مخرجان فلسطيني وإسرائيلي يجتمعان في برلين بـ'لا توجد أرض أخرى'

الفيلم الوثائقي للفلسطيني باسل عدرا والإسرائيلي يوفال أبراهام يوثق معاناة الفلسطينيين بالضفة الغربية.

برلين - استغرق المخرج الفلسطيني باسل عدرا 30 ساعة للوصول إلى برلين قادما من منزله في الضفة الغربية لحضور العرض الأول لفيلمه الوثائقي "لا توجد أرض أخرى" (نو أذر لاند) في مهرجان برلين السينمائي الدولي "برليناله" السبت.

على النقيض منه، لم يحتاج يوفال أبراهام المخرج الإسرائيلي المشارك في الفيلم أيضا سوى أربع ساعات للوصول إلى العاصمة الألمانية من منزله الذي يبعد نصف ساعة فقط عن منزل باسل.

ويوثق الفيلم الذي أمضى المخرجان خمس سنوات في إعداده نضال باسل للحفاظ على قريته "مسافر"، في الوقت الذي تتعرض فيه القرية لاعتداءات متكررة من القوات الإسرائيلية والمستوطنين في الضفة الغربية المحتلة.

ويسلط الفيلم الضوء على الواقع الموازي الذي يعيشه الصديقان، يوفال بلوحة أرقامه الإسرائيلية الصفراء التي تسمح له بالسفر إلى أي مكان، وباسل الذي يعيش محاصرا في منطقة صغيرة يئن الفلسطينيون بين جنباتها.

وقال باسل "يجب أن أطلب تأشيرة ثم أسافر من الضفة الغربية إلى الأردن وأستمر في عبور نقاط التفتيش والحدود ثم أصل للأردن وبعدها أسافر بالطائرة".

بينما قال يوفال "إننا نبعد عن بعضنا مسافة 30 دقيقة تحت السيطرة الإسرائيلية نفسها، ولكن بالنسبة لباسل، ربما استغرق الأمر 30 ساعة للوصول إلى هنا، وبالنسبة لي فإن الوصول إلى المطار يستغرق 20 دقيقة".

واحتلت إسرائيل الضفة الغربية في حرب عام 1967 وتوسعت في بناء المستوطنات اليهودية هناك منذ ذلك الحين. ويريد الفلسطينيون أن تكون الضفة الغربية ضمن دولتهم المستقلة في المستقبل.

وأصبحت مشاهد الفيلم مألوفة بما فيه الكفاية للمتفرجين، بداية من الجنود الإسرائيليين الشباب الذين يحرسون الجرافات والأبناء المصابين والأمهات والأطفال الباكين والأسمنت الذي يصبه العمال في الأراضي القاحلة.

لكن مجموعة الفيلم، التي تضم أيضا المصور الفلسطيني حمدان بلال والمصورة السينمائية الإسرائيلية راشيل سزور، تُظهر أيضا تأثير مثل هذا الاختلاف على حياة الصديقين.

ورغم كونهما صديقين حميمين، لا يستطيع يوفال إخفاء حالة الخزي التي يشعر بها بسبب الحرية التي ينعم بها ولا يشعر بها صديقه باسل.

ولا يستطيع باسل دائما أن يخفي عن صديقه حالة الغضب التي تنتابه بسبب هذا الوضع.

وتفاقم الوضع في الضفة الغربية في العامين الماضيين. وفي ديسمبر/كانون الأول، قالت الأمم المتحدة إن نحو 300 فلسطيني قتلوا في الضفة الغربية منذ اندلاع الحرب في غزة بالإضافة إلى اعتقال نحو خمسة آلاف آخرين، وحذرت من أن وضع حقوق الإنسان آخذ في التدهور بسرعة.

واندلعت الحرب في غزة بعد هجوم شنه مسلحون من حركة حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

ووقع الاختيار على الفيلم لعرضه في المهرجان بعد وقت قصير من بدء الحرب بين إسرائيل وحماس.

وبالنسبة ليوفال الذي ولدت جدته في معسكر اعتقال في ليبيا كان يديره حلفاء ألمانيا من الفاشيين الإيطاليين، فإن رسالة الفيلم موجهة أيضا إلى ألمانيا، الداعم القوي لإسرائيل.

وقال "أعرف أن الألمان يشعرون بالذنب من الهولوكوست (المحرقة النازية)، وأعتقد أنهم يجب أن يشعروا بالذنب… لكن لا تستخدموا هذا الشعور بالذنب كسلاح الآن لإيذاء عائلة باسل، أو لدعم الحرب في غزة التي دمرت المكان بأكمله".

ويشكل هذا الحدث في برلين، الذي يقام في الفترة من 15 إلى 25 فبراير/شباط الجاري ، باكورة المهرجانات الأوروبية السنوية الثلاثة الكبرى، قبل مهرجان كان الفرنسي في مايو/أيار والبندقية الإيطالي في سبتمبر/أيلول.

ويقدم مهرجان برلين في نسخته الرابعة والسبعين برنامجا متنوعا مع مخرجين وممثلين من جميع أنحاء العالم ونجوم وأفلام وثائقية سياسية وسينما فنية وتجريبية.

ويقام المهرجان، الذي عُرف على امتداد تاريخه بالتزامه السياسي، وسط توترات عالمية كبيرة هذا العام.