'مترو غزة' يعطي شارة افتتاح تظاهرة 'تونس مسارح العالم'

الدورة الثانية للتظاهرة تؤكد على دور المسرح في نصرة القضايا العادلة ونشر السلام في العالم.

تونس - أحيت مؤسسة المسرح الوطني التونسي، كسائر المؤسسات المسرحية في العالم، اليوم العالمي للمسرح الموافق لـ27 مارس/آذار من كل سنة، وذلك في حفل احتضنته قاعة الفن الرابع بالعاصمة في سهرة الأربعاء، بحضور وزير التعليم العالي والبحث العلمي المكلف بتسيير وزارة الشؤون الثقافية بصفة وقتية المنصف بوكثير والمدير العام للمسرح الوطني التونسي معز المرابط والفنان المسرحي أنور الشعافي ونخبة من أهل الفن الرابع وأهل الثقافة والإعلام.

وتابع الجمهور إثر الحفل الرسمي للاحتفاء باليوم العالمي للمسرح عرضا من فلسطين بعنوان "مترو غزة" وهي من إخراج الفرنسي هيرڤي لويشيمول وأداء كلّ من شادن سليم وأحمد طوباسي وياسمين شلالدة.

وتتناول المسرحية قصّة شابّة من حيفا تقرّر السفر إلى غزّة لزيارة صديقها الّذي انقطعت أخباره. تلتقي الشابّة أشخاصًا غريبين منهم شابّ يعمل في المترو أو بالأحرى هو مترو هذه القصّة، وفتاة تملك شبه خيط يربطها بالصديق المفقود.

وقالت مؤسسة المسرح الوطني عبر صفحتها على فيسبوك "تحيي تونس هذا العام مع سائر دول العالم اليوم العالمي للمسرح.. للأسف تكتنف إحياء هذا اليوم نكهة من الآلام وجرعات من القهر والعجز أمام مشاهد التقتيل في غزة".

وأضافت "تحولت غزة إلى ركح كبير تتجسد فيه المأساة الإنسانية بكل أبعادها العميقة... لهذا أجمع أهل المسرح بأن من خصائص هذا الفن الجامع المتكامل أنه تأسيس حسي جمالي لعالم إنساني أكثر ألفة، وفي حوار دائم من أجل تطهير العالم الإنساني من أدران التكالب والتوحش والطغيان واستعباد الآخر".

وتابعت "لعلّ التفكير في إحياء يوم المسرح عالميا فيه فلسفة نزاعة إلى تأليف الضمائر الحية من أهل الفن الرابع على نبذ التقوقع والانطلاق بمحلية الإبداع إلى آفاق أرحب تتجاوز مدى العالمية إلى الكونية وتظل أثرا مؤثرا في الكينونة البشرية، فالمسرح يدافع عن حق الإنسان على اختلاف لونه وجنسه ودينه ولسانه في الوجود والعيش الكريم والتمتع بشغف بما في الحياة من رقي الأحاسيس ونبل المشاعر ومنابع الحسن والجمال".

وأشارت إلى أن "الفنانين المسرحين التونسيين بإحيائهم لهذا اليوم العالمي لواعون تمام الوعي أنهم بما ينحتونه على مدار السنة من إبداعات وإنتاجات مسرحية إنما يحاولون الإسهام في نصرة القضايا العادلة وتوجيه دفة الإنسانية إلى بر السلام الشامل الذي ينعم فيه كل فرد من أفراد العالم بحقه في الحياة والحرية والعيش كما يشاء هو لا كما يسطره الآخرون".

يصنع المسرح بمختلف أشكاله الفنية وجها شغوفا بالحياة لا تقدر الواقعية التي نعيش في ظل أزماتها المتكررة أن تصنعه لذلك قيل دوما "أعطوني مسرحا أعطيكم شعبا عظيما"، فالفن الرابع أداة سحرية تبث العظمة في حياة الشعوب إن حسن توظيفها، وفق مؤسسة المسرح الوطني، مضيفة "عاش المسرح في تونس وفي العالم عاش المسرحيون جميعا وكل عام وأهل الفنّ الرابع أرقى وأنقى".

