستاذ أحمد فضل شبلول، والشاعر عبده الزراع.

وحقيقة أتمنى لو أن كل الأطفال يختارون ما يقرأون أو يتم مشاركتهم في اختيار كتبهم المفضلة، أو معرفة الأهل ميول أطفالهم في القراءة لتنمية هذا الاهتمام بهذا الموضوع، وتنمية شخصية الطفل الذي يكون أحد عناصره، قدرته على الاختيار.

وعلى الرغم من أننا نتحدث دائما مع الأطفال عن تقبل الآخر، وتسعى الدولة من خلال جهود كثيفة إلى دمج ذوي الهمم في كل مجالات الحياة وليس التعليم فقط، ولكن هالني ما وجدته في بعض القصص من تنمر على ذوي الهمم وسخرية منهم، إلا أنه هناك كتابات قدمتهم بصورة جميلة مثل قصة "مي تضحك" للكاتب الكبير محمد عبد الحافظ ناصف، فمي هي طفلة لها يد بلا أصابع، كانت تخجل منها، إلا أن أستاذها بالمدرسة جعلها ترى قدمه المصابة من حرب أكتوبر 1973، فزال خجل الطفلة ولم تشعر بالحرج من ذلك، وهناك قصة "سر الاختفاء العجيب" للأستاذ يعقوب الشاروني، حيث جعل بطل قصته طفل مصاب بعرج في قدمه، إلا أنه أصر أن يبحث عن صاحبه رغم مشقة البحث وتعب وإرهاق من حوله من الأصحاء ومن الكبار، ليقدم رسالة جميلة وعظيمة من خلال قصته.أمالو سألنا كيف نقدم تلك الكتب للأطفال ذوي الهمم، فيجب الاهتمام بكيفية تقديم الكتاب وحكيه، واستخدام عدد كبير من الحواس أثناء القراءة أو الحكي.