محاسنة والعمري والسواعير يستحضرون في قصائدهم توجعات الروح وتجلياتها

بيت الشعر بالمفرق يستضيف مساء الاحد الشعراء الثلاثة في أمسية تناغمت فيها أجواء الشهر الفضيل والقضايا الإنسانية وخاصة ما آلت إليه الأوضاع في وفلسطين.

وسط حضور لافت من المثقفين والأدباء والمهتمين، استضاف "بيت الشعر بالمفرق" مساء الاحد، الشعراء: محمد عبدالرزاق السواعير الدكتورة إيمان العمري، والدكتور محمد محاسنة، في أمسية رمضانية، بحضور مدير بيت الشعر الكاتب فيصل السرحان، وأدار مفرداتها الشاعر الدكتور ماجد العبلي الذي أفتتح الأمسية بالقول: مثمنا الدور الكبير ومقدرا لصاحب مبادرة بيوت الشعر في الوطن العربي سمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة وعلى دعمه المتواصل للثقافة والمبدعين العرب في كافة الأجناس الأدبية.

إلى ذلك تناوب الشعراء في قراءتهم الشعرية التي تناغمت وأجواء الشهر الفضيل والقضايا الإنسانية وخاصة ما آلت إليه الأوضاع في وفلسطين، وكما حلّق بقصائدهم في فضاءات الحب والجمال والدهشة في نسج إبداعتهم.

القراءة الأولى كانت للشاعر الدكتور محمد المحاسنة بدأ بقصيدة "قراءةٌ جديدةٌ في ثنائيةِ الماءِ والظلِّ" الذي يقول فيها:

إنّي مِنَ الماءِ مخلوقٌ ومُبتكرُ

أطرّزُ النّورَ في الآفاقِِ مُعجزةً

أبددُّ الكونَ في أفياءِِ عاطفةٍ

نقشتُ فوقَ الدَّوالي ماءَ قافيتي

فكَمْ حَلُمتُ بنارِ الطّورِ تُؤنسني

مِن الهَباءِ أتانِي تائهًا نَزِقًا

تبعثرَ الوهمُ في المرآةِ أرديةً

تأملُّ الظلِّ في التأويلِ أرهَقَني

إنّي أنا الفيضُ من مَكنونِ أزمنتي

في الجُبّة الكونُ في قلبي نسجتُ لها

سأمتطي التّيهَ مِن شَغفِي بِمعرفَتي

أهشُّ بالرّوحِ أقضي من مآربِها

ماذا أخبّئُ مِن أورامِ ذاكرتي

اركضْ بقلبكَ فالألواحُ باكيةٌ

إنّي أتيتُ من المجهولِ تحمِلُني.

من جهتها الشاعرة إيمان العمري التي أخذي الحضور إلى مساحات البوح الشيف وحرية القول الشعري منتصرة لحواء وجنتها وللمرأة، قصيدة مسبعة بالترانيم الصوفية ووجدانية الروح وتهجداتها في محراب المحبة وتجليات الروح.

من قصيدتها "قصيدة جنة حواء" نقتطف منها:

 أنا حرة في أرضه مرسومة

أسطورة المعنى إلى حوائي

مرآته في أرضه عطرية

والنون ترسم أبدع الأسماء

وأرى جلال الله في كلّ الورى

طقس الضياء وصنعة الحرباءِ

ولقد رسمتك أحرفاً بفضائي

وهجي وشوقي تستبين سمائي

والغصن يرنو للزهور مدللاً

وأنا البلاغة والسطور ندائي

والحسن شرح قد يطول بديعه

والفجر باب سابح بدمائي

في خاطري أنجبت ألف قصيدة

لكنها بقيت برحم حيائي

إن تعشق الصلصال يبساً تبتلى

طبع العروق شغوفة بالماء

أنا لست نائمة بجرحي يا أبي

لكن أمي أبدعت ببكائي

إن كان صوت الحقّ مني عورة

فعلى البلاد حدادنا ورثائي

أنا جملة في أرضه مكنونة

ومواسم الأمطار ردن دعائي

في الحب لا يعلو علىّ مزاود.ٌ

أفنت دموعاً بالبكا صحرائي

وأنا ابنة الحبّ التي قد نورت

في سفرها كقصيدةٍ عذراءِ

أنا سيرة الطهر التي قد نوّرت

أنا دهشة الأشياء في الأشياء

أنا أمة في الحبّ أحمل وردة

والأرض أصغر من عيون رجائي

أرعى الغمام وفي السماء تصبني

يا أرض ربي إن ماءك مائي

وتحجّ روحي كلّ يومٍ مرةً

ويسير صبحي صوب حلم مسائي.

أما الشاعر محمد عبدالرزاق السواعير، طاف بنا في أجواء الشمس وخريفها، قصيدة تعاتب الروح والعمر الذي مضى، باثا فيها شؤونه وشجونها بلغة معبرة عما يجول في داخله من توجع وحب وألم وعشق، مستذكرا الأشياء والحكايا التي كان الأثر في الحياة.

من قصيدته "شَمسُ ... الخَريف" نطالع هذه الأبيات المفعمة بالمشاعر حيث يقول:

حَكَمَ  الزَّمانُ  على  يَديكِ فَوَقِّعِي

 يا طِيبَ مَن جَاءَت  بِغَيرِ  تَوَقُّعِ   

أَرجَعتِ    عُمري  أَربَعينَ   تَوَجُّعَاً

لم تُدركِي  رَغمَ الأَنينِ   تَوَجُّعِي 

هَل تَذكُرينَ  دَفاتِري ومَلاعِبي ؟!!

 وحِكايَةً   طُوِيَت   بِتلكَ  الأَربُعِ  

والصَّحبُ في الجَمعِ الجَميلِ تَسامَروا

وَلأَنتِ  أَجملُ مَن بِذاكَ  المَجمَعِ

طَارَ الحَمامُ   ورَفُّهُ   لا  يَنثَنِي

وهَدِيلُهُ   بَينَ   الجِهاتِ   الأَربَعِ   

فَلَسَعتِ  صَبَّاً  والشِّفاءُ   بِريقِكُم

والمَوتُ  لِلمُشتَاقِ  إِن  لَم تَلسَعِي  

ما  زِلتُ  أَذكُرُ  كَيفَ  كانَ  لِقاؤُنا

وَازدادَ   مِن   حَرِّ   الِّلقَاءِ  تَوَلُّعِي  

وقَرأتُ   أَلفَ   رِوايَةٍ    ورِوايَةٍ

ونَظَمتُ  أَلفَ  قَصيدَةٍ  إِن تَجمَعِي.

هذ وقام فريق فضائية الشارقة بتغطية فعاليات الأمسية وإجراء الحوارات مع الشعراء حول مشاركتهم الغنية.