وقال المنصف بوكثير في كلمة ألقاها بالمناسبة إن المسرح هو فعل إنساني مُتجدّد بامتياز وفن لا يتوانى عن خدمة القضايا الإنسانية العادلة ولا يقايض في الانتصار للقيم التي تؤسس للمجتمعات الراقية رغم اختلاف الفكر والتصور، مضيفا "هذا ما جعل المسرح فنا خالدا لا ينحني أمام أي غياب ولا تكبّله القيود أو تحدّه الحدود".

ولفت إلى تزامن اليوم العالمي للمسرح مع ظرف دقيق تشهد فيه غزة مأساة إنسانية قاتمة الملامح، مؤكدا على الحاجة إلى وقفة تأمل في ماهية ما يقدمه هذا الفن النبيل من إبداعات وإنتاجات خدمة لكل القضايا الإنسانية وفي مقدمتها حق الشعوب على اختلافها في تقرير مصيرها والعيش في أمن وسلام"، مشددا على ضرورة الحرص على الالتحام بالواقع الإنساني واستنباط أعمال فنية تسهم في صقل مجتمعات راقية ترفع أفرادها إلى مستوى قيم وجمال ينير العقول ويهذّب الأذواق ويغذي الأرواح.

ووفقا لوكالة تونس أفريقيا للأنباء، فإن المدير العام للمسرح الوطني التونسي معز المرابط شبّه الفن الرابع بأنه "أداة سحرية تبث العظمة في حياة الشعوب إن حسن توظيفها"، متحدثا عن دور الفن الرابع في الانتصار لقيم المحبة والسلام ونشر الفضائل والجمال.

وكرّم المنصف بوكثير الفنان المسرحي أنور الشعافي الذي سبق له إدارة مؤسسة المسرح الوطني التونسي بين سنتي 2011 و2014.

وألقى الشعافي إثر هذا التكريم كلمة بعنوان "الفن هو السلام" كتبها الفنان المسرحي النرويجي يون فوسيه الحائز على جائزة نوبل للآداب 2023. وقد تضمّنت كلمته التي تُرجمت لأكثر من 30 لغة عالمية، دعوة للسلام في ظل ما يشهده العالم اليوم من صراعات وحروب مدمرة.

وكانت الدورة الثانية لتظاهرة "تونس مسارح العالم" انطلقت في السادس والعشرين من مارس/آذار الحالي من مدينة الكاف بعرض "رقصة سماء" للمخرج طاهر عيسى بالعربي وإنتاج المسرح الوطني التونسي بالشراكة مع مركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف.

وتتواصل عروض هذه الدورة في سهرة الخميس مع عرض "صمت" للمخرج الكويتي سليمان البسام، يليها يوم 29 مارس/آذار عرض مسرحية "حادثة على الطريق" للمخرج الروسي ديمتري يوماشيف. ويتابع الجمهور في اليوم نفسه بقصر المسرح في الحلفاوين عرض "حلمت بيك البارح" للبنى مليكة، ثم يكون الموعد يوم 30 مارس/آذار مع مسرحية "آلباتروس" للمخرج الشاذلي العرفاوي، في حين يحتضن قصر المسرح في السهرة نفسها العرض الكوريغرافي "طير" لسفيان ويسي.

ويسهر جمهور الفن الرابع يوم 31 مارس/آذار مع مسرحية "بلا عنوان" لمروى المناعي، ثم يليها يوم 1 أبريل/نيسان عرض مسرحية "حاجة… أخرى" لمحمد كواص، ليسدل الستار على هذه الدورة يوم 2 أبريل/نيسان بعرض مسرحية "قرط" لمحمد بوسعيدي.