مخاوف أنقرة الأمنية ومواجهة قسد تغذي مطالب التطبيع مع دمشق

زعيم حزب “الحركة القومية” ينتقد اقامة انتخابات البلديات التابعة لـ”الإدارة الذاتية” لشمال شرقي سوريا معتبرا أنها مرحلة جديدة قادمة لتقسيم تركيا.

أنقرة - دعا زعيم حزب “الحركة القومية” التركي دولت بهشلي للتواصل مع دمشق للقيام بعملية عسكرية مشتركة للقضاء على حزب “العمال الكردستاني” في مناطق شمال شرقي سوريا، فيما يتزايد الحديث في تركيا بما فيها أحزاب معارضة عن تطبيع العلاقات مع سوريا باعتباره مصلحة مشتركة للبلدين رغم وجود خلافات بشأن العديد من الملفات.

وأضاف بهشلي خلال اجتماع أسبوعي أجراه الثلاثاء مع حزبه “يجب إقامة تعاون مع دمشق للقضاء على مصدر المنظمة الإرهابية الانفصالية من خلال العمليات العسكرية وبناء جسر من العلاقات لعدم السماح للإرهابيين بغزو المنطقة”، بحسب صحيفة "جمهورييت" التركية.

وانتقد زعيم حزب “الحركة القومية” انتخابات البلديات التابعة لـ”الإدارة الذاتية” لشمال شرقي سوريا المظلة السياسية لـ”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) والتي من المقرر انطلاقها في 11 من يونيو/حزيران المقبل، معتبرا أنها مرحلة جديدة قادمة لتقسيم تركيا.
وتصنف تركيا حزب “العمال الكردستاني” على قوائم “الإرهاب”، كما أن الحزب مصنّف على قوائم “الإرهاب”، لدى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وعدد من الدول الأوروبية.

وتعتبر تركيا “قسد” امتدادًا لـ”العمال الكردستاني”، وهو ما تنفيه “قسد” رغم إقرارها بوجود مقاتلين من الحزب تحت رايتها وشغلهم مناصب قيادية.

وتابع إن تركيا “ليست دولة استعمارية أو الولاية 51 للولايات المتحدة الأميركية، ومن غير الممكن أن تكون كذلك”، في إشارة إلى دعم واشنطن الحوار مع قسد،  وقال أنه يجب انسحاب الولايات المتحدة من سوريا والعراق.

ومنذ مطلع العام الحالي، أعلنت “الإدارة” عن مساعيها لإقامة انتخابات البلديات في مناطق سيطرتها، وقالت، وفق بيان في 29 من أبريل/نيسان الماضي، إنها تجري إحصاء لعدد السكان في مناطق سيطرتها، وذلك قبل موعد الانتخابات.
وتشير تصريحات بهشلي إلى مدى الاستياء التركي المتزايد من الحلفاء بشأن القضية الكردية، ففي وقت سابق من الشهر الحالي قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إن بلاده تركت عملها في مكافحة “الإرهاب” غير مكتمل في سوريا بسبب وعود قطعها حلفاؤها ونكثوا بها.

وأضاف خلال كلمة ألقاها بعد اجتماع مجلس الوزراء الرئاسي في العاصمة التركية أنقرة، أنه طالما يمكن لحزب “العمال الكردستاني” إيجاد مكان للعيش في سوريا والعراق، لا يمكن لتركيا أن تشعر بالأمان.

واعتبر أن من وصفهم بـ”بارونات الإرهاب” في سوريا يغتنمون كل فرصة، للتدخل في السياسة والضغط على مواطني بلاده، معتبرًا أنه لا يمكن لأي دولة أن تتجاهل مثل هذا التهديد.

وسبق أن تحدث وزير الخارجية التركي السابق، مولود جاويش أوغلو عام 2019، عن أن الخطوات المتخذة من جانب الولايات المتحدة، أو التي قيل إنها اتُّخذت في سبيل إنشاء “منطقة آمنة”، هي خطوات “شكلية”.

