متحف يؤرخ سيرة شامبليون مؤسس علم المصريات المعاصر

متحف جديد في فرنسا يسلط الضوء على حياة جان-فرنسوا شامبليون المعروف بتفكيكه رموز الهيروغليفية المصرية سنة 1822 واهتمامه الكبير بالشرق.

باريس - دُشن متحف جديد مخصص لسيرة جان-فرنسوا شامبليون مؤسس علم المصريات المعاصر والمعروف بتفكيكه رموز الهيروغليفية المصرية سنة 1822، الجمعة في منزله العائلي قرب مدينة غرونوبل جنوب شرق فرنسا.
ويفتح المتحف الواقع في منطقة فيف السبت أبوابه أمام العامة بعد خمس سنوات من التخطيط والأشغال التي تولتها السلطات المحلية في منطقة إيزير بمعاونة متحف اللوفر التي أعارت الموقع 82 قطعة.
ويمكن التنقل في أرجاء هذه الدار البرجوازية السابقة والغوص في الأجواء العائلية لجان فرنسوا شامبليون (1790-1832) والدور "المؤسس" للشقيق الأكبر جاك-جوزف شامبليون-فيجاك في الاكتشافات البارزة لشقيقه الأصغر، بحسب حافظة المتحف كارولين دوغان.
ويكتشف الزائر أثناء التجوال في الغرف المختلفة الاهتمام الكبير الذي كان يظهره هذا الباحث بالشرق، إذ يمكن رؤية اسمه منقوشا بالأحرف الهيروغليفية على عتبة في الغرفة، وزخارف مستوحاة من الفن الفرعوني على خزانة، ولباس مصري ارتداه شامبليون خلال زيارته للبلاد سنة 1828.
وأتاح شراء السلطات المحلية للمبنى سنة 2001 عرض مجموعات خاصة محفوظة من الورثة في العائلة، بينها ختم من حجر رشيد (الذي شكّل مفتاح حل شامبليون لغز الكتابة الهروغليفية)، إضافة إلى "مكتب تفكيك الرموز"، وهو مكتب خشبي صغير كان يعمل شامبليون عليه في شقته الباريسية عندما نجح في فك الرموز الهيروغليفية سنة 1822 ما شكّل نقطة انطلاق علم المصريات المعاصر.
وأوضحت فلورنس غومبير-موريس إحدى الحافظين الرئيسيين للمتحف، أن بعض القطع المأخوذة من مجموعات قسم الآثار المصرية في متحف اللوفر تذكّر بأن شامبليون "الذي كان يدرك أنه يعرّف بحضارة جديدة لباريس والعالم، كان قد صمم سنة 1826 أولى الصالات المخصصة لمصر القديمة في اللوفر.
واستعصى فك أسرار تاريخ مصر القديم قرونا عديدة، منذ أن نُقش آخر نص مكتوب بالخط المصري القديم "الهيروغليفية" في جزيرة فيلة، جنوبي مصر، عام 394 ميلاديا، واندثرت لغة المصريين "المقدسة" بموت آخر كهنتها، حتى استجاب "حجر رشيد" عام 1822 لجهود شامبليون، لتُبعث حياة في تاريخ مصر القديم وأسراره.
ودامت رحلة شامبليون فى مصر 18 شهرا اكتشف خلالها خمسين موقعا أثريا، وكتب تفاصيل ونتائج رحلته فى ستة مجلدات كبيرة بعنوان "آثار مصر والنوبة"، سجل فيها مشاهداته اليومية عن زيارته للآثار المصرية القديمة، وتعليقاته التفصيلية، والنصوص التاريخية خطوة بخطوة خلال إعادة اكتشاف مصر القديمة.
واستطاع شامبليون خلال حياة قصيرة مليئة بالصراعات، الشخصية والعلمية، أن يكشف أسرار وخبايا منظومة الكتابة المصرية القديمة، وقال خبراء: "لا تكمن عظمة شامبليون في كونه نصّب نفسه صانعا للمعجزات، بل في معرفته كيف جمع ومضات النور في عتمة الليل، يلملم شملها لتصير كشفا، جامعا في شخصه المكتشف الرائد والوارث لأعمال أسلافه، مؤسسا مشروعه على الدراسة والبحث وعلى مقدار يساويهما من الحدس".
وكتب شامبليون قبل فترة من وفاته رسالة إلى شقيقه الأكبر من مصر قال فيها: "إن كياني كله لمصر، وهي لي كل شيء"، لخّص فيها عشقا خاصا ومتلازمة جمعت بينه وبين مصر في حياته عبر دراسة لغتها وتاريخها العريق.
كما كتب رسالة أخرى لشقيقه يقول فيها: "لقد جمعت أعمالا تكفيني العمر كله".
توفي شامبليون فى الرابع من مارس/آذار 1832 عن عمر ناهز 42 عاما، وجرت مراسم جنازته في كنيسة سان روش، تلك الكنيسة التي كان لها مبلغ الأثر في حياته، والتي تعلم فيها اللغة القبطية، وكان قد أوصى بدفنه فى مقابر بير لاشيز في باريس، وأقيمت بجوار قبره مسلة على الطراز المصري القديم من الحجر الرملي.