وأضاف حينها “الولايات المتحدة لم تلتزم بتعهداتها وفي مقدمتها خارطة طريق منبج، بسبب انخراطها في علاقات مع تنظيم بي.كي.كي الإرهابي”.

وتطمح أنقرة لإقامة “منطقة آمنة” بعمق 30 إلى 40 كيلومترًا داخل الأراضي السورية، وإخراج مقاتلي “قسد” منها، وهو ما يشمل معظم أجزاء محافظة الحسكة، وأجزاء أخرى من ريف حلب الشرقي والرقة.

وتعتبر الولايات المتحدة الأميركية الداعم الرئيس لـ”قسد”، بينما تمنع روسيا حليفتها تركيا من إطلاق عمل عسكري ضد “قسد” في منبج وتل رفعت حيث لا وجود للقوات الأميركية. وطرحت روسيا، العودة إلى "اتفاقية أضنة" الموقعة عام 1998، والتي تسمح للقوات التركية بالتوغل في الأراضي السورية لمسافة 5 كيلومترات فقط لملاحقة الفصائل الكردية.

ولعبت روسيا دوراً مهما في الوساطة بين أنقرة ودمشق، وسبق أن استضافت العاصمة موسكو أول لقاء علني بين الطرفين نهاية 2022، ولذلك يرى محللون أن الدور الروسي مهم في هذا الجانب.

وتتمركز قوات الجيش السوري على الحدود بين سوريا وتركيا وفق تفاهمات مع “قسد” في محاولة من الأخيرة لإثبات عدم وجودها على الحدود التركية، وهو ما لم يقنع تركيا خلال السنوات الماضية.

ويبدو أن تركيا تبدي اهتماما بالتطبيع مع الرئيس السوري بشار الأسد رغم العراقيل التي واجهت هذا المسار اذ تشير التصريحات بهذا الشأن إلى أن أنقرة تجد أن مصلتها ومصلحة دمشق تلتقي ضد قسد.
وتحدثت تقارير صحفية عن استمرار الاتصالات بين تركيا والنظام السوري من أجل تطبيع العلاقات والذي يحول دونه ملفات معينة لا زالت محط خلاف بين أنقرة ودمشق، بينما انتقدت المعارضة سياسة الرئيس رجب طيب إردوغان بهذا الشأن.

وقال زعيم المعارضة التركية رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل أن حكومة أردوغان ارتكبت العديد من الأخطاء سواء فيما يتعلق بالأزمة السورية أو مشكلة اللاجئين.

وأضاف أوزيل، الذي تبنى في الفترة الأخيرة خطاباً أقل حدة من خطاب سلفه كمال كليتشدار أوغلو تجاه اللاجئين السوريين دون اختلاف في المبادئ بشأن التعامل مع الملف السوري، إنه يدافع عن التفاوض مع الرئيس السوري بشار الأسد وفرض السلام في سوريا.

ووجّه أوزيل في مقابلة تلفزيونية، انتقادات إلى السياسة التي اتبعتها الحكومة التركية مع الأزمة في سوريا منذ بدايتها، قائلاً إن مؤسس الجمهورية التركية، مصطفى كمال أتاتورك، أسس السياسة الخارجية على مبادئ أساسية تتمثل في عدم التدخل في شؤون دول الجوار الداخلية واحترام وحدة أراضيها وعدم التعامل مع العناصر غير الحكومية في هذه الدول، فكيف يمكن أن ندعم خطاب الصلاة في الجامع الأموي في دمشق الذي أطلقه أردوغان عام 2011؟ وكيف يمكننا قبول الاتفاقيات مع روسيا وأميركا على دوريات مشتركة في سوريا. وأضاف "أعارض تماماً كل ما أدى إلى تدفق 4 إلى 5 ملايين لاجئ إلى تركيا بسبب السياسات الخاطئة".